لا شك أن أسبابا كثيرة تبعث علي الارتياح لوجود فضيلة الدكتور أحمد الطيب علي مقعد مشيخة الأزهر خلفا للراحل محمد سيد طنطاوي غفر الله لنا وله، أهمها أنه جاء بعد فترة اشتباك وتنابذ بين نخب وكفاءات ثقافية فكرية ودينية مع مشيخة الأزهر لم يحقق التواصل المطلوب ولا الأمل المرتجي منها كمنارة للعلوم والفنون والآداب وحارسة للشريعة والعلوم الاسلامية بوجه خاص واحتقان بين المذاهب وأشياعها ومريديها جاء مع أُمنيات للأمة بعودة الأزهر لسابق مجده يعوض الفراغات التي أحدثتها إخفاقات السياسة الرسمية في أفريقيا وأسيا وأوروبا فكان موفدو الأزهر من الوعاظ والعلماء والأئمة رسلاً وسفراء لمصر في تلك القارات وأعماقها التي تفتقر وجود أمثالهم مبشرين وداعين بتعاليم الإسلام والحق والعدل وبصفة شخصية كنت أري ومازلت في الرجل تواضع العلماء وسمتهم وصبر الدعاة ودأبهم وعلم العلماء وقوة حجتهم أراه سببا للتجميع والتوحد لا الفرقة والانقسام والبعض سُررت كثيرا عند اختياره مفتيا للديار المصرية ثم سُررت عند اختياره رئيسا لجامعة الأزهر وكانت سعادتي بالغة بجلوسه علي مقعد مشيخة الأزهر شيخا وإماما ورائدا لأهل السنة ووسيطا مقبولا لسائر المذاهب الأخري. زرته فور تبوءه منصبه شيخا للأزهر وكنت في معية وفد يمثل المنتدي العالمي للوسطية برئاسة الإمام الصادق المهدي شعرنا بثقل المهمة علي قسمات وجهه وفي نبرات صوته، غير أننا وجدنا معها أيضا دأباً وصبراً وإصراراً وعزيمة علي استعادة دور الأزهر المفقود الغائب وإصلاح إداراته ودولاب العمل الخاص به، وحرص علي التواصل مع عامة المسلمين وخاصتهم ومع جيمع المؤسسات والهيئات العاملة في درب الدعوة الإسلامية وكذا الأفراد الدعاة المستقلين خارج مؤسسة الأزهر معتبرا هؤلاء وأولئك ممن يخففون عن الأزهر أعباءه شريطة الاستقامة علي طريق الدعوة ومصلحة الأمة ووحدتها وكله لم يكن محل اختلاف علي الإطلاق، لكن القضية الأم التي تشغل بال كل المسلمين الغيورين - برأي - هي تطوير الأزهر.. تطوير التطوير وليس تفريغ الأزهر من رسالته بمسخ علومه ومواد دراسته لقد اُستغلت قضية تطوير الأزهر أسوأ استغلال علي مر العصور حتي أصبح خريجه فقيراً علمياً متراجعاً ثقافياً فلا جمع من الدين ولا بلغ من الدنيا!! استرجعت كل هذه المعاني خلال الأيام الماضية وقد زارني بمكتبي وفد من العاملين بالأزهر ومعاهده العلمية يشكون من فقدان الاتصال بشيخ الأزهر واحتجابه عنهم رغم أن منهم من هم بلدياته من الأقصر لا يقوون علي لقائه يجلس معهم علي البرش هناك فإذا ما حضروا لمكتبه بالأزهر يُحال بينه وبينهم واختلفوا مع رئيسهم الإداري المباشر واحتكموا إليه دون جدوي، سألني هؤلاء لم يقدم شيخ الأزهر مصلحة مدير عام منطقة البحر الأحمر الأزهرية علي مصلحة بعض العاملين فيها؟ قلت ولم تُسيئون الظن في الرجل؟ ربما يؤثر فضيلته عدم التدخل في اختصاصات الإدارات الأخري؟ قالوا في صوت واحد معاذ الله أن نسيء الظن فيه وهو إمامنا ومحل ثقتنا بل نحن في حاجة لتدخله وقد أنصفتنا الأجهزة الرقابية المختصة فقد تم نقلنا من معهد قراءات بنين الشلاتين إلي إدارة القصير دون تحقيق أو سبب سائغ ومشروع؟! نحن نعتقد أن مدير عام منطقة البحر الأحمر الأزهرية يكيل بمكيالين بتصرفات عنصرية تتناقض وجدارة المنصب وإجلاله في مؤسسة رفيعة المستوي المفترض أنها تُعلم الأجيال المساواة والعدل وأنه لا فضل لمسلم علي آخر إلا بالتقوي والعمل الصالح هذا الرجل - والكلام لمجموعة العاملين بالأزهر- يُجامل أهل محافظته فقط، فهو من سوهاج ويعاملهم معاملة دون باقي المحافظات الأخري!! ولما تم نقل بعض هؤلاء علي النحو الذي أشرنا إليه وتم التظلم من هذا القرار أمام الجهات الرقابية المختصة ولجان التوفيق في بعض المنازعات تم إلغاؤه وعادوا لعملهم مرة أخري غير أنهم عادوا يعانون الاضطهاد مرة أخري ينتظرون نقلا خارجيا تعسفيا بدلا من النقل الداخلي الذي تم إلغاؤه إمعانا في التعسف وسوء استخدام سلطانه!! قال أحد علماء الأزهر بالبحر الأحمر الشيخ عامر حمدان شيخ معهد الشلاتين الابتدائي طلباتنا وحوراتنا مع مدير عام المنطقة الأزهرية كلها موضوعية وفي صميم المصلحة العامة وأخرج الشيخ عامر مما معه ورقة تضمنت طلبا مقدما لفضيلة المدير العام بضرورة بناء سور للمعهد لأنه من ناحية يؤدي لتلافي الحوادث المرورية لكون المعهد علي الطريق الأسفلتي الرئيسي الذي تعبره السيارات السريعة ومن ناحية أخري يؤدي لإنجاح العملية التعليمية ويحد من هروب التلاميذ والتأكيد علي بناء دورة مياه للطلبة الذين يقضون حاجتهم في الخلاء وإنشاء جناح جديد يُستغل كفصول دراسية وحجرات أنشطة غير أن أهم ما تضمنته رسالة الشيخ عامر لمدير عام المنطقة الأزهرية بالبحر الأحمر وتكشف عن قلق عام أشرنا إليه ويشير غيرنا إليه هو ضرورة تقليص حجم كثافة الفصول مع الأخذ في الاعتبار « أن مُعلم الأزهر الشريف غير معد تربويا للتدريس» يا فضيلة الإمام: إن أبناءك وتلامذتك العاملين في المعاهد الأزهرية شيوخا ومعلمين للأجيال الجديدة لا يمنون علي أنفسهم في التعامل مع رئيسهم الإداري الأعلي في المنطقة الأزهرية بالبحر الأحمر، يترقبون نقلا تعسفيا وهم في تحقيقات شتي وتمتنع الشئون القانونية في الأزهر عن إنصافهم وتدفعهم دفعا للجوء للنيابة الإدارية وهو مشوار مارثوني طويل ولم يكن ذلك إلا تفلتا من مسئولياتهم الوظيفية في الشئون القانونية تحرجا أو مجاملة للمشايخ الكبار في الأزهر!! يا فضيلة الإمام: لقد ترك لي أبناؤك وتلامذتك العاملين في المنطقة الأزهرية بالبحر الأحمر أوراقا كثيرة وشكاوي مديدة وصوراً شتي للفساد كما يرونه في هذا القطاع، تحتاج إلي تحقيق نزيه وشفاف تحت إشرافك ورعايتك إحقاقا للحق ودفعا لنزغات الشيطان ومحاسبة أي مسئول يثبت في حقه ارتكاب وقائع تشكل فعلا فسادا وإفسادا وإهدارا للمال العام والتعسف في استخدام السلطة ومحاباة البعض ومجازاة آخرين بعيدا عن ضوابط واعتبارات النزاهة والمساواة والحيدة.