يبدو أن الحكومة والمجلس العسكري الحاكم قد قررا تطبيق الأحكام العرفية على الإعلام وتوجيه ضربة جديدة للحريات الإعلامية، وقد كان هذا الأمر واضحا في العديد من القرارات والأفعال التي ظهرت مؤخرا والتي كان آخرها اقتحام مقر قناة الجزيرة مباشر مصر ومحاولة وقف بثها وهو فعل غير مقبول ولا معقول لا سيما في أعقاب ثورة 25 يناير التي قامت من أجل الحرية والديمقراطية ومواجهة الاستبداد. الأمر لم يتوقف على الاقتحام الغشيم الذي وقع على مقر الجزيرة بل سبقه عدد من الإجراءات التمهيدية التي أوضحت أن هناك اتجاها خلال الفترة القادمة لضرب الحريات الإعلامية وتأديب الإعلاميين والصحفيين وكأننا عدنا إلى عصر النظام الساقط، وكأننا تحت حكم حسني مبارك وابنه وعصابته، وكأننا يجب بعد الثورة العظيمة ان نتوسل ونتسول حقنا في ممارسة مهنتنا بحرية وبلا قيود. الأمر الواضح والذي لا شك فيه أن الخطاب الذي تتبناه السلطة الآن هو خطاب معادي لحرية الصحافة ولحرية الإعلام بشكل عام وهو خطاب مرفوض وشاذ ولن يجر على هذا البلد إلا المشكلات، فليس من الطبيعي ان تتخذ السلطة الحاكمة قرارا بوقف تراخيص القنوات الفضائية والتهديد باتخاذ إجراءات ضد ما سمتها "قنوات الفتنة" والضغط على الصحفيين من أجل خفض سقف الحرية المتاح حاليا فضلا عن الاقتحام الأخير لمقر قناة الجزيرة ثم يمر كل هذا مرور الكرام. أن الاقتحام الأخير لمقر قناة الجزيرة لا يجب أن يمر والتضامن مع الزملاء العاملين بالقناة هو فرض عين على كل الصحفيين والإعلاميين والمدافعين عن الحريات العامة، وبشكل واضح ادعو إلى الآتي: أولا: اجتماع عاجل لمجلس نقابة الصحفيين يرفض كل الإجراءات التي تنال من حرية الصحافة -والإعلام بشكل عام- ويعلن مواجهة كل هذه الإجراءات بحسم وحزم ويدعو إلى رفض صيغة التهديد والوعيد التي يتبعها المجلس العسكري ومعه حكومة شرف فضلا عن إعلان التضامن الواضح مع الزملاء في قناة الجزيرة. ثانيا: قيام كل منظمات حقوق الإنسان وكل الهيئات التي تدافع عن حرية الصحافة وحرية الإعلام بإصدار بيانات ترفض فيها كل الإجراءات الاستثنائية التي تنال من الحريات الإعلامية وتطالب المجلس العسكري والحكومة بالتراجع عنها فورا. ثالثا: دعوة توجهها نقابة الصحفيين وكل المؤسسات التي تدافع عن حرية الرأي والتعبير إلى وقفة احتجاجية في ميدان التحرير أو في شارع عبد الخالق ثروت –أمام مقر النقابة– تدعو إلى التراجع الفوري عن أي نية مبيتة ضد حرية الإعلام وتؤكد أننا ماضون على طريق الحرية بلا تراجع. أن الحريات الإعلامية باتت مهددة ومنطق العصا الذي تم استخدامه مؤخرا لا يجب ان يمر، والتأكيد على أن مبارك وعصره قد سقطا يجب أن يكون واضحا لكل السادة الذين في السلطة الآن والذين فيما يبدو قد نسوا -أو تناسوا- أن الشعب المصري لا زال في الميدان –وكل الميادين– من أجل انتزاع حريته وترسيخ الانتصار الحاسم لثورة 25 يناير العظيمة.