وبعد ظهور التليفزيون ودخولنا عصر الفضائيات بدأ الإعلام الساخر يظهر في ثوب جديد ألا وهو البرامج الساخرة. وفي الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من البرامج الساخرة التي تتناول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل كوميدي ساخر، ولعل أشهر هذه البرامج وأكثرها نجاحا برامج (نشرة أخبار الخامسة والعشرون) الذي يقدمه أكرم حسني، متنكرا في شخصية مذيع قروي أصلع بنظارة سميكة يدعي: "سيد أبو حفيظة"، يقدم أكرم من خلال هذه الشخصية نقداً للأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطريقة ساخرة، وقد حقق هذا البرنامج نجاحا كبيرا منذ بثه علي قناة "موجة كوميدي"، حيث يعتمد علي بث أخبار قصيرة وسريعة متحدثا عن كل مايتعلق بالحياة اليومية والموضوعية بدءًا من رغيف العيش وأزمة البوتاجاز وتصريحات المسئولين، في محاولة منه للتخفيف عن الناس ومشاكلهم أياً كانت نوعيتها بالكوميديا. "كوميك شو" أيضا برنامج ساخر يقدمه المنولوجيست محمود عزب علي قناة "النيل كوميدي" ويقلد عزب فيه عددا من نجوم المجتمع في الفن والرياضة حتي المذيعين والدعاة، مثل أحمد شوبير والمذيعة أمينة شلباية والمطرب تامر حسني والشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم والمطربة اللبنانية الكبيرة فيروز والداعية عمرو خالد ومفيد فوزي، حتي وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس لم تسلم من سخريته. ويري علماء الاجتماع وعلماء النفس أن النكتة تعتبر دليلا علي حيوية الشعب واهتماماته ورغبته في تجاوز الأمر الواقع وعدم الاستسلام له، حيث يجد أفراد الشعب في النكتة والتنكيت وسيلة وسلاحا فعالا للتعبير عن الآراء والمواقف التي لا يقوون علي الجهر بها.. أيضا فقد وجد المغاربة في النكتة وسيلة للتعبير عن المكبوت تجاه الحكم والتدابير السياسية والاقتصادية. فأغلب النكت السياسية وذات "السخرية السوداء" موجهة ضد القائمين علي أمورنا، من أعلي الهرم إلي قاعدته، حكامًا ووزراء وسفراء وجنرالات وشخصيات، وعبر النكت و"السخرية السوداء" يوجه لهم أفراد الشعب رسائل مشفرة ينفسون بها علي أنفسهم من خلالها بوضعهم في إطار يثير الضحك. وأيضا اللبنانيون وهناك نكات كثيرة وبرامج ساخرة من السياسيين والطوائف، فالنكتة سلاح الضعيف ضد القوي، وسلاح الأقلية ضد الأغلبية، وربما كان برنامج الفنان أحمد آدم علي شاشة "الحياة" مسرحية كاملة يقدمها بمفرده في صورة برنامج "توك شو" أسبوعي حيث يحاول آدم من خلاله أن يعلق علي مختلف الأحداث اليومية التي تشهدها مصر بأسلوبه الساخر دون مزايدة، مبتعدا في حديثه عن أي انتماء ديني أو عقائدي، أو تعارض مع سياسة الدولة الخارجية.. مبررا ذلك بأن أي شيء يضر بمصلحة البلد أو يزايد علي هموم الغلابة هو ضده، ويريد أن يفصل الناس بين حبه للدولة ككيان، وبين الحكومة. وهناك برنامج السيناريست يوسف معاطي وهو من نوعية التوك شو ويشاركه الإعداد فريق كبير من المعدين، يتناول أهم الأحداث ويعلق عليها محمد هاني بشكل ساخر تحت عنوان "صاحب السعادة".. فالكوميديا تزدهر عندما تكون هناك أهداف مضحكة. فهناك شخصيات يمكن أن توحي لك بالنكتة أو الكوميديا، وهناك من يمنحونك مادة خصبة ومن نوعية البرامج التي تجمع بين الاقتباس والسخرية: "وزارة ما تمت"، وهو مأخوذ عن البرنامج الأمريكي: "ماذا لو أصبحت الرئيس"، وكان يذاع علي الشو تايم، ويبدو أن رياح التغيير بالنكتة دائما ما تكون أقوي وأكثر تأثيراً.