"اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين". صحيح مسلم. "اللهم اجعل رزق آل محمد في الدنيا قوتا". صحيح الجامع. لكن إحنا مالنا.. هو إحنا آل محمد؟ نحن لا نعير آل محمد اهتماماً بالأساس، وزيارتهم حرام، وقتلتهم "رضي الله عنهم"، عشان ما نبقاش روافض. أجلس أمام فلان الأزهري، وعلان المودرن، وترتان السلفي، كلهم يا مؤمن ليس لهم شغلة ولا مشغلة إلا الدفاع عن الثراء والأثرياء. يقول أحدهم: " سيدنا عبد الرحمن بن عوف كان مليارديراً.. ياخوانا ياخوانا ياخوانا كان ملياردييييييير". لا حول ولا قوة إلا بالله، هو عشان عنده جملين زيادة عملتوه أحمد عز؟ وأخذت بعضهم الجلالة فقال: "النبي كان غنياً، ينام علي سرير لا علي الأرض، يلبس أغلي الثياب، ويضع أغلي العطور". قال هذا الكلام شخص المفترض أنه عالم أزهري، فحولت القناة قبل أن يخرج باستنتاج أن الرسول كان يرتدي بيير كاردان أصلي. أولا: نحن نبينا لم يكن اسمه عبد الرحمن بن عوف، وإنما اسمه محمد بن عبد الله، مات ودرعه مرهون عند يهودي ليجد ما يطعم به أهله، وكان عيشه الأسودان: التمر والماء، ومات وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين، وما شبع آله من خبز بر إلا وأحدهما تمر، وما أشبع أهله ثلاثة أيام تباعاً من خبز حنطة. لو كنت أنت "مليارديراً" وفي مدينتك عالم جليل، ولا أقول سيد الخلق، يتضور جوعاً، ألم يكن الأجدر بك أن تضع كل مالك تحت تصرفه؟ فليختر دعاة الثراء واحدة من اثنتين: إما أنهم يفترون علي صحابي بُشر بالجنة، وشهد بدر وبيعة الرضوان، وكان حديث "لا تسبوا أصحابي" غضبة نبوية لتطاول خالد بن الوليد عليه، فكان "أصحابي" أحدهم بن عوف، وكان أمر "لا تسبوا" موجهاً لابن الوليد (يعني ليس كل من عاصر الرسول من المسلمين صحابياً بنص الحديث، بس ده موضوع تاني)، أو أن بن عوف كان شحيحاً، قاسياً، يري محمد وآله في الفقر ولا يحرك ساكناً بالرغم من ملياراته. ثانياً: الرجل ترك الدنيا، وهاجر شبه حافٍ إلي يثرب، ونزل علي بيت من بيوت الأنصار وطلب من مضيفه أن يدله علي السوق، ثم كدح بما يرضي الله، وبمكسب لا يزيد علي الثلث، لا يتعامل بالربا، ويعطي عماله، إن وجدوا، نصيباً من الربح كما ينص الإسلام، فكيف لتاجر يلتزم بهذه الشروط أن يتحول لملياردير؟ ورقة وقلم واحسبها. هو جزاته إن عنده كرامة تفتروا عليه كده؟ ثالثاً: ثلاثة وعشرون عاماً من الجهاد، والنبي يري تشقق كفي سيدة نساء أهل الجنة ويأبي أن يعطيها وزوجها، باب مدينة العلم، الذي عاش ومات في الفقر، خادماً: "والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم". كيف، في هذه الفاقة، تسني لابن عوف تكويم تلك الثروة الأسطورية التي يتحدث عنها كل الدعاة؟ رابعاً: هذا كان تاجراً.. فمن أين أتيتم يا دعاة الدين بأموالكم؟ أنا أقول لكم: من الأثرياء الذين تسخرون دروسكم للدفاع عنهم. عض ديني ولا تعض رغيفي.