أفاق الثعلب من نومه وهو يشعر بالجوع الشديد ولم يكن فى جحره ما يأكله.. فانطلق فى الغابة يبحث عن طعام له، كان كلما انقض على أرنب أفلت منه سريعاً، وإذا حاول الإمساك بفأر أسرع هذا ودخل جحره الضيق، حتى كاد الثعلب يهلك من الجوع. فجأة لمح عصفوراً مشغولاً بالتقاط الحب من الأرض، فانقض عليه سريعاً وأمسك به بيده فرحاً بصيده هذا، قال العصفور الصغير للثعلب: ماذا تراك فاعلاً بى؟ أنا صغير الحجم، قليل اللحم لا أغنى من جوع ولا أكفى وجبة صغيرة! نظر الثعلب إلى العصفور النحيف وعرف أن كلامه صحيح.. ثم أضاف العصفور قائلاً: أطلق سراحى بالله عليك.. وسأسدى إليك ثلاث نصائح تكون نافعة لك مدى حياتك.. أسديك النصيحة الأولى وأنا فى قبضة يدك.. وأسديك الثانية وأنا فوق غصن الشجرة هناك، أما الثالثة فأسديها إليك وأنا طائر فى الجو.. فكر الثعلب بكلام العصفور وكان يدرك عدم كفايته لسد جوعه وقال له: حسناً هات النصيحة الأولى.. قال العصفور: لا تندم على ما فوت من أمرك.. ثم طار وحط على الغصن، وقد شعر أنه حر، فقال الثعلب: والنصيحة الثانية ما هى؟ قال: لا تصدق كل ما تسمع ويقال لك، ثم طار محلقاً وقال للثعلب: لو أنك التهمتنى لأشبعك لحمى ورواك دمى أيها الأحمق، ندم الثعلب على فوات الفرصة وحزن حزناً شديداً ثم نظر إلى العصفور وقال فجأة: ولكن أين النصيحة الثالثة التى وعدتنى بها؟ قال العصفور: تعلم أن تنتفع بنصائحى، ثم غاب عن نظر الثعلب.. انطلق الثعلب المخدوع يبحث عن طعام من جديد، فمر فى طريقه بلوحة كُتب عليها: احذر الوقوع فى البئر! فابتسم وقال: لا.. لن أصدق كل ما أسمع ويقال!! ثم عبر وسقط فى البئر فقضى جوعاً وندماً!؟