لقد قرأنا فى جميع وسائل الإعلام عن الوقفة الإحتجاجية التى نظمها المرشدون السياحيون أمام مديرية أمن الأقصر مساء الإثنين الماضى طلبا للأمن، بعد حادثة التحرش والتعدى التى تعرضت لها إحدى السائحات والمرشد المصاحب للمجموعة من قبل أحد الباعة الجائلين. لا تكمن المشكلة فى حالة تعد فردية – رغم كل ما تحمله هذه الحادثة من إهانة لكرامة طبقة من مثقفى المجتمع المصرى، والتى ليست هى الأولى بالطبع – ولكن كان هذا الخروج المفاجأ للمرشدين السياحيين الذين يمثلون الفئة الأكثر تضررا ماديا ومعنويا من حالة الهبوط الحاد التى أصابت الحركة السياحية فيما بعد الثورة.. بمثابة النداء الأخير الذى أحدث وقعا فريدا على كل من يتعامل من قريب أو من بعيد مع صناعة السياحة. تنحصر المشكلة – حقيقة – فى سيطرة البلطجية والباعة الجائلين على جميع المناطق الأثرية فى أنحاء البلاد نتيجة للإنفلات الأمنى الذى نشهده حاليا، وما نتج عنه من تعدد حالات التحرش والمضايقات التى يعانى منها السائحون والمرشدون المصاحبون لهم على حد سواء، وبالتالى تأثر الحركة السياحية ومن ثم إنخفاض معدل الدخل القومى بصورة مباشرة.. الأدهى من ذلك هو أن المرشدين السياحيين قاموا بعقد إجتماعات عدة مع القيادات الأمنية من قبل، وقاموا أيضا بتقديم رؤية أمنية شاملة للمناطق الأثرية التى ينتشر فيها هؤلاء، وطالبوا مسئولى الأمن بالإطلاع بمهامهم فى القضاء على هذه الظاهرة.. ولكن دون جدوى. أضف إلى ذلك المشكلات الأزلية التى تلازم هذه المهنة والتى تتمثل فى أجر ضعيف غير كاف لمجابهة أعباء الحياة اليومية، و عدم أحقية المرشدين السياحيين فى تأمين صحى أو تأمين إجتماعى حكومى بإعتبارهم أصحاب أعمال، بل والسماح أيضا للاجانب بالحصول على تصريح من قبل وزارة السياحة ما من شأنه السماح لهم بمزاولة مهنة الإرشاد السياحى أيضا، وهو ما يمثل خطرا كبيرا على الأمن القومى للبلاد. السؤال الملح الأن هو : أين نقابة المرشدين السياحيين العامة مما يحدث ؟!، ولماذا لم تتبع الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن السائحين والمرشدين وحقوقهم ؟! الحقيقة هى أن معاناة مجلس نقابة المرشدين السياحيين الحالى لا تقل عن معاناة المرشدين أنفسهم، فالمجلس يواجه طعن على الشرعية أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة، كما أنه يعانى من الشيخوخة والإهتراء الذين أصابا المجلس نتيجة لطول الفترة التى تولى فيها النقيب الحالى منصبه والتى تصل إلى 11 عاما.. فضلا عن إنتماء هذا النقيب ونائبه للجنة سياسات جمال مبارك المحبوس الأن على ذمة قضايا فساد، وقتل للمتظاهرين أثناء إندلاع الثورة. لقد تعود المرشدون السياحييون من هذا المجلس اللامبالة، المتمثلة عادة فى السكوت والصهينة عن حقوقهم، بل وأحيانا العمل ضد المصلحة العامة للمرشدين طمعا فى مصالح شخصية، وذلك نتيجة للعلاقات الوطيدة التى كانت تربط بين هذا المجلس وشلة الحرمية التى كونت العمود الفقرى للنظام الساقط، ونتيجة أيضا للصلات الوثيقة التى جمعته بجهاز أمن الدولة اللعين. وما الحل إذن ؟! الحل يكمن فى : أولا : الإطاحة بهذا المجلس الفاشل مع إنعقاد أقرب إنتخابات نقابية، والبحث عن بديل شاب قادر على قيادة المسيرة فى المرحلة القادمة، بما سوف يعوض المرشدين السياحيين – ولو بمقدار ضئيل – ما سحقه المجلس الحالى من حقوقهم. ثانيا : محاولة لم الشمل والإلتفاف حول كل من ينادى بالحقوق والمكتسبات التى من المفترض أن يحصل عليها المرشدون السياحييون منذ زمن بعيد، مع الحفاظ على رباط الجأش، وعدم الدخول فى أية مظاهرات فئوية من شأنها أن تضر بالإقتصاد القومى للبلاد. ثالثا : السعى إلى تغيير القانون رقم 121 لسنة 1983 فى أسرع وقت بمجرد تشكيل مجلس الشعب القادم، ومحاولة صياغة قانون جديد ليمثل نقطة التحول فى العمل السياحى بشكل عام. لذا فإنه يتضح أنه من المؤكد أن التأثير السلبى لعدم تفعيل قانون العزل السياسى على النقابات المهنية أيضا قد بدأ بالفعل فى الظهور على السطح، حيث جعل المخلوع من هذه النقابات مرتعا للصف الخامس والسادس من قيادات حزبه البائد، وأطلقوا أيديهم للتصرف فيها وفى من يتبعها كيفما شاءوا.. ولكن بعد الحفاظ على أمنه وأمن نظامه فى المقام الأول.