كانت مصر تملك ثروة معقولة من البترول والغاز الطبيعي، وكانت بمصر وزارة للبترول تتولي إدارة هذه الثروة لصالح الشعب المصري، ولهذا كان الشعب بمؤسساته الرقابية يحرص علي معرفة كل شيء عن هذه الثروة بدءا من اكتشافها مرورا باستخدام نسبة منها لسد احتياجات الشعب وصولا إلي تسويق الفائض في الأسواق بالأسعار العادلة حتي يحصل الشعب المصري علي العائد المادي المجزي من هذه الثروة. وجاء المهندس سامح فهمي ليتولي وزارة البترول في جمهورية مصر العربية، وبدأ الرجل بذكاء في وضع الخطط التي تسمح له بأن يكون وحده المسئول عن كل شيء في هذا المجال، وأضاف إلي الثروة البترولية باقي الثروات الطبيعية في مصر. وشيئاً فشيئاً استطاع المهندس سامح فهمي أن يبعد الشعب - عبر مؤسساته الرقابية - عن التدخل في شئون هذه الثروات الطبيعية، إلي أن وصل الأمر إلي تجاهل هذه المؤسسات وبالتالي تجاهل الشعب المصري تماما والاستئثار بالتصرف في هذه الثروات الطبيعية دون رقابة أو محاسبة، ولم يعد للشعب المصري علاقة بثرواته الطبيعية إلا بالحصول علي «معونات» يحددها المتحكم في هذه الثروات، وأصبحت وزارة البترول المصرية «سابقا» امبراطورية مستقلة تتعطف وتهب مصر بعض «المعونات» من عائدات بيع الثروات الطبيعية وفي مقدمتها البترول والغاز الطبيعي. وفي محاولة يائسة من الشعب المصري لاسترداد السيطرة علي ثرواته الطبيعية خاصة البترول والغاز من امبراطورية سامح فهمي المستقلة، قام بعض المواطنين المصريين باللجوء إلي القضاء لوقف بيع الغاز المصري بأسعار متدنية لإسرائيل، ومنع إهدار أموال الشركات التابعة لهذه الامبراطورية بتعيين المحظوظين برواتب تبلغ الملايين كل شهر كما حدث من تعيين المهندس محمد إبراهيم سليمان - وزير الإسكان السابق - الذي يقرأ الشعب المصري أخبار اتهامه بنهب المال العام وبتصرفات كثيرة تمثل حالة من أبشع حالات الفساد، وتحاول أهم مؤسسات الحكم في مصر -وهي مجلس الشعب- من خلال طلبات إحاطة يتقدم بها بعض الأعضاء، الاطلاع مجرد «الاطلاع» علي عقود بيع الغاز الطبيعي لإسرائيل، أو الاطلاع مجرد الاطلاع علي ما يتم من تصرفات في وزارة البترول المصرية المفروض أنها خاضعة لرقابة مجلس الشعب، لكن الأعضاء الراغبين في مجرد الاطلاع والمعرفة يصدمهم أن وزارة البترول المصرية قد نالت استقلالها التام وأصبحت امبراطورية مستقلة، وأن شئون هذه الامبراطورية شئون داخلية لا يسمح للمصريين الغرباء بالاطلاع عليها، وأن القرارات التي تصدر عن امبراطور هذه الامبراطورية هي من «أعمال السادة» التي لا يسمح لأعضاء مجلس الشعب المصري بمعرفة أي شيء عنها. المشكلة التي تواجه العلاقة بين مصر و«امبراطورية فهمي المستقلة» أن الشعب المصري بدأ يعاني أزمات في كميات الغاز الطبيعي التي يحتاجها وأنه - أي الشعب المصري - تصور بسذاجة أنه يستطيع أن يغطي احتياجاته من الغاز الطبيعي بالحصول علي هذه الاحتياجات مما تنتجه حقول الغاز المحفورة في أراض ومياه مصرية، لكنه فوجئ بأن امبراطور البترول والغاز متعاقد لبيع هذا الغاز لإسرائيل، وأنه يرفض أن يحصل الشعب المصري علي كميات من هذا الغاز المستخرج من أرضه ومياهه الإقليمية. وصدر فرمان الامبراطور بأن يشتري الشعب المصري ما يحتاجه من الغاز الطبيعي من الأسواق العالمية!، وتزداد المفارقة غرابة عندما يعرف الشعب المصري أن عليه أن يتحمل نفقات بعشرات الملايين يدفعها من حر مال الشعب لتأمين محطات ضخ الغاز إلي إسرائيل!، ومعني هذا لو تم خصم هذه الملايين التي تتحملها مصر لحماية تصدير الغاز إلي إسرائيل فإن عائدات بيع الغاز لإسرائيل يمكن أن تتدني بدرجة كبيرة. وطبعا امبراطور البترول والغاز، لا يعنيه هذا لأن الشعب المصري هو الذي يتحمل تكاليف حراسة هذه المنشآت بينما العائد يدخل خزانة امبراطورية البترول والغاز المستقلة، ولا أحد يملك الحق في سؤال الامبراطور عن شئون امبراطوريته. رغم هذه الصورة العبثية فقد رأيت طاقة أمل عندما علمت أن بعض المصريين سوف يتقدمون إلي الأممالمتحدة طالبين التوسط لدي امبراطورية فهمي البترولية المستقلة ليسمح الامبراطور بحصول مصر علي بعض حاجاتها من الغاز الطبيعي الذي يصدره إلي إسرائيل بمنطق «الميه متفوتش علي العطشان»!