«1» السيناريست والداعية أما السيناريست فهو شهير.كاتب ساخر أحياناً.مقدم برامج أحياناً.وشاعر في أحيان أخري متأثراً بشقيقه الشاعر كذلك.كان السيناريست متحمساً للغاية للعمل مع الداعية الشاب الذي أراد تغيير جلده ليقدم للناس برنامجاً جديداً يجمع بين الترفيه والتدين - أو هكذا كان يحلم - لا سيما أن الداعية زئبقي لدرجة كبيرة، فهو داعية أحياناً والبعض يناديه ب(يا شيخ)، كما أنه مصلح اجتماعي في أحيان أخري، والبعض يصنفه علي أنه إعلامي لأنه يريد الخروج من عباءة الدعوة النمطية التي ظلت تطارده مهما جدد فيها، فيما يعتبره أشرس منتقديه ممثلاً يلعب علي مشاعر الناس، وحسبما يكتب في الصياغة القانونية للعقود تلاقت رغبة الطرفين في التعاون، حيث يملك الأول(السيناريست) بضاعة يريدها الثاني(الداعية) لتطوير برامجه ووضع اسم كبير علي تترات البرنامج غير المسبوق(أو هكذا كان يحلم أيضاً)، وعلي الفور حدثت الكيمياء التي أحدثت استلطافاً فجلسات عمل فاجتماعات وزيارات فورق واسكريبتات والله يا فلان وده عشان انت اللي حلو يا علان، ورائع يا مبدع وكل هذا الكلام اللطيف الظريف الذي ما إن تسمعه حتي تشعر أنك بصدد دويتو أسطوري «هيكسر الدنيا»، ولأن البرنامج يحتاج لتسويق فقد اختار الداعية أن يبدأ التسويق مبكراً كما تعود، فأعلن عن اسم البرنامج وفكرته وأعلن عن اسم السيناريست في مفاجأة ظن أنها ستكون سارة للجميع، لكن يبدو أن المفاجأة لم تكن كذلك أبداً، ففي اليوم التالي مباشرة خرج السيناريست ينفي وجود أي اتفاق من أي نوع مع الداعية، مؤكداً أنه لم يوقع أي عقود، وأن كل ما فعله هو أنه جلس وتحدث وخلاص..بح..مفيش أي حاجة.لحس السيناريست كلامه ولم يذكر وجود ورق مكتوب بخط يده لدي الشركة المنتجة، بل ونفي أن يكون قد كتب حرفاً في الموضوع من الأساس. الداعية بدا للجميع وكأنه كذاب وعند البعض وكأنه مدع أو يتاجر بأسماء غيره ليعود للظهور بعد تراجع برامجه الأخيرة ولا نقول فشلها، لكنه تعود ألا يعلق أساساً علي أي موضوع يمسه، وكان من الصعب حتي أن يتصل بالسيناريست ليسأله لماذا باعه لا لشئ إلا لأن البيعة تمت وانتهت. بعدها تواري الداعية قليلاً عن الأنظار، مفضلاً ألا يتحدث في الموضوع لا سيما بعد أن عرف أن ضغوطاً ما مورست ضد السيناريست لكي لا يكتب البرنامج، صحيح أن البعض يقول إنها ضغوط أمنية، لكن واقع الأمر أنها ضغوط فنية جداً جاءت عبر نجم سينمائي كبير جداً جدا يكتب له السيناريست أفلامه ويقبض عليها ما يزيد علي النصف مليون جنيه عن السيناريو الواحد.النجم أصلاً يكره الداعية لأسباب لا أحد يستطيع تفسيرها، ففي فترة سابقة وقبل أن يشتهر الداعية أصلاً كان يلعب مع النجم (راكيت) في أحد النوادي الشهيرة. يعني كل منهما يعرف الآخر تمام المعرفة.لكن النجم كره الداعية فجأة ولم يعد يلعب معه وصار ينتقده ويستهزئ به ويشكك في نواياه في كل برامجه دون رد من الداعية وهو ما أغضب النجم أكثر وأكثر لأن من يردون عليه دائماً كانوا أتباع الداعية وهم بالملايين، كما أن الداعية يتكلم بخلفية دينية، أما النجم فكل أفلامه تسخر من جميع مظاهر التدين، كما أنه يهرتل كثيراً حين يتحدث عن الدين لدرجة أنه قال إن فنه يقربه إلي الله في الفترة التي كان يقدم فيها فيلماً مليئاً بالأحضان والقبلات بينه وبين ممثلة لبنانية شابة كانت فرحة بأنوثتها المتفجرة وتنفذ تعليمات الأستاذ بارتداء ملابس ساخنة، والغريب أن كاتب هذا الفيلم هو السيناريست نفسه. فيما بعد قرر النجم أن سيناريسته الملاكي لو أراد أن يواصل الكتابة له فعليه أن يبتعد تماماً عن الداعية وعن أي شئ له علاقة به، وهذا ما فعله السيناريست الذي كتب فيلما جعل أحد أبطاله داعية نصاباً يضحك علي مشاعر البنات السذج ولا يهمه إلا البيزنس، بينما لم يقدم السيناريست شخصية الكاتب الذي يأتمر بأمر سيده النجم بمبدأ (بسٍّك عليه) ربما لأنه لم يعد ينظر للمرآة في الفترة التي أعقبت حلق شاربه.