ليس صدفة غالبا أن يظهر الأخوان مبارك في كل مناسبة رياضية.. وبجوار منتخب كرة القدم. علاء مختلف.يشجع النادي الإسماعيلي. ويظهر حتي في المباريات الصغيرة. جمال.. يظهر فقط في المباريات المصيرية. وهما معًا ظاهرة.. مصاحبة لانتصارات المنتخب الوطني. ظاهرة تصاعدت فقط مع تحولات مهمة أدركت فيها الأنظمة الفاشلة أو العاجزة أو ذات الخيال السياسي المحدود أنها لابد أن تصنع هويات جديدة.. أو روابط بينها وبين الشعوب المرهقة من سنوات ما بعد الاستعمار. تلك السنوات التي كانت فيها الأحلام ثقيلة.. ربما أثقل من وجود استعمار أجنبي واضح. الاستعمار اختفي واختفت معه الأحلام بالتقدم.. بدأت معاناة أشرس مع ما سميته من قبل «الاستعمار الوطني». الشعوب أُرهقت من أنظمة فاشلة.. لا تريد الرحيل.. تحركها شهوة السلطة للأبد. هذه الأنظمة لم تعد عسكرية لكنها مازالت تفكر بالعقليات العسكرية. بعد التحرر من الاستعمار صنعت هوية شعوبها علي خط النار.. بطبيعة موجهة ضد عدو جاهز (.. إسرائيل ومن خلفها أمريكا والغرب...). الآن لم يعد العداء لإسرائيل علي رأس أجندة الأنظمة الحاكمة.. وتحتاج في هذه اللحظات إلي «تصنيع» هوية جديدة.. مبنية هذه المرة علي الرياضة.. خاصة كرة القدم. ملاعب الكرة هي مصانع الهويات الجديدة.. ولأن الأنظمة مازالت تفكر بالعقلية الحربية فإنها تبحث عن عدو. الرياضة تشارك في صنع هويات العالم كله. الرموز والأبطال والإعلام.. هي أدوات صناعة الهوية.. لكنها في العالم كله نقلت الهويات من العداوة الحربية إلي اللعب. هنا لا اعتراف باللعب. الرياضة تصنع الهوية لكن بالموديل العسكري نفسه الذي يقوم علي فاشية تلغي الآخر وتعتبر الفريق الوطني.. جيش الدفاع عن الوجود وليس مجرد فريق يلعب ومن المحتمل أن يكسب أو يخسر. الرهان.. واحد. المكسب مثل الخسارة ينتهي.. ويتجدد لأن هناك مباراة قادمة وثأرًا في الملعب. الأنظمة الفاشلة وحدها تحول اللعب إلي حرب.. بينما العالم كله يحول الحرب إلي لعب. والوطنيات الجديدة في مصر والعالم العربي فاشية كما كانت من قبل.. لا تريد أن تكسب الآخر.. ولكن تلغيه وتدمره وتحوله إلي لا شيء. عقليات لا تقبل الخسارة وتعتبرها إهانة للذكورة الوطنية. هكذا من الطبيعي أن تعتبر الجزائر هزيمتها مؤامرة اشتري فيها المصريون الحكم.. كما اعتبر المصريون هزيمتهم في الخرطوم موقعة حربية تعرضوا فيها للخيانة. هذه العقليات.. فاشية. وتبني روابط بين الشعوب والأنظمة علي أساس قبلي وحربي.. هذه هي الوطنية الجديدة التي ترتبط بظاهرة الأخوين مبارك في الملعب. الأخوان مبارك علي اختلاف شخصية كل منهما.. بالتأكيد عاشقان للعبة. لكنه عشق موظف.. لخطة أبعد تحقق الطموح السياسي في أن تصبح عائلة مبارك.. هي عائلة الرئيس الحالي والقادم. الأخوان مبارك يرتبطان بوطنية الملاعب.. ويبدآن في صنع مجد سياسي في موكب انتصار الفريق الوطني. الرئيس مبارك له صورة شهيرة مع حفيده وهو يرتدي الزي العسكري. كانت هذه واحدة من علامات الوطنية والهوية.. أن تكون ضابطًا تدافع عن بلدك في ساحات الحرب. الآن.. الأخوان مبارك يقودان جماهير الدفاع عن مصر في ملاعب الكرة. هي ليست صدفة إذن. وكنت أتمني كما استجابت الفنانة فردوس عبد الحميد إلي أمنيات الحملة الشعبية التي أسستها زميلتي دعاء سلطان لكي لا تسافر أنجولا.. أن يسمع الأخوان مبارك دعاء ملايين المصريين عندما علموا بخبر سفرهما إلي أنجولا.