رسالة قصيرة على تويتر يتباكي فيها أحد المناصرين للمهندس عبد المنعم الشحات على سقوطه في الإنتخابات قائلا : " لقد خان الإخوان الشحات وتحالفوا مع النصارى والليبراليين لإسقاطه " .. فرد عليه أحد المتوترين قائلا : " عاش عبد المنعم الشحات موحد المصريين". والواقع أن توحيد المصريين بهذا الشكل يخرج عن أن يكون مزحة تويترية إلى حقيقة مجتمعية .. فالرجل الذي اعتبر الديمقراطية ليست حراما فقط ولكنها أيضا كفر بواح، والرجل الذي إختصر أدب نجيب محفوظ في الدعارة وأنه يصور مصر كماخور كبير .. كان من الطبيعي ألا يكتفي المجتمع المصري بإسقاطه في الإنتخابات ولكن أيضا أن تسود حالة من الفرح لهذا السقوط دون أن يعني ذلك أن يتخلى المجتمع عن تعاطفه مع التيارات الإسلامية بما فيها التيار السلفي.. نفس هذا المجتمع الذي نفر من علياء المهدي المدونة التي صورت نفسها عارية على مدونتها ورفعت الصور العارية إلى موقع اليوتيوب باسم الحرية .. والتي أدان فعلتها الليبراليون وأنصار الحرية .. وتم طردها من ميدان التحرير يمثل المهندس عبد المنعم الشحات أقصى اليمين في تيار الإسلام السياسي الذي يعتبر الديمقراطية كفرا ويعتبر نجيب محفوظ داعرا ويزايد آخرون فيطالبون بفرض الجزية على الأقباط ..وبتغطية التماثيل وتنقيب نفرتيتي وإعادة ذقن أبو الهول وتدمير المسلات لأنها تثير خيالا جنسيا .. وتمثل علياء المهدي أقصى اليسار في تيار الليبرالية التي تعتبر التعري الكامل وممارسة الجنس في الطريق العام بلا قيود (مثل القطط والكلاب) من ضمن الحريات الشخصية.. من الظواهر الصحية في المجتمع المصري أنه مازال قادرا على لفظ التطرف الديني أو التطرف الليبرالي .. خرج الملايين من المجتمع المصري يطالبون بالحرية .. ولكنهم يعلمون حدود الحرية التي تسمح بها أخلاقيات المجتمع ويرفضون تخطيها .. وخرج الملايين من المجتمع المصري يصوتون للتيار الإسلامي ولكنهم يدركون أن الآراء المتطرفة تسئ للإسلام ولا تعبر عنه ولا عن المجتمع المصري ذي النزعة الوسطية المحافظة .. أعرف سلفيين كثيرين وإسلاميين أكثر لا يوافقون المهندس عبد المنعم الشحات على آرائه .. وأعرف ليبراليين أكثر وأكثر يشمئزون من إدعاءات علياء المهدي.. ومهما حاول الإعلام أن يركز على الظواهر الشاذة والآراء المتطرفة في الجانبين فالمجتمع قادر على لفظ الشواذ مهما بدا صوتها زاعقا .. ولكن الضرر الذي يحققه الإعلام عندما يركز على هؤلاء أنه يجعل المجتمع يضيع كثيرا من الوقت والجهد وهو ينتقد ويفند ويناقش ويسخر ويتهكم أو يخاف من هذه التفاهات .. نحن أولى بكل هذا الجهد والوقت للتركيز على قضايا مصر الجادة بدلا من إبراز متطرفي أقصى اليمين وأقصى اليسار ومحاولة الإيهام بأنهم يمثلون التيار الرئيسي من المجتمع المصري