وظائف الإسكان 2025.. التخصصات المطلوبة والشروط وآخر موعد للتقديم    فرص عمل في الأردن برواتب تصل إلى 550 دينارًا.. التخصصات والتقديم    انخفاض سعر الريال السعودي مقابل الجنيه في 5 بنوك خلال تعاملات اليوم    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 في أسواق الأقصر    بعد زلزال روسيا.. موجات تسونامي تضرب هاواي الأمريكية    لافتة هادئة.. لاعبو ليفربول يرتدون قمصانا خاصة في مباراة اليوم    3 جثث لفتيات و12 مصاباً آخرين حصيلة انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    انخفاض طفيف في درجات الحرارة بشمال سيناء    تجدد أزمة حارس باريس سان جيرمان    أسامة ربيع: قناة السويس الطريق المستدام الأمثل والأكثر توفيرًا    الضرائب: قفزات رقمية غير مسبوقة في إدارة المنظومة الضريبية    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    وزير الخارجية يبحث مع سيناتور أمريكي شواغل مصر حول السد الإثيوبى    1000 طن مساعدات غذائية إلى غزة فى اليوم الرابع لقوافل "زاد العزة".. فيديو    رئيس وزراء فلسطين ووزير خارجية بريطانيا يبحثان السير بخطوات عملية للاعتراف بدولة فلسطين    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هل اجتمع الجنايني مع عبد القادر لإقناعه اللعب للزمالك؟    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    نجاح التشغيل التجريبي للخط التجاري الإقليمي "القاهرة- أربيل" عبر ميناء سفاجا    إصابة طفل تعرض لعقر كلب فى مدينة الشيخ زايد    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    «البترول» تعلن السيطرة على حريق سفينة حاويات بمنطقة رأس غارب    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية فى أوسيم    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    تختلف في البنات عن الصبيان، دراسة تكشف تأثير استخدام الهواتف بسن مبكرة على الصحة النفسية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    "من المطار إلى الكفالة".. القصة الكاملة لأزمة القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    «مش كل حريف أسطورة».. تعليق مثير من محمد العدل على تصريحات عمرو الجنايني بسبب شيكابالا    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عماد أبو غازي يكتب : مناهج التاريخ والمواطنة
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 02 - 2010

مناهج التاريخ في التعليم العام أهم المناهج التي يمكن للتعليم من خلالها أن يبني قيم المواطنة لدي الأطفال منذ الصغر، لكن ذلك لا يتحقق إلا إذا تمت صياغة هذه المناهج بشكل سليم، فإنها في هذه الحالة تسهم في بناء مواطن ينتمي إلي الوطن الذي يوحدنا جميعا، لا إلي الطائفة الدينية أو العرق أو النوع، أو غير ذلك من الانتماءات التي ينبغي أن تندرج تحت الانتماء الأعلي، أعني الانتماء للوطن، دون أن يترتب علي ذلك بالطبع إلغاء لتلك الانتماءات الفرعية أو تذويبها تذويبا قهريا، لكنها تظل انتماءات لا تعلو علي الانتماء للوطن.
لكن هل تحقق المقررات الدراسية لمادة التاريخ في التعليم العام في مصر هذا الهدف، أو علي الأقل هل تسهم في تحقيقه؟
أظن الإجابة بالنفي؛ فلدينا مشكلة مركبة بالنسبة لمناهج التاريخ التي تدرس للتلاميذ في مدارس وزارة التربية والتعليم تحول بين هذه المناهج وبناء قيم المواطنة والانتماء. الجانب الأول من المشكلة أن هذه المناهج لا تقدم للتلاميذ منذ الصغر القيم الإيجابية في هذا التاريخ الطويل الممتد، كما أنها لا تتعامل مع التاريخ المصري بصورة متوازنة تغطي فتراته المختلفة وتكشف عما قدمته كل حقبة منها من إسهام في الحضارة الإنسانية. كيف هذا؟
مصر بلد يملك تاريخا ممتدا لأكثر من ستة آلاف سنة، تسبقها آلاف السنين من عصور ما قبل التاريخ المكتوب التي وضع خلالها المصريون أسس حضارتهم، ووحدوا بلدهم، وشيدوا قواعد أقدم دولة في التاريخ. ومنذ تحققت الوحدة المصرية الثانية بين الشمال والجنوب، عرف المصريون كيف يحافظون علي دولتهم المتحدة علي أسس احترام التنوع داخل الوحدة، والاندماج الذي لا يلغي التنوع، ومرت علي مصر عصور طويلة ترسخت فيها هذه القيمة وتجذرت في وجدان الإنسان المصري، وتوالت علي مصر الغزوات الخارجية والأفكار الوافدة، ونجح المصريون في هضمها واستيعابها داخل منظومتهم الفكرية، إن مقررات التاريخ التي يدرسها الطلاب في مراحل التعليم المختلفة تفشل للأسف في أن تجعل هذه المعاني والقيم تصل إلي الطالب وتتغلغل في وجدانه وتحميه من هجمة الأفكار الأصولية الدينية التي تشق الأمة المصرية علي أساس الانتماء الديني، وتهدم أسس وحدتها القائمة علي الانتماء الوطني الذي يحترم الاختلاف والتنوع.
جانب آخر في القضية يرجع إلي أن مصر قد عاشت مراحل متعاقبة في تاريخها، كان لهذا الشعب إسهامه الحضاري والثقافي المتميز في كل مرحلة منها، فالتاريخ المصري القديم المكتوب يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام، يعقبه الحقبة الهلينستية أو اليونانية الرومانية التي تتجاوز الستمائة سنة، وخلالها انتقل معظم المصريين إلي المسيحية تدريجيا، ليبدأ العصر المسيحي في التاريخ المصري، أو ما نسميه العصر القبطي، رغم أن القبطي تشير في الأصل إلي الانتماء للوطن لا إلي الانتماء الديني، فالقبطي مرادف للمصري، وليس مرادفا للمسيحي، ثم تأتي المرحلة العربية الإسلامية التي بدأت في منتصف القرن السابع الميلادي، وأخيرا بدأت مصر محاولاتها للتحديث وبناء الدولة المدنية القائمة علي المواطنة الكاملة خلال القرنين الماضيين، بما شهدته هذه المحاولات من مد وجذر. ومناهج التاريخ لا تغطي هذه المراحل التاريخية بقدر من التوازن، ورغم ما شهدته السنوات الأخيرة من إشارات في مقررات التاريخ إلي المرحلة القبطية المسيحية في تاريخنا المصري فإن هذه الإشارات ما زالت لا تفي بتحقيق التوازن المنشود بين عصور التاريخ المصري، ذلك التوازن الذي يمكن أن يحقق للتلميذ منذ الصغر معرفة بالجذور القوية لحضارته المصرية القديمة وللأسس التي قامت عليها، ثم بالحقبة الهلينستية التي شهدت اندماج مصر في عالم البحر المتوسط، والتي كانت الإسكندرية خلالها واحدة من أهم حواضر العالم القديم، إن لم تكن أهمها، ثم المرحلة القبطية المسيحية بما شهدته من نشأة الكنيسة الوطنية المصرية، ومن إسهامات في مجالات اللاهوت والرهبنة والفنون، إن هذه المراحل تتضاءل في مقررات التاريخ لحساب المرحلة العربية الإسلامية، والمرحلة الحديثة، ورغم أهمية المرحلتين الأخيرتين ورغم تأثيرهما في حياتنا المعاصرة، إلا أن التوازن في تقديم مراحل التاريخ المصري يحقق فهما أعمق لدي أبناء هذا البلد للأصول التي يقوم عليها وللكيفية التي حدثت بها التحولات الثقافية والفكرية في المجتمع المصري وللمشاركة التي أسهم بها الأجداد باختلاف الأديان والعقائد والانتماء العرقي والجغرافي بتناغم في إطار الوحدة.
الشق الثاني من المشكلة يكمن في الهزال الذي أصاب هذه المناهج في السنوات الأخيرة تحت دعاوي التخلص من الحشو الزائد، حتي أصبحت تلك المناهج بلا حشو ولا إطار، وأصبحت في السنوات الأولي من التعليم مجرد صفحات قليلة ضمن المقرر الدراسي المسمي "الدراسات"، أتذكر عندما كنا تلاميذ في المرحلة الابتدائية منذ ما يقارب الخمسين عاما أننا كنا ندرس التاريخ في المرحلة الابتدائية في ثلاث سنوات تبدأ من السنة الرابعة الابتدائية، وكنا ندرس فيها التاريخ المصري القديم، وفي السنة الخامسة ندرس تاريخ العصر الإسلامي، وفي السنة السادسة ندرس التاريخ الحديث، ويتكرر الأمر في المرحلة الإعدادية مع مزيد من العمق والتوسع في المادة العلمية والمحتوي الذي يتلقاه الطالب، وكانت مادة التاريخ في كل سنة في كتاب دراسي مستقل تفوق عدد صفحاته كتاب الدراسات الحالي الذي يضم مقررات التاريخ والجغرافية والمادة البديلة لما كان يسمي أيامنا بالتربية الوطنية، فقد كان كل مقرر من المقررات الثلاثة في الماضي له كتاب مخصص وحصص دراسية مستقلة لكل مقرر، بما يسمح بتكوين معرفة تاريخية لدي الطالب، بغض النظر عما في هذه المعرفة من جوانب قصور ومناطق غائبة ومعلومات ناقصة أو مضللة في بعض الأحيان، إلا أن المشكلة الآن زاد عليها ضحالة تلك المقررات وهزالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.