انغمس الزملاء في استخراج معان لفحوى تصريحات المربي الفاضل، رضا إدوارد، إذ إنها لعملية شاقة، تستلزم الكثير من الجهد الذهني المحفوف بالمخاطر، حيث إن الإشارات التي تصل للمخ، فور سماع تصريحات رضا إدوارد، تحدث ارتباكا شديدا في كيمياء الجهاز العصبي، مما قد يستحث المخ لإرسال إشارات، لبقية أعضاء الجسم، للإتيان بأفعال، وأقوال، وربما أصوات، غير محمودة، قد تضر بالمتلقي، أو بالمحيطين والمارة. كما انشغلت الغالبية العظمى، بقضاء ما تبقى لها من وقت وأعصاب – بعد الحوادث الأليمة المتمثلة في مرور رضا إدوارد على وجوههم – في الهري والنكت من استخفاف الدكتور السيد البدوي شحاتة بعقول البشر، بدرجة قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب في حق الإنسانية، مثل شراء الدستور ثم بيعه لشريكه المربي الفاضل، بنفس السعر، بعد الانتهاء من مهمة التخلص من مؤسس صحيفة الدستور، الأستاذ إبراهيم عيسى، وتشريد الصحفيين، الذين خُيروا ما بين احترام أبسط معاني إنسانيتهم أو التحول إلى حميدة في زقاق المدق. هذا الاستخفاف من قبل السيد البدوي شحاتة، قد جرح مشاعر الكثيرين من أبناء الوطن الواحد، الذين كان يحدوهم الأمل في أن يبذل البدوي المجهود اليسير في ادعاء أنه غير موكل من قبل سلطات أعلى للإطاحة بصحيفة الدستور، حقيقة أن مجهوده لم يكن ليكلل بالنجاح، لكنه كان سيحافظ على رهافة مشاعر بعض الناس الذين مازالوا يقدرون الحياء، ويجدون فيه قيمة إيجابية. بالرغم من أن الجميع رج رأسه، مرارا وتكرارا، كلما استمع لتغريدات المربي الفاضل، بسبب صياغاته اللغوية ال... ال... لا أدري ماذا أقول، لكن صياغات إدوارد تشعر المرء – بمجرد سماعها – أن عورة ما، لشخص ما، في مكان ما، قد انكشفت الآن.. فورا، وقد قمت بإجراء بحث ميداني، وتوصلت لنتيجة عامة تستحق الدراسة والتأمل: كل من يستمع لرضا إدوارد، تنتابه حالة غريبة، ومشاعر مختلطة، ما بين تحسس للتأكد من أن المستمع يرتدي ملابسه بالفعل، وأن أحدا لم ينزعها عنه في غفلة منه، وما بين رغبة عارمة في حمل الكوفيرتا وستر بها كائن مجهول، يظن المستمع أنه تعرى بشكل مفاجئ أمام جمع غفير. بالرغم من ذلك كله، إلا أن الناس لم تجد أولوية للتوقف عند الأتي: قال المربي الفاضل: "عودة إبراهيم عيسى أمر محتم فيه". وأشار لمطالب الصحفيين مؤكدا أنها: "فرض عانت فظيع". ضحك الناس، ثم مروا مرور الكرام على الواقعة الجلل، وتجاوزوها لأعداد الدستور المثيرة للشفقة، واعتصامات الصحفيين المطالبين بالحد الأدنى من المهنية والإنسانية، والكارثة التي حلت بالصحافة المصرية من جراء حرمانها من صحفي بقيمة ووزن إبراهيم عيسى.. إلخ. لا وإيه.. كل يوم ينتظر الصحفيون المربي الفاضل لمعرفة كوعهم من بوعهم. من الواضح أن السادة الزملاء يضيعون وقتهم بينما أس الجريمة يربض أمام أعينهم متلويا كالحية وهم لا يعيرونه اهتماما، ألا وهو: أمر محتم فيه... فرض عانت فظيع. خلاص.. بتتكلموا في إيه تاني؟ المربي الفاضل – فاضل إيه بقى؟ ما فاضلش حاجة خالص – الذي يربي النشء، ويدير سلسلة مدارس – تماما كسلسلة المطاعم – سيرتكب عدوانا ضد المستقبل، ويخرج لنا جيلا كاملا ماهو إلا "فرض عانت فظيع"، وهذا "أمر محتم فيه". لا بل إنه لم يكتف بوضع عقول أطفالنا وفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض في خلاط سلسلة مدارسه، التي يديرها بنفسه، ويحل مشاكل "الأولاد" بذاته، فانتقل إلى الصحافة، لتتحول حياتنا إلى سلسلة من الأمور المحتم فيها في فرض عانت فظيع، وكلما وجدني أحد الزملاء منفعلة، ومتوقفة عند هذه النقطة بالتحديد، لوى رأسه، وأشاح بوجهه، ولسان حاله: احنا مرميين في الشارع ودي رايقة. آسفة جدا، هذا ليس بالحدث الهين. صحفيو الدستور الذين ارتكب بحقهم جريمة مهنية يعدون بالعشرات، الأستاذ إبراهيم عيسى، تزن قيمته الآلاف، إلا إنه فرد، أما انفراد المربي الفاضل - مؤسس تنظيم أمر محتم فيه، وزعيم حركة فرض عانت فظيع - بالأجيال، أطفالا في المدارس، وكبارا من قراء الصحف، هذا ما لا يجب السكوت عنه أبدا، كلنا في الدستور القديم إلى زوال، لكن ماذا عن أطفال اليوم وشباب المستقبل والمواطنين الأبرياء العزل الذين سيقرأون الدستور الجديد، وقد خلا من ألفاظنا النابية، وامتلأ بالفروض العانتة الفظيعة؟ لم يهتم الزملاء، ألحوا فقط بالسؤال: طب محتم فيه دي يعني إيه؟ يعني حيرجع ولا مش حيرجع؟ الأمر الذي أثار حفيظتي فعلا... لماذا يستهين بي الزملاء؟ لماذا لا يشعرون بالخطر المحدق؟ كيف لرئيس مجلس إدارة جريدة، رأسمالها الكلام، وصاحب مدرسة، مهمتها تعليم الأطفال، أن يقول: أمر محتم فيه وفرض عانت فظيع؟ كيف كون عقله هذه الصياغات؟ وعلى أي مصادر، لغوية كانت أم أدبية، اعتمد؟ ومن أجاز له أن يصول ويجول في عقول المواطن المصري الذي يكافح من أجل عيشه، وليس في عقله مساحة مليمترا تسمح بالعبث في فصوص مخيخه؟ وكيف ترتكب هذه الخطيئة الشنعاء على أعين الناس دون تدخل شهم من إنسان واحد لإنقاذ مدنيين غير حاملين لسلاح ولا آوين لإرهاب ولا متعاطفين مع القاعدة ولا مقرين لحادث الحادي عشر من سبتمبر؟ ماذا لو صدم الأمر المحتم فيه مواطنا وهو يفتح لفة الصحيفة، في صباح باكر، ليلتهم إفطاره فيتسرب الأمر المحتم فيه لجهازه الهضمي بعد اختلاطه بأقراص الطعمية الساخنة الشهية المرصعة بحبات السمسم الذهبية؟ ماذا لو وقعت الصحيفة في يد خادمة كادحة، تنفق على أطفالها – وزوجها المدمن – لتلمع بها زجاج غرفة البيه الصغير وهو يقذفها بألعابه فيقع المنديل من فوق رأسها وتجحظ عيناها بينما أشعة الفرض العانت الفظيع تتغلغل في حدقيتها؟ سيدي المربي الفاضل، داري جمالك دي العيون بصااااصة، داري جمالك كل لفظة رصاااااصةةةة.