رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    مجلس الوزراء يكرم الأمين العام السابق للمجلس ويهنئ نظيره الجديد بتوليه المسئولية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    منحة يابانية لمشروع توفير سفينة دعم الغوص بقناة السويس    إشادة كويتية بإنجازات النقل البحري المصري خلال زيارة ميناء الإسكندرية    مصر تتعاقد مع «كاف» الإسبانية لصيانة وتطوير قطارات المترو    مدبولي: كلمة الرئيس السيسي في قمة الدوحة عكست موقف مصر الثابت تجاه أوضاع المنطقة    وزير التعليم العالى يشهد توقيع اتفاقية شراكة بين مؤسسة الجامعات الكندية وجامعة أنجليا روسكين البريطانية    مصادر طبية: 51 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    بابا الفاتيكان يصلي من أجل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك    الأهلي يوضح حقيقة طلب "زيزو" للعلاج خارج مصر    ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة أرنولد    القنوات الناقلة لمباراة ليفربول وأتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    موعد بدء الدراسة فى المدارس الرسمية والخاصة لعام 2025 2026.. تفاصيل    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    أنغام تستعد لإحياء حفل لندن وتجرى بروفة جنرال الإثنين المقبل    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    ذات يوم.. 17 سبتمبر 2004.. وفاة عبدالعزيز الطودى ضابط المخابرات الشهير باسم «عزيز الجبالى» فى مسلسل «رأفت الهجان»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    نائب وزير الصحة: 20% من المواليد حمل غير مخطط ونسعى لخفض الولادات القيصرية    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    محافظ شمال سيناء يفتتح مهرجان الهجن بالعريش    منتخب الناشئات يتوجه إلى غينيا الاستوائية لخوض التصفيات المؤهلة لكأس العالم    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول طلاب الإعدادية بالثانوي    أسيوط تبحث مستقبل التعليم المجتمعي ومواجهة التسرب الدراسي    من بيت الأمان إلى لحظة الوجع.. زوج يذبح زوجته في العبور وضبط المتهم    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    الأزهر للفتوى: يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه في حالة واحدة    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    الليلة.. أيمن وتار ضيف برنامج "فضفضت أوي" مع معتز التوني    عاجل- انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية في غزة وشمال القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    بايرن ميونخ يتأهب للحفاظ على رقم مميز ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتقديم الخدمة ل6144 مواطن.. «صحة الشرقية» تحصد المركز الأول بمبادرة «القضاء على السمنة»    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الأوراق المطلوبة والفئات المستحقة    مسلسل سلمى الحلقة 25 .. خيانة تكشف الأسرار وعودة جلال تقلب الموازين    «تتغلبوا ماشي».. مراد مكرم يوجه رسالة إلى إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عماد أبو غازي يكتب : مناهج التاريخ والمواطنة
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 02 - 2010

مناهج التاريخ في التعليم العام أهم المناهج التي يمكن للتعليم من خلالها أن يبني قيم المواطنة لدي الأطفال منذ الصغر، لكن ذلك لا يتحقق إلا إذا تمت صياغة هذه المناهج بشكل سليم، فإنها في هذه الحالة تسهم في بناء مواطن ينتمي إلي الوطن الذي يوحدنا جميعا، لا إلي الطائفة الدينية أو العرق أو النوع، أو غير ذلك من الانتماءات التي ينبغي أن تندرج تحت الانتماء الأعلي، أعني الانتماء للوطن، دون أن يترتب علي ذلك بالطبع إلغاء لتلك الانتماءات الفرعية أو تذويبها تذويبا قهريا، لكنها تظل انتماءات لا تعلو علي الانتماء للوطن.
لكن هل تحقق المقررات الدراسية لمادة التاريخ في التعليم العام في مصر هذا الهدف، أو علي الأقل هل تسهم في تحقيقه؟
أظن الإجابة بالنفي؛ فلدينا مشكلة مركبة بالنسبة لمناهج التاريخ التي تدرس للتلاميذ في مدارس وزارة التربية والتعليم تحول بين هذه المناهج وبناء قيم المواطنة والانتماء. الجانب الأول من المشكلة أن هذه المناهج لا تقدم للتلاميذ منذ الصغر القيم الإيجابية في هذا التاريخ الطويل الممتد، كما أنها لا تتعامل مع التاريخ المصري بصورة متوازنة تغطي فتراته المختلفة وتكشف عما قدمته كل حقبة منها من إسهام في الحضارة الإنسانية. كيف هذا؟
مصر بلد يملك تاريخا ممتدا لأكثر من ستة آلاف سنة، تسبقها آلاف السنين من عصور ما قبل التاريخ المكتوب التي وضع خلالها المصريون أسس حضارتهم، ووحدوا بلدهم، وشيدوا قواعد أقدم دولة في التاريخ. ومنذ تحققت الوحدة المصرية الثانية بين الشمال والجنوب، عرف المصريون كيف يحافظون علي دولتهم المتحدة علي أسس احترام التنوع داخل الوحدة، والاندماج الذي لا يلغي التنوع، ومرت علي مصر عصور طويلة ترسخت فيها هذه القيمة وتجذرت في وجدان الإنسان المصري، وتوالت علي مصر الغزوات الخارجية والأفكار الوافدة، ونجح المصريون في هضمها واستيعابها داخل منظومتهم الفكرية، إن مقررات التاريخ التي يدرسها الطلاب في مراحل التعليم المختلفة تفشل للأسف في أن تجعل هذه المعاني والقيم تصل إلي الطالب وتتغلغل في وجدانه وتحميه من هجمة الأفكار الأصولية الدينية التي تشق الأمة المصرية علي أساس الانتماء الديني، وتهدم أسس وحدتها القائمة علي الانتماء الوطني الذي يحترم الاختلاف والتنوع.
جانب آخر في القضية يرجع إلي أن مصر قد عاشت مراحل متعاقبة في تاريخها، كان لهذا الشعب إسهامه الحضاري والثقافي المتميز في كل مرحلة منها، فالتاريخ المصري القديم المكتوب يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام، يعقبه الحقبة الهلينستية أو اليونانية الرومانية التي تتجاوز الستمائة سنة، وخلالها انتقل معظم المصريين إلي المسيحية تدريجيا، ليبدأ العصر المسيحي في التاريخ المصري، أو ما نسميه العصر القبطي، رغم أن القبطي تشير في الأصل إلي الانتماء للوطن لا إلي الانتماء الديني، فالقبطي مرادف للمصري، وليس مرادفا للمسيحي، ثم تأتي المرحلة العربية الإسلامية التي بدأت في منتصف القرن السابع الميلادي، وأخيرا بدأت مصر محاولاتها للتحديث وبناء الدولة المدنية القائمة علي المواطنة الكاملة خلال القرنين الماضيين، بما شهدته هذه المحاولات من مد وجذر. ومناهج التاريخ لا تغطي هذه المراحل التاريخية بقدر من التوازن، ورغم ما شهدته السنوات الأخيرة من إشارات في مقررات التاريخ إلي المرحلة القبطية المسيحية في تاريخنا المصري فإن هذه الإشارات ما زالت لا تفي بتحقيق التوازن المنشود بين عصور التاريخ المصري، ذلك التوازن الذي يمكن أن يحقق للتلميذ منذ الصغر معرفة بالجذور القوية لحضارته المصرية القديمة وللأسس التي قامت عليها، ثم بالحقبة الهلينستية التي شهدت اندماج مصر في عالم البحر المتوسط، والتي كانت الإسكندرية خلالها واحدة من أهم حواضر العالم القديم، إن لم تكن أهمها، ثم المرحلة القبطية المسيحية بما شهدته من نشأة الكنيسة الوطنية المصرية، ومن إسهامات في مجالات اللاهوت والرهبنة والفنون، إن هذه المراحل تتضاءل في مقررات التاريخ لحساب المرحلة العربية الإسلامية، والمرحلة الحديثة، ورغم أهمية المرحلتين الأخيرتين ورغم تأثيرهما في حياتنا المعاصرة، إلا أن التوازن في تقديم مراحل التاريخ المصري يحقق فهما أعمق لدي أبناء هذا البلد للأصول التي يقوم عليها وللكيفية التي حدثت بها التحولات الثقافية والفكرية في المجتمع المصري وللمشاركة التي أسهم بها الأجداد باختلاف الأديان والعقائد والانتماء العرقي والجغرافي بتناغم في إطار الوحدة.
الشق الثاني من المشكلة يكمن في الهزال الذي أصاب هذه المناهج في السنوات الأخيرة تحت دعاوي التخلص من الحشو الزائد، حتي أصبحت تلك المناهج بلا حشو ولا إطار، وأصبحت في السنوات الأولي من التعليم مجرد صفحات قليلة ضمن المقرر الدراسي المسمي "الدراسات"، أتذكر عندما كنا تلاميذ في المرحلة الابتدائية منذ ما يقارب الخمسين عاما أننا كنا ندرس التاريخ في المرحلة الابتدائية في ثلاث سنوات تبدأ من السنة الرابعة الابتدائية، وكنا ندرس فيها التاريخ المصري القديم، وفي السنة الخامسة ندرس تاريخ العصر الإسلامي، وفي السنة السادسة ندرس التاريخ الحديث، ويتكرر الأمر في المرحلة الإعدادية مع مزيد من العمق والتوسع في المادة العلمية والمحتوي الذي يتلقاه الطالب، وكانت مادة التاريخ في كل سنة في كتاب دراسي مستقل تفوق عدد صفحاته كتاب الدراسات الحالي الذي يضم مقررات التاريخ والجغرافية والمادة البديلة لما كان يسمي أيامنا بالتربية الوطنية، فقد كان كل مقرر من المقررات الثلاثة في الماضي له كتاب مخصص وحصص دراسية مستقلة لكل مقرر، بما يسمح بتكوين معرفة تاريخية لدي الطالب، بغض النظر عما في هذه المعرفة من جوانب قصور ومناطق غائبة ومعلومات ناقصة أو مضللة في بعض الأحيان، إلا أن المشكلة الآن زاد عليها ضحالة تلك المقررات وهزالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.