علي أحد شواطئ الإسكندرية الخمس نجوم يعمل هشام. يقدم الشيشة للزبائن. يرتدي ملابس الفندق التابع له الشاطئ ويحمل الشيش والفحم ولا يتوقف لحظه واحدة عن الحركة، من أول الشاطئ لآخره يضبط الولعة هنا، ويغير الحجر هناك، ويصلح تدفق الدخان في مكان آخر. أشرت إليه وقلت لصديقتي الجالسة معي علي الشاطئ «تلاقيه طالب في الجامعة». وافقت: «أيوه.. أكيد». كيف يؤثر التعليم في شكل صاحبه ؟ ولماذا ؟ لا أعرف إجابة مناسبة. سألت هشام : إنت بتدرس ؟. قال: «أنا مستني نتيجة ليسانس الحقوق، يعني السنة دي هاتخرج من الجامعة). قلت: «وبتشتغل هنا في الصيف» كنت أقصد الفندق الكبير. قال: بشتغل بتعاقد موسمي علي تقديم الشيشة بنسبة. ضحكت: ده إنت رجل أعمال يعني.. كأنك بتدفع للفندق مقابل إنك تشتغل هنا ومكسبك ليك. قال: تقريباً كده.. ده نظام في كل الشواطئ. سألته: وإيه علاقة ليسانس الحقوق بالشيشة. قال: أنا بشتغل أي حاجة، وعمري ما هاقدر أشتغل في تخصصي. قلت: والشهادة ليه ؟عشان لما تتجوز تقدمها لأهل العروسة؟! قال :لأ.. أنا متجوز فعلا من غير شهادة.. الشهادة عشان يمكن الدنيا تتغير. وتيجي أيام يبقي لها قيمة. أعجبتني جملة يمكن الدنيا تتغير. ... في نفس اليوم كانت الجرائد القومية محتفلة بلقاء جمال مبارك بشباب الجامعة. في هذا اللقاء قال جمال مبارك «الدنيا بتتغير.. وضرب مثلا علي أنه ليس عيباً أن يعمل الشباب في غير تخصصاتهم بمهندسين قدموا برنامجاً لشركة أبل العالمية واعتمدته واشترته منهم وأصبحوا أثرياء رغم أنه ليس تخصصهم »!! ... قالت لي صديقة إن ابنها خريج قسم تربية فنية كلية التربية النوعية بتقدير جيد جدا، ويعمل في محل ملابس كبير في المخازن يقوم بلصق الأسعار علي قطع الملابس.. وافق علي هذا العمل بعد أن ظل عاماً كاملاً يبحث عن اختيار أفضل بلا جدوي. قلت لها : ليه ما قدمش في شركة أبل ؟! .... بدرجة جيد جداً أيضاً تخرجت مشرفة أتوبيس في حضانة من كلية التجارة قالت لي: (أصلا كلية التجارة العادية المفروض يلغوها، لأنه حتي خريجين تجارة إنجليزي ما بيلاقوش شغل، أنا لو كنت بعرف إنجليزي كنت اشتغلت في الحضانة نفسها، لكن لأني مش باعرف اشتغل مشرفة أتوبيس.. ساعات باحس إني داده. مش عارفة أنا غلطت في إيه بالظبط. أنا ذاكرت آخر حاجة عندي. في المدرسة.. في الجامعة.. ذاكرت وحضرت.. وفي الآخر اشتغلت داده علي أمل إن الدنيا تتغير. مش معقول هافضل كده. لأن المفروض أن مَنْ جد وجد». نجلاء بدير