الرئيس الإسرائيلى بعد الاعتراف الدولى بفلسطين: إنه يوم حزين    مسلم يكشف ل"اليوم السابع" تطورات حالته بعد تعرضه لجلطة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 22 سبتمبر 2025    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 22 سبتمبر    السفير ماجد عبد الفتاح: إعلان نيويورك حدد خطوات ملموسة ومحددة نحو حل الدولتين    مقتل وإصابة أكثر من 15 شخصا إثر هجوم أوكراني على شبه جزيرة القرم    زعيم كوريا الشمالية: لدي ذكريات جميلة عن الرئيس الأمريكي ترامب    الكرة الذهبية 2025.. يامال ينافس ثنائى باريس سان جيرمان على جائزة كوبا    رئيس جامعة دمنهور يستقبل مجلس أمناء المؤسسة الخيرية لرعاية المستشفى الجامعي    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    توقعات الأبراج ليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025    دوللي شاهين تنتهي من تسجيل أغنية «ترند»    ليس ناصر ماهر.. عبدالله السعيد يختار خليفته في الملاعب    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الاثنين 22 سبتمبر 2025    مباريات اليوم الإثنين في الدور التمهيدي الثاني ب كأس مصر    «لو لاعب مش عايز يقعد هنقوله مع السلامة».. رسائل نارية من محمد يوسف لنجوم الأهلي    وفاء عامر باكية: أخرج فائض أموالي لوجه الله وبنيت مسجدًا من 3 طوابق    إصابة 5 أشخاص إثر حريق ورشة نجارة فى الإسكندرية    رمضان صبحى يفجر مفاجأة: دفعت 50 ألف جنيه للترم وعمرى ما شفت لجنة امتحان    مصرع شاب وإصابة 3 آخرين آثر حادث انقلاب سيارة ملاكى بترعة بالمنصورة    نشرة منتصف الليل| جلسة عاجلة بالنواب لمناقشة "الإجراءات الجنائية".. ومنصة الوحدات البديلة للإيجار القديم جاهزة    محمود عباس يرحب بإعلان البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    «آن الأوان أن تنصفه كرة القدم» التوأم: محمد صلاح الأحق بالكرة الذهبية    تطبيق "ON APP".. تقديم تجربة متكاملة لمتابعة الدورى المصرى    «المديونيات وصلت 2.5 مليار جنيه».. الزمالك: نثق أن الرئيس السيسي سيحل أزمة النادي    عالمة آثار: دير المدينة يكشف أسرار الحياة اليومية في مصر القديمة    كتف بكتف.. مجلس نقابة المهن التمثيلية يقدمون واجب العزاء ل أحمد صيام فى شقيقته    محافظ الوادي الجديد: استقرار حالة طفلة الفرافرة المصابة بعد جراحة في الفخذ    ترامب وماسك يجتمعان مجددًا.. هل تصالح الرئيس الأمريكي مع أغنى رجل في العالم؟    سعر التفاح والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025    علاقة محرمة تنتهي باختطاف وجريمة قتل داخل مزرعة بالبحيرة    بداية الخريف.. الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس اليوم الإثنين 22 سبتمبر    من حقك تعرف.. ما إجراءات إقامة دعوى استرداد مصروفات دراسية؟    صرخ وسقط غارقًا بدمائه.. طعنته بعد 3 أشهر من الزواج في الشرقية    رئيس شعبة الورق: ارتفاع أسعار الكتب رغم تراجع التكلفة "استغلال غير مبرر"    النيابة الإدارية تُشرف على انتخابات نادي الزهور ب «التصويت الإلكتروني»    وزير الشؤون القانونية: إعادة الإجراءات الجنائية للبرلمان فرصة ذهبية لإعداد صياغة أكثر توافقًا وفاعلية    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية ليس أول مشروع يعيده الرئيس للبرلمان    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    برشلونة يكتسح خيتافي بثلاثية ويعزز وصافته في الليجا    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    عبد العاطي يشيد بدور برنامج الأغذية العالمي في غزة    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    ليس له علاج وقد يتحول لورم خبيث.. أعراض ومضاعفات «متلازمة الرجل الشجرة»    بينهم 6 أطفال.. إصابة أسرة في تصادم على زراعي البحيرة    أمين "البحوث الإسلامية": الانتساب للرسول فخر ومسؤولية    وزير العمل: نخوض معركة حقيقية ضد شركات إلحاق العمالة الوهمية    الإسكان ل"ستوديو إكسترا": سيتم حصر كل التوكيلات الصادرة لوحدات وأراض    ترامب يؤكد: أمريكا ستساعد في الدفاع عن بولندا ودول البلطيق في مواجهة روسيا    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    جمال يوسف ل "سيرا إبراهيم": خانتني صحتي وكانت أصعب محطات حياتي    بيان عاجل من وزارة الصحة بشأن شكاوى أسرة مريضة بمستشفى أم المصريين    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف توفيق يكتب: فن صناعة الديكتاتور!
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 03 - 2011


متى تحوَّل الرئيس السابق مبارك؟
فمبارك الذى بدأ حكمه بارتداء البدل المحلاوى، والذى كان يفتخر أنه لا يرتدى سوى من صناعة بلده، ليس هو مبارك الذى كتب اسمه على "البدلة" بمائة ألف جنيه.. ومبارك الذى بدأ حكمه بمد جسور المودة مرة أخرى بين مصر وكافة الدول العربية التى فرضت قطيعتها على مصر بعد السلام المصرى مع إسرائيل، والذى بدأ علاقات متوسعة مع كل البلدان الأوروبية والعالمية مرة أخرى، ليس هو مبارك الذى لم يترك منصبه إلا بعد أن تهتكت معظم الروابط التى تربطنا بكل دول العالم وتحولت مصر من دولة محورية قائدة فى المنطقة إلى دولة لا تقدر على منافسة قناة فضائية.. ومبارك الذى بدأ حكمه بنهر من الحب والتفاؤل منبعه الشعب المصرى ومصبه حسنى مبارك نفسه، ليس هو مبارك الذى خرج مصحوبا بأقسى العبارات وموجات من الكراهية لم يحظ بها رئيس سابق.. ومبارك الذى قطع على نفسه وعدا أن يكون مرشحا خفيفا على قلب الناس "دورتين واخلع"، ليس هو مبارك الذى قرر أن يتخلى عن الرئاسة بعد أن قررنا نحن أنه لو ترشح فى الدورة القادمة "كلنا هنخلع".. ومبارك الذى بكت من أجله قلوب الملايين صدقا بعد حادثة أديس أبابا ودعت الله أن يبقى، ليس هو مبارك الذى بكت من أفعاله قلوب الملايين صدقا قبل أن يتخلى ودعت الله أن يرحل!
البعض يؤكد أن هذا قد حدث منذ وصول الوريث الموعود إلى البلاد، ومنذ أن خطرت أوهام التوريث على عقول العائلة الرئاسية، والبعض يؤكد أن هذا قد حدث أثناء الدورة الرئاسية الثالثة بعد أن تشبث الرئيس بكرسيه ورفض أن يكون رئيسا سابقا وسط ملايين من المحبين، لينتهى به الحال رئيسا سابقا وسط ملايين من الكارهين، والبعض يؤكد أن هذا التحول قد حدث بعد أن صارت التقارير الرئاسية من نسختين، واحدة للرئيس وواحدة لجمال، ثم تطور الأمر إلى أن أصبحت أوامر جمال مبارك مساوية لأوامر والده داخل القصر الرئاسى.
إذا كان موعد التحول مجهولا بالتحديد فإن سبب التحول معلوم بالتأكيد، فالشعب دائما هو الذى يصنع الطاغية، الشعب هو الذى يعطى إحساسا للرئيس أنه لا قبله ولا بعده، وأنه خير المفكرين، وأسد العابرين، وسيد المنتصرين، وعبقرى العالمين، الشعب هو الذى يعطى للرئيس إحساسا أنه لا يخطئ، وأن كل أخطائه لصالح الوطن بس الناس مش فاهمه، وأن عيوبه الواضحة هى مزايا بس احنا مش متعودين على النعمة، وأن المعارضين له خونة وعملاء لإسرائيل ولحزب الله ولإيران وللشيعة ولسوريا ولقناة الجزيرة، وأن "الشلوت" الذى يضربه لمسئول دفعة للأمام، وأن الشخبطة التى يرسمها ولده _ولو كان فى الحضانة_ خريطة لمستقبلنا، وأن "شتيمته" لنا دعابة، و"تطليع روحنا" تضحية، ونومه فى الاجتماعات طلب لأحلام التنمية.. هذه معاملتنا للرئيس _طوعا أو كرها_ فلماذا لا يتحول إلى دكتاتور؟
أتت ثورة 25 يناير الشريفة، وغيَّرت الأشخاص، وتفاءل الكثيرون بهذه التحولات التى تعتبر قفزات مصرية على طريق الديمقراطية، ولكن هل تغيرت النظرة إلى الرئيس المرتقب؟ هل تغيرت المفاهيم التى يمكن من خلالها النظر إلى رئيس قادم.. للأسف لا.. وألف لا.. فبمجرد أن ظهرت على الساحة بعض الأسماء التى من الممكن أن تترشح للرئاسة، ظهرت معها الجماعات التى تطبل لكل مرشح، تماما كما كانت الجماعات التى تطبل لمبارك.. فالذين لا يؤمنون بالبرادعى رئيسا صار شاغلهم الوحيد إثبات أنه السبب فى الحرب على العراق، وأنه لم يكن موفقا أثناء رئاسته لوكالة الطاقة الذرية، وأنه لا يعرف شيئا عن مصر لأنه دائما خارجها، وأنه يتحدث "بألاطة" غير مبررة، وأنه لا يجيد الكلام، ولا يستطيع قيادة حوار فكرى منظم، بعكس عمرو موسى مثلا الذى يؤيده هؤلاء، والمنافس الأشهر الآن للبرادعى، والذى يمثل لكل هؤلاء صورة وردية تقارب صورة الحوريات وهى هائمة فى وداعة فى آخر فيلم رابعة العدوية وهى تنشد " الرضا والنور"، وهذه الصورة لا تتفق أبدا مع الصورة التى فى مخيلة معارضيه الذين يرونه لم يفعل شيئا فى الجامعة العربية، وأنه صورة كربونية من مبارك، وأن مواقفه مذبذبة، بخلاف البرادعى الذى يصوره هؤلاء على أنه "ملاك رسمى" لدرجة أنه "خسارة ف مصر أساسا"!
كل من الجانبين ما زال ملوثا ببقايا النظام السابق، مازال مصرا على تحويل الشخص العادى الذى يطمح فى الرئاسة إلى دكتاتور ونصف إله آخر، فكل الهفوات الطبيعية التى من الممكن أن يرتكبها البرادعى أو عمرو موسى صارت كبائر لا يغفر لها عند معارضيهم، وصارت مميزات عند مؤيديهم، فأصبحت "التهتهة" دليلا على أنه رجل أفعال لا أقوال، و"التردد" دليلا على الرويّة والتدبير، و"معارضة أمريكا" دليلا على الشموخ والعزة عند البعض وعلى الحماقة وعدم تقدير العواقب عند البعض الآخر.. والأخطر من ذلك أن هذا سينطبق على كل من تسول له نفسه أن يكون رئيسا، فهو فى أمان ومظلة من محبة الجميع ما دام بعيدا، وستسحب هذه المظلة فورا ساعة أن يفكر فى الرئاسة، ولتتخيل مثلا أن العالم أحمد زويل الذى يحظى بمحبة الجميع الآن، فكَّر فعليا فى الترشح للرئاسة، ساعتها سيؤكد هؤلاء أنه "مش هوه اللى عمل الفمتو ثانية على فكرة.. حتى شوفوا اليوتيوب"!
إذا كنا بعد الثورة قد أصررنا على أن ينتهى نظام مبارك بالكامل وألا يكون منه مبارك جديد، فمن الأولى أن نصرّ على أن نصبح شعبا جديدا عاقلا مفكرا، يتعامل من خلال معطيات واضحة وبرامج انتخابية معلنة، إذا أردت أن تكون الحياة فى مصر ديمقراطية تظللها الحرية مثل "بلاد برّه"، فكن مثل أى شعب من شعوب "بلاد برّه"، لا يعطى بطاقته الانتخابية إلا لمن يستحق، ومن يستطيع أن يدير حملته الانتخابية بمهارة وحنكة سياسية، ومن يقدم للشعب أفضل ما عنده، والأهم أنه لا يعطى صوته سوى فى اللحظة الأخيرة، متأهبا لأى ظروف طارئة وحقائق مفاجئة، لا يهتم بتمجيد وتعظيم وتبجيل المرشح الفلانى، ولا بتحقير وتشويه المرشح الفلانى، وإنما يهتم بما يقدمه كل منهما، لا يأبه كثيرا بالكلمات الرنانة والقيم المطلقة مثل العدالة والحرية والديمقراطية، فهذه الكلمات من السهل على طالب فى الحضانة أن يخرج علينا بها، وإنما يهتم فقط بما يقدمه كل مرشح على أرض الواقع، وعلى جدول زمنى لإنجاز ما قدمه.
إن الفرصة الآن مهيأة بالفعل لأن يشعر كل منا أن له صوتا، وأنه بصوته قادر على أن يسلم المركبة إلى من يقودها فى المرحلة القادمة، ولكننى أخشى على هذه الفرصة أن تضيع تحت أقدام من يصرون على أن نبقى على مانحن عليه.. من حقك أن تقتنع بمرشح ما، ولكن ضع نصب عينيك حقيقة مهمة، هى أن هذا المرشح بشر يصيب ويخطئ، ليس ملاكا وليس شيطانا.
من الآن لا نريد رئيسا لم تنجب أنثى غيره ولا رأت مصر أحدا فى شطارته ونباهته، نريد إنسانا عاديا وُلد، ورضع، وفُطم، وعملها على رجل أبيه، ومازال _سبحان الله_ يدخل الحمام إلى الآن، نريد إنسانا نحاسبه كبشر، أفضل من أن يحكمنا من لا نستطيع مساءلته أصلا لأننا جعلناه نصف إله.. نريد إنسانا نحكم عليه من أفعاله، وليس من حضوره ولا فصاحته ولا كلمتين حافظهم من كتاب حقوق الإنسان.. ولو كان الكلام "المطبطباتى" هو سبب اختيار الرئيس فلن تجدوا أفضل من مبارك نفسه.. ولذلك من فضلكم.. لا تصنعوا ديكتاتورا جديدا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.