كان الشعب المصري يخرج للتظاهر ويهتف بالكلمة الساحرة في وجه مبارك "كفاية" وكانت الأحزاب الكرتونية، أو بمعنى أدق أكشاك السجائر الحزبية تخرج لتبايع مبارك وتقول له "كمان". كانت القوى السياسية تنادي بضرورة إلغاء الطوارئ ووقف تحويل المدنيين للمحاكمات العسكرية، وكانت تلك الأحزاب تطالب مبارك بتمديد الطوارئ والإبقاء عليها مدى الحياة، وبعد أن قرر الشعب المصري كسر حاجز الخوف والدعوة للتظاهر في 25 يناير الماضي، خرج قادة تلك الأحزاب التي تدعي صلة نسب بالسياسة لتطالب الشعب المصري بالاحتفال بعيد الشرطة، وبعد نجاح الثورة، لم يستطع هؤلاء التحرر من نير العبودية والتبعية للسلطة الحاكمة مثلما فعل غيرهم، بل أصروا على مواقفهم المخزية والمناهضة لأي تطور ديمقراطي للبلاد. فلم يكن غريبا أن تقوم مجموعة مكونة من 22 حزب من أحزاب بير السلم بالتوقيع على بيان اليوم يطالب المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات والاستمرار في السلطة، ويعلنون دعمهم وتأييدهم للمجلس، حيث أعرب ممثلوا هذه الأكشاك الحزبية في بيان لها اليوم -الثلاثاء- عن تأييدهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وطالبوه بالاستمرار لحين عودة الأمن والاستقرار للمجتمع، كما دعوا إلى التأني في دراسة قوانين مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية، حتى يأتي النظام الانتخابي مناسبا للشعب المصري، مؤكدين في الوقت نفسه مقاطعتهم للانتخابات إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم. والغريب أن من يتحدثون اليوم عن مقاطعة الانتخابات بينهم محمد عبد العال - رئيس الحزب العدالة الاجتماعية- والذي ربما كل ما يعرفه عن العدالة الاجتماعية هو "اقتسامه الجاتوه بالعدل في اجتماع مع صفوت الشريف"، فالرجل الذي نجح في انتخابات مجلس الشعب الماضي في دائرة امبابة بعد حصوله على 30 ألف صوت لم يكن يعرفه حتى منافسيه، وفوجئوا بأنه مرشح في هذه الانتخابات بعد إعلان فوزه ورغم صدور حكم محكمة أمن الدولة العليا في القضية رقم 1854 لسنة 2002 جنايات القاهرة بسجن "محمد عبد العال حسن أبو سنة" عشر سنوات وعزله من منصبه الحزبي، ورغم الانتخابات التي تم إجرائها في المؤتمر العام الطارئ لحزب العدالة الاجتماعية في مايو 2003، والتي أسفرت عن فوز "محمود فرغل عمران" بمنصب رئيس الحزب، ورغم أن المؤتمرات العامة للحزب بعد ذلك التاريخ أصدرت عدة قرارات أوصت فيها بفصل عضوية "محمد عبد العال أبو سنة" من الحزب ككل لإصدار أحكام ضده مخلة بالشرف والأمانة، منها أحكام لجنح نصب بالعجوزة والتي قضى فيها بالحبس 3 أشهر، وجنحة نصب بقسم قصر النيل وأخرى تبديد أموال عامة وسرقة بقسم البساتين، بخلاف إنه مطلوب القبض عليه بقرار المحامي العام لنيابات شمال الجيزة للمحاكمة في جناية تزوير في محرر رسمي إلا أن لجنة شئون الأحزاب تصر على التعامل مع محمد عبد العال على أنه رئيس حزب العدالة الاجتماعية، ومن بين الموقعين أيضا أحمد عبد الهادي رئيس حزب شباب مصر، والمعروف في الوسط الصحفي والإعلامي بعلاقته القوية بجمال مبارك، وعلمه الكامل والتام لمسلسل التوريث، وكان قد أعلن حزبه في أكثر من مناسبة دعمه لمبارك وموافقته على الطوارئ، ولهذا لم يكن غريبا أن يختاره مبارك ونجله عضوا في مجلس الشورى مكافئة له على خدماته الجليلة. ورغم أن موقف الحزب الناصري الرسمي ضد هذا البيان إلا أن "محمد أبو العلا"، والذي يصر على رئاسته للحزب رغم أن أعضاء الحزب أنفسهم لم يروه كثيرا من قبل، قد وقع على البيان بالمخالفة لقرار حزبه. كما وقع أيضا رؤساء أحزاب اليمين الحر، وشباب مصر، ومصر الفتاة، والشعب الديمقراطي، والوفاق القومي، وحزب الأمة، وحزب أبناء 25 يناير، والمساواة والتنمية، ومصر القومي، ومصر العربي الاشتراكي، وحزب مصر 2000، والحزب العربي للعدل والمساواة، والحزب الاتحادي الديمقراطي، وحزب الأحرار، وحزب المحافظين، والحزب الجمهوري الحر، وحزب البداية، وحزب الخضر، وحزب العمل.