كنا يوم شم النسيم اللي فات ماشيين أنا وأصحابي علي الترعة الخضراوية في عز الضهر.. فجأة لمحت عبد المعز جاي من الجسر التاني للترعة بجلبابه البلدي وابتسامته الطفولية علي الموتوسيكل وراكب وراه ابنه.. ناديت عليه كل سنة وأنت طيب يا عم عبد المعز.. رد عليا وأنت طيب يا أستاذ هاني، كما اعتاد أن يناديني، وأكمل طريقه بسرعة ونحن أيضا في اتجاه عودتنا إلي منازلنا.. حتي ظهر وسواس واحد من أصحابي وسوس في ودانه إنه يقول إيه يعني لما يسلم عليك ده مش معناه إنه بيحبك لأنه بيسلم عليك زي أي واحد من الناس اللي بيقابلهم. لم تمر دقائق معدودة حتي جاء عبد المعز إلي البر الثاني اللي ماشيين فيه ومن غير ما يعرف اللي قاله الوسواس علشان يقولي كل سنة وأنت طيب يا هاني لحد عندي.. ودي حاجة كبيرة في الفلاحين من راجل فاهم رغم إنه أكبر مني سناً ليذهب الملاك الراحل إلي عالمنا الآخر بالشيطان بعدما قلتله تصدق يا عم عبد المعز إنه الوسواس بيقوللي إنك ما تعبرش واحد مثلي، لكن القدر جعله يكبس الشيطان وييجي يسلم عليا.. حتي قال هو أنا ألاقي أحسن منك علشان أجيله؟.. وكان الكلام ده أمام أسامة صاحبي اللي هوه ابن أخته. رحل عبد المعز دون أن يكمل عقده الرابع في الحياة تاركا خلفه ميراثا حقيقيا هو أبناؤه الصغار يأتنسون بجدهم وجدتهم علشان يبقوا أجمل تعويض من الله عن فراقه المفاجئ. وداعاً عبد المعز حتي نلتقي في دار البقاء.. وداعا قبل أن يدون حديثي كأنه رثاء.. وداعا بحب كما جمعتنا الأيام وفرقتنا الأقدار. في النهاية لا يسعني سوي الدعاء إليك أنا ومن يقرأ كلماتي المكتوبة بأن تنال نصيبك من الآخرة، وأن تتمتع برؤية وجه المصطفي «صلي الله عليه وسلم»، وأن تكون من بين المؤمنين ممن يمدد الرسول الكريم يده بكوب من ماء خردل ليسقيهم، و ممن يحظون بصحبة الصحابة رضي الله عنهم جميعا، وأن يتغمدك بواسع مغفرته.