كلما جاءت سيرة السيدة أم كلثوم تذكرنا علي الفور تلك السيدة التي تمسك منديلاً وهي تتغني علي المسرح في شموخ، أو هذه التي نراها في الصور ترتدي نظارة شمسية سوداء، لكن بالرغم من كون السيدة أم كلثوم أسطورة بالنسبة للكثيرين، خاصةً بالنسبة لمن عاصرها أو لجيلها، فما أعرفه أن تلك الأيام اتسمت بالبطء في كل شيء لطبيعتها التي افتقرت لوجود التكنولوجيا.. لكن بالرغم من كل ذلك، فإن هذا الجيل لا يزال محباً لبعض أغاني أم كلثوم، أو حافظاً لبعض كوبليهات أغانيها وكلماتها أو لألحان أغاني معينة يستطيع أن يعرفها إذا سمعها علي رنة موبايل مثلاً، ووقتها يشعر وكأنه عرف لحن أغنية هندية مثلاً كان من غير الطبيعي أن يتعرف عليه حينما يسمعه، وبالرغم من حفظنا لكوبليهات شهيرة لأم كلثوم مثل: «اللي شوفته قبل ما تشوفك عنيا عمر ضايع يحسبوه إزاي عليا»، فإن معظمنا لا يطيق أن يستكمل أحد هذه الأغاني إلي آخرها حتي وإن كانت جميلة أو تعبر عن حالة معينة نعيشها، لسبب بسيط، وهو أننا في الساعة التي نسمع فيها أغنية كاملة لأم كلثوم، يمكننا أن نستمع إلي عشرين أغنية تعبر عن حالة معينة أو عن عدة حالات مختلفة بعدة أصوات أخري كل منها مدتها لا تتجاوز الثلاث دقائق مثلاً..! إذا ليه تسمع قليل لما ممكن تسمع كتييير؟! وظل الحال كما هو عليه حتي بعد قص الألحان وتقصير مدة الأغنية، ولذلك تعتبر أغاني أم كلثوم مللاً بالنسبة للكثير من الشباب علي عكس بعض الكبار وليس جميعهم الذين مازالوا يستمتعون بأغانيها رغم طول مدتها، ربما لكونها تحمل ذكريات معينة. أمّا عن شخصيتها فكانت مبهمة بالنسبة لهذا الجيل إلي أن تم عرض مسلسل أم كلثوم الذي -وبالرغم من أن مسلسلات السير الذاتية تتفنن في إظهار الفنانين كملائكة بلا أخطاء - فإنها عرفتنا علي كثير من الأحداث والمعلومات عن أم كلثوم. فهي -وحتي إن لم نكن من عشاقها الكثيرين - سوف تظل اسماً شهيراً لسيدة استطاعت أن تتميز واستطاعت أن تجمع أكبر عدد من الجمهور، وخلدت ذكراها بأغانٍ لا يزال لها عشاقها، لذا فحتي إن لم تسمعها الأجيال المقبلة.. علي الأقل الجميع يعلم أنها سيدة استطاعت التميّز وقدمت شيئاً رائعاً يوماً ما.