يوسف القعيد: التاريخ سيذكر للطاهر أنه أول من كتب بالعربية مباشرة في الجزائر الطاهر وطار توفي الأديب الجزائري الكبير الطاهر وطار بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 74 عاما. وفاضت روحه إلي بارئها مساء أمس الأول الأربعاء بعد نحو خمسة عقود من الكتابة، كرسته رائداً للأدب الجزائري المكتوب بالعربية، وناقداً مزعجاً لمختلف الأنظمة التي تداولت السلطة في البلاد. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن وطار توفي أمس الأول في منزله بالعاصمة الجزائرية، متأثرا بمرض عضال ألزمه الفراش عامين. وكتب وطّار عشرات المؤلفات بينها روايات ترجم بعضها إلي عشر لغات ونال شهرة عربية وعالمية. ومن أشهر أعماله «الشمعة والدهاليز»، و«اللاّز»، و«الزلزال» و«الحوّات والقصر»، و«رمانة»، و«تجربة في العشق»، و«عرس بغل»، و«العشق والموت في الزمن الحراشي». ولد وطّار في بلدة «سدراتة» في أقصي الشرق الجزائري وتلقي تعليمه في مدارس جمعية العلماء المسلمين ثم لاحقاً في جامع الزيتونة بتونس حيث عمل في الصحافة أيضا. التحق وطار في 1956 بالثورة الجزائرية، وظل في حزب جبهة التحرير الوطني حتي 1984. عرف عن وطّار في بدايات أعماله ميوله اليسارية، وقد أنشأ مع استقلال الجزائر أسبوعية سياسية سماها ب«الأحرار» لم تلبث أن حظرت، وأتبعها العام الموالي بأسبوعية «الجماهير» التي حظرت أيضا، ثم بعد عقد بأسبوعية «الشعب الثقافي» التي لقيت المصير نفسه. وتحولت «جمعية الجاحظية» التي أسسها وطار في 1989 إلي أحد أهم المنتديات الثقافية في الجزائر، تُحيا فيها مختلف صنوف الأدب من رواية ومسرح وموسيقي، وكانت وراء تأسيس جائزة مفدي زكرياء المغاربية للشعر في 2005، وقال الروائي والكاتب المصري يوسف القعيد في تصريحات ل«الدستور» تعليقاً علي وفاة وطار إن التاريخ سيذكر للطاهر وطار أنه أول كاتب جزائري يكتب بالعربية مباشرة في الجزائر. وأضاف أن غياب وطار سيخلف فراغاً فيمن يكتبون بالعربية في الجزائر. وأعرب القعيد عن مخاوفه في أن يؤثر رحيل وطار في نشاط «جمعية الجاحظية» الرائدة أدبيا في الجزائر والتي أسسها وطار، وقال «للأسف كل شيء يرتبط بالشخص في العالم العربي..وآمل في أن تجد جمعية وطار نفسها في غيابه وأن يستمر دورها». وتقلد وطار في الفترة من «1991 إلي 1992» منصب المدير العام للإذاعة المملوكة للدولة وعارض خلال تلك الفترة ما تبع إلغاء انتخابات عام 90 من اعتقالات طالت ألوفا سجنوا في صحراء الجزائر دون محاكمة. ويعد وطّار من أشد المدافعين عن اللغة العربية والمؤمنين بوجود «قطب فرانكوفيلي» (يتحدث الفرنسية ويدين بالولاء لفرنسا)، كرس سيطرة فرنسا علي الجزائر حتي بعد استقلالها. جهر وطّار بمواقفه صراحة ضد ما وصفه بأنه «لوبي فرانكوفيلي»، مما كلفه عداء بعض الصحف الناطقة بالفرنسية. كان وطّار ناقدا لكل الأنظمة التي تداولت السلطة في الجزائر تقريبا. وقد ظلّت علاقة المثقف بالسلطة أحد هواجس وطّار الكبيرة طيلة حياته، وكرّس لها خاتمة أعماله الأدبية رواية «قصيدة في التذلل». وعن الموت قال وطار في أحد حواراته الصحفية «الموت لا يخيفني، لأنني أؤمن به منذ صباي، وأنتظره كل يوم كحق وواجب».