الشيخ خالد محمد خالد هل تتذكرونه؟ إنه واحد من أهم دعاة الاستنارة ولمن لايتذكره نقول أنه صاحب الكتاب الذي كان أعلي صيحة في خمسينيات القرن الماضي في الدعوة للحرية والتقدم.. كتاب من هنا نبدأ. ولخالد محمد خالد صيحة رائعة أخري عنوانها معا علي الطريق... محمد والمسيح. وفي الصفحة الأولي من الكتاب نقرأالأنبياء أخوة, أمهاتهم شتي ودينهم واحدوفي المقدمة نقرأ أسطرها الأولي هذا ما أريده تماما. أن أقول للذين يؤمنون بالمسيح وللذين يؤمنون بمحمد: برهان إيمانكم إن كنتم صادقين إن تهبوا اليوم جميعا لحماية الإنسان وحماية الحياة ويقول فوق أرض فلسطين شهد التاريخ ذات يوم إنسانا شامخ النفس, مستقيم الضمير بلغ الإنسان في تقديره الغاية التي جعلته ينعت نفسه ابن الإنسان. وابن الإنسان هذا ذو العبير الإلهي تتركنا كلماته ويتركنا سلوكه لندرك إدراكا دقيقا الغرض العظيم الذي كابد لتحقيقه ألا وهو إنهاض الإنسان وازدهار الحياة ونقلب صفحات الكتاب لنقرأ هاهما في ضياء باهر قادمان عيسي ومحمد. ابن الإنسان ورحمة الله للعالمين. ويقارن خالد محمد خالد النبيين ليجد منهما ذات السلوك.قال المسيح حين أحاط به لؤم الكهنة وكيد الكائدين أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لايعلمون مايفعلون. وقال الرسول ودمه يتفجر تحت قسوة الحجارة التي يقذف بها من كل جانب اللهم أغفر لقومي فإنهم لايعلمون ويسألنا المؤلف أكانت هذه المشابهة عفو الصدفة أم هي ثمرة شيء يشبه القانون العام يصنع علي هذا الطراز الجليل من الهداة؟ هؤلاء الهداة الذين يضعون الإنسان نصب أعينهم فيسوع هو نفسه ابن الإنسان ومحمد يخص في دعوته الإنسان بالاهتمام مرتلا الآيات الكريمة إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ثم يسألنا ألستم تجدون لتكرار كلمة إنسان سببا وثيقا من الحنان والبر, ومن العناية والاهتمام, إن الإنسان هو موضوع الرسالة, رسالة محمد ورسالة المسيح, ونحسب هذا من البداهة بحيث لايحتاج إلي تقرير. ويمضي المؤلف في المقارنة التي توحي بتشابه الرسالتين صوت يسوع يأتي صارخا في البرية ليهز أسماع البشر جميعا: من له ثوبان فليعط من ليس له, ومن له طعام فليفعل هكذا. ويقول لاتظلموا أحدا ولاتشو بأحد. ويقول: روح الرب مسحني لأبشر المساكين وأرسلني لأشفي منكسري الخاطر. ومحمد كذلك يقول اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين. ويقول في حديث شريف: قمت علي باب الجنة, فإذا عامة من دخلها من المساكين..ويخلص المؤلف إلي محمد ويسوع يدافعان عن المساكين والفقراء ويعيشان عيشة المساكين والفقراء ويرفضان معا هؤلاء الحكام الذين ينهبون أقوات الشعب والكهنة ورجال الدين الذين يبيعون دينهم بمال الدنيا. ويمضي بنا خالد محمد خالد يقول يسوع المسيح علي كرسي موسي جلس الكتبة والفيريسيون فكل ماقالوا لكم أن تحفظوه فإحفظوه لكن أعمالهم لاتعملوا, لأنهم يقولون مالا يفعلون ويل لكم أيها الكتبة والفيريسيون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل, من خارج تظهرون للناس أبرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثما, ويعلم سيدنا محمد يوما أن أحد ولاته قد قبل هدية فيغضب غضبا شديدا ويستدعيه ويسأله الرسول: كيف تأخذ ماليس لك بحق؟ ويجيب الوالي: لقد كان هدية يارسول الله.ويسأله الرسول: أرأيت لو قعد أحدكم في داره ولم نوله عملا أكان الناس يهدونه شيئا؟ ويأمره أن يرد الهدية إلي بيت المال ثم يعزله ويواصل الشيخ خالد محمد خالد في مقارنته الملهمة يسوع لقيه رجل وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فأجابه: أنت تعرف الوصايا.. لاتزن, لاتقتل, لاتسرق, لاتشهد بالزور, لاتسلب, أكرم أباك وأمك.فيقول الرجل: يامعلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي ويجيب المسيح: أذهب بع مالك وأعط الفقراء. ومحمد يفترض أن للفقير الحق الكامل في انتزاع حقه في الحياة فذات يوم قال له إعرابي: يا محمد إعطني فليس المال مالك ولامال أبيك, ويهرع إليه عمر يريد أن يطرحه أرضا فيرده الرسول في ابتسامة عذبة ويقول: دعه ياعمر إن لصاحب الحق مقالا. ويمضي بنا الشيخ المستنير ليذكرنا بايات نزلت علي محمد شرع لكم من الدين ماوصي به نوحا والذي أوحينا إليك, وماأوصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ويذكرنا الشيخ بضرورة احترام تفكير الإنسان. احترام حتي شكوكه في هذا المسلك أو ذاك ويقولذهب إلي الرسول بعض أصحابه يشكون إليه أنفسهم ويبثونه مخاوفهم القاتلة من شكوك في الله وفي صحة الدين, فإذا هو يجيبهم متهللا هل وجدتموه؟ يقصد هذا الشك. سبيلا لليقين ووسيلة للإيمان بدلا من أن يتهم أصحاب الموقف المتشكك أو حتي الرافض. وبعد ذلك كله نعود لنقارن ما نحن فيه الآن وبين ما كان في الزمن القديم ونقارن بين هذه الكتابات التي كانت منذ أكثر من نصف قرن, وبين الهراء المتوحش الذي تصبه في عقول البسطاء كتب ما أنزل الله بها من سلطان وإعلام رديء وخال من الفطنة وفضائيات لاأشك في أنها مأجورة وإلا فلتدلنا علي مصدر تمويلها. وفتاوي أستأذن في تسميتها بفتاوي بير السلم, ومناهج تعليمية تلقن التلاميذ منذ الطفولة كارثة التمييز بسبب من الدين, وممارسات رسمية تكرس التمييز وتفرضه فتقنع الجميع بأنه رسمي, وانه مرخص به ومسموح بممارسته كل في مجال وكل علي هواه. ولتأذن لي مكتبة الأسرة بأن اقترح عليها إعادة طبع هذا الكتاب وتوزيعه بأكبر قدر وأقل سعر لعله أقول لعله يكون صيحة في وجه ضجيج التأسلم والتشدد والتطرف. ولعلنا ننجو بأنفسنا ووطننا من خطر مؤكد انه سيكون داهما لو لم نتدارك ما نرتكبه من أخطاء. ونعود إلي القرآن الكريم إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون.. أليست هذه الآية تكفي وحدها؟ المزيد من مقالات د. رفعت السعيد