قال لي صديقي: فكرة تفريع أهم ما جاء في برنامج مصري أصلي في مقالات تبدو إفلاساً، فقلت له بطل نفسنة وخد لك جنب واقعد اسمع أغنية فضل شاكر الجديدة (جاني) هتفكك خالص وهتبقي كويس. يقال: شخص «مالوش لاعيل ولا تيل» والتيل هو «الوريث». ويقال: شخص «ابن حنت» بمعني شديد الذكاء، والحنت هو الثعلب الصغير، ويقال: شخص «خرونج» والخرونج هو الأرنب حديث الولادة. قلت لك استمع لأغنية فضل شاكر لكن من فضلك «وطي المدعوق ده» والمدعوق هو الرجل الذي لا يعيش له أولاد وكلما أنجب طفلاً مات، عادة يموت صغيراً يعني ممكن بعد «السبوع» بعد أن يغني له «حلقاتك برجالاتك» وهو مصطلح نردده دون أن نفهم معناه، وهو أغنية مقتبسة من أغنيات البدو الذين كان رجالهم يتزينون في الماضي بارتداء «الحلقان» فكانوا يغنون للأطفال حلقاتك برجالاتك، بمعني أنك برجال العائلة وبعزهم ومن خيرهم سترتدي الحلقان الذهب. الغنوة تبشر الطفل بالرخاء وتفخر برجال العيلة في الوقت نفسه، وفي عهد ما كان الثراء يقاس بقدرة الأسرة علي شراء الكازوزة في أي وقت وكانت في بداية ظهورها تستخدم كعلاج، وأصل الكلمة يعود لأيام الاحتلال الإنجليزي، عندما كان المشروب المثلج الوحيد المتاح هو «العرقسوس»، أحبه الإنجليز وأطلقوا عليه «إرك سوس» ثم حرفت الكلمة وأصبحت «كاسوس» ثم «كازوزة». هل أعجبتك أغنية «فضل شاكر»؟، إذا لم تعجبك أدعوك لأن تستمع لأغنية محمد عدوية الجديدة «الوردة الدبلانة» صدقني هتتبسط، فأنا أسعي لإراحة أعصابك وإن كنت في قرارة نفسك تشعر أنني «بأكلك الأونطة»، والأونطة كلمة أصلها يوناني (أفانتا) بمعني حيلة، والأونطجي هو الشخص الذي يمتلك أكبر قدر من الحيل التي تساعده علي تثبيت الناس، ومن مشتقاته الشخص الذي اشتهر بأنه «بيمسح جوخ» وهو الشخص الذي لا يملك حيلة إلا النفاق، والجوخ هو أحد أفخر أنواع الصوف ويستخدم في تفصيل العباءات والبدل. صديقي إذا لم تكن أعصابك قد ارتاحت بعد كل هذه الأغنيات الجميلة يبقي أنت عايزلك يومين في شرم الشيخ، وهي ليست عاصمة محافظة جنوبسيناء كما قلت في إحدي الحلقات ولكن عاصمتها هي مدينة الطور، سافر وماتقعدليش زي اللطازانة واصطحب معك كتاب «معجم فرج للعامية المصرية» للمهندس سامح فرج، ومن خلاله ستعرف أن مصطلح اللطازانة الذي نطلقه علي الشخص ثقيل الدم ثقيل الحضور مشتق من لغة النجارين ويقصدون به لوح الخشب الزان الطويل العريض. سافر واتركني في حالي فأنا مازلت متعاطفاً مع «المدعوق» وحظه السيئ وفرحته التي لا تكتمل، فمن المؤكد أنه أثناء الحمل أجري لزوجته السونار الشعبي الذي يحدد نوع الجنين وفيه يقوم الرجل بوضع بذرة قمح وبذرة شعير في تربة رملية تروي يومياً ببول الأم فإذا أنبت الشعير فقط كان المولود ولداً وإذا أنبت القمح فقط كان المولود بنتاً وإذا أنبت الاثنان كان ولداً مكاراً، ربما استطاع هذا الطفل في أول أيامه أن ينعم «بلبن المسمار» وهو أول تدفق كامل للبن الأم، وربما أهلك نفسه بكل الحيل الشعبية الممكنة ليحميه من الحسد وليستمر علي قيد الحياة مثل أن يدفن خلاص الأم تحت أحد جدران البيت أو أن تأخذه أمه و«تشحت عليه» أمام أحد المساجد البعيدة، وربما ظل لأيام يدلع الطفل ويرميه في الهواء لسنتيمترات قائلاً: «أوبا» ثم يلقفه بحنية، و«أوبا» كلمة يونانية بمعني «أيتها القوة»، عموما الرجل الذي يتحمل مصيبة مثل تلك يستحق أن يقال عنه رجل «جدع» والجدع هو أحد أنواع الجمال وهو أكثرها قدرة علي تحمل المشقة والسفر لمسافات بعيدة.