.. اسمحوا لي أن أصحبكم معي في رحلة يومي 28 و29 يناير 2005 - في ذكراه الخامسة - كي تقفوا معي بأنفسكم شهوداً علي أطول وأسوأ يوم في تاريخ الحياة البرلمانية والحزبية في مصر. .. الساعة الثانية مساء يوم »- الجمعة- « 28 يناير 2005 حرر المستشار هشام بدوي، المحامي العام لنيابات أمن الدولة مذكرة للمستشار ماهر عبدالواحد - النائب العام - يفيده فيها أن الضابط عادل ياسين بالأموال العامة قدم له محضر تحريات مشفوعًا به صّور خمسة توكيلات لأشخاص - لا يعلمهم - مضمونها توكيل أيمن نور - عضو مجلس الشعب - وموسي مصطفي موسي في تأسيس حزب الغد وأنه متشكك في صحة هذه التوكيلات!! .. الساعة الرابعة مساء يوم - الجمعة - 28 يناير حرر المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام مذكرة للسيد وزير العدل أبو الليل يطلب منه اتخاذ الإجراءات القانونية لرفع الحصانة البرلمانية عن النائب أيمن نور للتحقيق معه بتهمة تزوير التوكيلات المقدمة ضمن 5200 توكيل قُدمت في تأسيس حزب الغد!! .. الساعة الواحدة وخمس دقائق فجر يوم - السبت - 29 يناير 2005 تسلم الدكتور أحمد فتحي سرور في منزله بشارع دار الشفاء بجاردن سيتي خطابًا من وزير العدل يطلب فيه رفع الحصانة عني وقد تأشر من الدكتور سرور بالتسلم وكتب: «تسلمت الساعة الواحدة وخمس دقائق فجر 29 يناير 2005»!! «ويتم دعوة اللجنة التشريعية للعرض عليها. .. الساعة العاشرة والنصف صباح يوم - السبت - 29 يناير تسلم ابني خطابًا في منزلي بالزمالك يكلفني بحضور اجتماع اللجنة التشريعية بخصوص القضية 169 أمن دولة عليا وذلك الساعة الحادية عشرة صباح - السبت - 29 يناير 2005!! .. الساعة الحادية عشرة وخمس عشرة دقيقة وصلت مقر اللجنة التشريعية لمعرفة سبب الاستدعاء وما حكاية القضية 169 أمن دولة عليا فوجدت اللجنة قد اجتمعت ودرست وانفضت ووافقت علي رفع الحصانة عني!! .. الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق وصلت قاعة المجلس لأجد أن هناك تقريراً مكوناً من سبع عشرة صفحة حررته اللجنة عن الموضوع ووافقت عليه وصفَّته علي الكمبيوتر وراجعته وطبعت منه 500 نسخة وغلفته وقامت بتوزيعه علي السادة النواب. .. بدأت جلسة المجلس الساعة 10.12 بخمسة استجوابات، تم تأبين للنائب محمود إبراهيم شارك فيه 11 عضوا وفجأة أعلن الدكتور سرور ملحقًا لجدول أعمال الجلسة وافق عليه مكتب المجلس ولجنته العامة ليضيف فيه موضوع رفع الحصانة عني!! .. الساعة 5.2 انتهت مناقشة طلب رفع الحصانة بالموافقة طبعًا فقدمت طلبًا في ذات اللحظة بالعدول عن رفع الحصانة والاكتفاء بسماع الأقوال فأشَّر عليه الدكتور سرور في الثانية وخمس دقائق يوم 29 يناير 2005 وعرضه علي المجلس ورفضه المجلس!! .. تكشفت التحقيقات في القضية وفي أولي صفحاتها أن السيد المستشار هشام بدوي محامي نيابات أمن الدولة بدأ التحقيق بمعرفته الساعة الثانية تمامًا مُصدراً قراراً بالقبض عليّ بناء علي خطاب المجلس برفع الحصانة عني»!!. .. كيف وصل الخطاب من المجلس إلي وزير العدل، ومنه للنائب العام، ومنه إلي نيابة أمن الدولة العليا ومنه إلي المحقق الذي فتح التحقيق الساعة الثانية تمامًا. بينما المجلس حتي الساعة 5.2 وفقًا للثابت بخط سرور كان مازال يتداول في شأن رفع الحصانة أم الاكتفاء بسماع الأقوال؟! من حرر الخطاب وصفّه علي الكمبيوتر ووقعه وختمه وأرسله لوزارة العدل ومنها للنائب العام ومنه لنيابة أمن الدولة في - 5 سالب خمس دقائق!! في لا زمن!! .. منذ متي ترفع حصانة النواب، في أقل من عدة أشهر وربما عدة أعوام والنماذج ماثلة أمام أعيننا مثال النائب القاتل المحكوم عليه بالإعدام ومالك العبّارة الهارب وغيرهما وغيرهما. .. لماذا رفض الدكتور سرور أن يشهد ومازال يرفض أن يقدم ما يفيد بموعد تسلم وزير العدل والنائب العام خطاب رفع الحصانة رغم صدور حكم نهائي واجب النفاذ ضده من محكمة القضاء الإداري والذي يستوجب بالقطع إعادة المحاكمة، وهو ما يرفضه النائب العام حتي الآن: إنه يوم لن يهمله التاريخ ووصمة عار في جبين النظام.