محافظ المنوفية يحيل عددا من المختصين بإدارة حماية أملاك الدولة للنيابة العامة    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    كل ما تحتاجه الأسرة من منتجات غذائية ولحوم وخضار بسوق اليوم الواحد بالجمالية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    السيسي يتابع الموقف التنفيذي للمشروعات الصناعية وتوفير المواد الخام اللازمة للعملية الصناعية    تموين سوهاج: توريد 184 ألف طن قمح للصوامع والشون منذ بدء الموسم    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    تحذير دولي صارخ.. صحيفة إسبانية: الجوع يفتك بسكان غزة وسط شح الغذاء والماء    منتخب مصر يواجه أنجولا في بطولة أفريقيا لسيدات كرة السلة    محافظ أسوان يكلف معاونه ومسئولي الوحدات المحلية بمتابعة تجهيز 190 لجنة انتخابية    صحة بني سويف: قرية هلية مسقط رأس والدة ضحايا قرية دلجا بريئة من دماؤهم (خاص)    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    كاظم الساهر ناعيا زياد الرحباني: خسارة لا تعوض للفن العربى    المخرجة عبير علي فى ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها    إطلاق حملة توعوية من المركز القومي للبحوث للتعريف بالأمراض الوراثية    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزير التعليم يعتمد جدول امتحانات الثانوية العامة "الدور الثانى 2025" .. اعرف مواعيد الاختبارات    «خلافات بين عائلتين».. تأجيل محاكمة متهم بقتل جاره في مغاغة بالمنيا    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    عمرو السولية لميركاتو: حققت مع الأهلي كل حاجة في 9 سنوات    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    خوارزميات صناعة الأزمات!    بعد انتهاء معسكر تونس .. الأهلي يتجه إلى مطار قرطاج لبدء رحلة العودة للقاهرة    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    ضبط 118709 مخالفات مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس الخامس للشباب    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    شوبير: الزمالك يعلن عن 3 صفقات خلال ساعات.. وحسام عبد المجيد يغلق صفحة الرحيل    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    عامل وراء حرق مطعم يعمل به لإخفاء جريمة سرقة    مدحت العدل يساند أنغام بعد أزمتها الصحية.. وصورة من ألمانيا تطمئن الجمهور    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    شعبة الذهب والمعادن تستعد لصياغة استراتيجية لإحياء صناعة الفضة فى مصر    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    محافظ سوهاج يناقش الموقف التنفيذي لإنشاء وتطوير 11 مستشفى    نتيجة ارتفاع الحرارة.. الدفاع المدني يُكافح للسيطرة على حرائق في شرق الجزائر    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر طاهر يكتب: برما على شط البحر
نشر في الدستور الأصلي يوم 07 - 11 - 2011


عندما كان برما يقف على شاطئ البحر سألوه:
هل تتفاءل بالمستقبل؟ فقال: لو هتمطر كانت غيّمت.
سألوه عن الزحام الذى يسيطر على البلد، فقال: البلد فاضية قدام.
سألوه عن ضميره، فقال: ضميرى مستريح، لأن الحمد لله ذاكرتى رديئة.
ثم جاء الدور علىَّ، فسألنى برما عن موقف لا أنساه، فقلت له: لن أنسى ما حييت يوم أن زار سيادة محافظ سوهاج لجنة امتحان الفيزياء ليتأكد أن الامتحان فى مستوى الطالب المتوسط، قلت للمحافظ يومها: إن الامتحان جاء من الجزء الملغى من المنهج، فربت على كتفى وابتسم قائلا: القانون لا يحمى المغفلين، لذلك عندما سألنى والدى عن سر رسوبى فى المادة، قلت له بضمير مستريح: لا تعليق على أحكام القضاء.
قال لى: يبدو أنك عانيت كثيرا فى التعليم، فقلت: عموما أنا أحمد الله كثيرا على ما أنا فيه، يكفى أننى خرجت من فترة المراهقة دون أى عاهات فكرية، ففى هذه الفترة لم يكن الكمبيوتر يعمل إلا فى وجود كاسيت، وكان نجم الشباب وقتها وائل نور، وكان فتى أحلام البنات أحمد عبد العزيز الذى نجح مسلسلاه «الوسية»، ثم «المال والبنون» فأصبح بطلا، وأطلقوا اسمه على أهم شارع فى المهندسين «البطل أحمد عبد العزيز»، وكانت فتاة الأحلام جيهان نصر، ثم شيرين سيف النصر، ثم نضجنا فانتبهنا بقوة لفريدة سيف النصر، وكانت النجومية مرتبطة بنظافة الترننج الذى ترتديه على المسرح، وكانت الأناقة تقاس بعدد (الكُسر) الموجودة فى البنطلون وبلون الساتان الموجود فى تنية كم الجاكيت، وكان الكليب الأكثر شهرة وقتها «شك شك مرزوقة تعالى جنبى». كنت أشجع نادى الزمالك، لكننى لم أكن أمتلك أى عضوية إلا فى نادى السينما، وكانت البلد كلها محتلة، ولكن كانت بورسعيد هى المدينة الحرة الوحيدة إلى أن نجح النظام فى احتلالها مؤخرا. كان وقتها الدين ما بيدخلش فى المجموع إلى أن كسر الإخوان المسلمون هذه القاعدة ونجحوا بدرجات الدين فقط، وكانت هدية النجاح دائما ساعة ضد الماء، ومع ذلك كانوا ينبهون علينا ما ننزلش المية بالساعة، وكنا نقضى أوقات الفراغ فى تجميع 10 أحمر و10 ألوان لإرسالها لشركة الشمعدان طمعا فى جهاز أتارى، وبالرغم من أن القنوات التليفزيونية المتاحة كانت 3 محطات فقط، فإننا خسّينا النص بسبب المشاوير الكثيرة التى قطعناها من الكنبة إلى الجهاز لتغيير القناة. كان ظهور الشيش طاووق انقلابا وقتها، حيث كان طعامنا المفضل الأستيكة أم ريحة والتيكيت الذى كنا نبلله بألسنتنا لنلصقه على الكراسات، وكان الصمغ الموجود به من القوة أن ألتصق بأفواه معظم أبناء جيلى، والنتيجة أن معظمنا مش قادر يفتح بقه لحد النهارده.
فى أثناء كلامى مع برما كان يبدو عليه الاكتئاب فسألته: ما لك؟ فقال: بعد سنوات من البرامج والفضائيات ما زال بيننا ناس عندما يتصلون بالبرامج على الهواء يرفعون صوت التليفزيون ليسمعوا أنفسهم وهم يتكلمون. ما زال بيننا ناس يكاد المذيع يقبّل أياديهم (ممكن توطى التليفزيون وتسمعنى من التليفون؟)، كام مرة تصادف هذا الموقف وأنت تتجول بين الفضائيات؟ ماذا تتوقع من شعب يمتلك أجهزة تليفزيون وديكودر وتليفون ووقتا فاضيا للاتصال بالبرامج، ولم يتعلم درسا تافها مثل هذا؟
قال برما: نعيش فى أجواء غرائبية يمكنك أن تلاحظها مثلا فى صالة الجيم التى تم افتتاحها قريبا من منزلى، وقد كتب على بابها «المؤمن القوى أحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، أو فى صديقى الذى قال لى: إن العوازل الطبية ليست دائما آمنة، فابن خالته كان يستخدمها لكنه مات فى حادثة سيارة، أو فى صديقى الذى أرسل تلغرافا إلى زميله فى العمل يعزّيه فى وفاة والده قائلا «ما حصلش حاجة!».
عموما لقد اعتدت هذه الأجواء بمرور الوقت، وأصبحت أتعلم شيئا جديدا كل يوم، فقد تعلمت:
(1) أن مسابقات ال0900 تخاطب أذهانا بعينها، ولا تخطئها أبدا فلم يحدث يوما أن وجدت عالم فيزياء قد فاز بهذه الجائزة.
(2) تعلمت أنه.. خرجت المرأة فى أول ظهور لها من تحت باط الرجل لذلك تقضى عمرها وهى تحاول أن تجيب أى رجل تحت باطها.
(3) وأن الزوج يجب أن يعرف أنه معرَّض للعقاب فى أى وقت إذا لم يكن على (حاجة عملها) سيكون على (حاجة ما عملهاش).
(4) وقال لى: لا تصدق أن فى السفر سبع فوائد.. مبدئيّا هى خمسة، وجاء ذكرها على لسان الإمام الشافعى:
تفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب، وصحبة ماجد.
قلت له: واللهِ أنت عمِّى، فقال لى: عمى الدبب. وعندما شعر أننى انزعجت من تعليقه أعطانى رقم تليفون منزله، ثم قال: على فكرة عمى الدبب عمى ألوان بس، لكنه خطر حيث تفشل فى التمييز بين الجليد وصغار الدببة، والنتيجة أنهم يدهسونهم طوال الوقت لحد ما قربوا ينقرضوا.
قلت له: زدنى يا برما.. فقال:
(5) لا تقل رأيك فى طعام حتى تهضمه، ويتخلص جسمك منه نهائيّا، ولا تقل رأيك فى صديق حتى تطلب منه أن يُقرِضك، ولا تقل رأيك فى امرأة حتى تتأكد أنها ماتت خالص.
(6) وإذا لم تستطع أن تكون قدوة فكن عِبرة على الأقل.
(7) وتيك كير ولا تثق فى أحد، فقد غنَّى هيثم شاكر لمصر «ارمى حمولك علىّ»، راحت مصر مشيّلاه سنة سجن.
(8) ولا تفرح بعروض البنوك، فالبنك هو مكان يُقرِضك مظلة عندما يكون الطقس معتدلا، ويطلب منك استعادتها عندما تمطر.
(9) ولا تثق أبدا فى شخص يبدأ كلامه معك بجملة: أصلى عيبى إنى صريح. كيف يمكنك أن تصدق شخصا يرى الصراحة عيبا أصلا؟
(10) وانتبه للفرص وخد بالك.. تبدو الفرص أوضح وهى فى طريقها للضياع.
(11) ويقول ابن القيم «لما طلب آدم الخلود فى الجنة عن طريق الشجرة عُوقب بالخروج منها، ولما طلب يوسف الخروج من السجن عن طريق صاحب الرؤيا لبثَ فيه بضع سنين»، فليكن سؤالك عن طريق الله.
(12) وعموما يا عُمر ضع فى يقينك أنه ليس هناك مكان ينام فيه الشخص بأمان مثل غرفة أبيه.
كان كلام برما مؤثِّرا فانهمرت دموعى.
بعدها اختفى برما لفترة وتذكرت أنه أعطانى رقم تليفون بيته، فاتصلت وسألت عنه، فقال لى الشخص الذى رد: لا واللهِ النمرة غلط، فقلت له: ولما النمرة غلط بتردوا ليه؟
(مقطع من كتاب «برما يقابل ريا وسكينة»)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.