جنابك يعرف طبعًا أن المجرم الصهيوني الرقيع والكذاب التاريخي الأشر «شيمون بيريز» سوف يحل اليوم ضيفًا مبجلاً علي الرئيس حسني مبارك بدعوة كريمة كالعادة من سيادته (هكذا قالوا هم)، ولعلك تتوقع وتنتظر أن تقرأ في هذه السطور قدحًا وذمًا وهجاءً شديدًا مُصوبًا نحو هؤلاء الذين عاجلونا بهذا العار الجديد قبل أن ننسي ويخف وجع عار استقبال المجرم نتنياهو من أسبوعين اثنين فقط ..غير أنني آسف جدًا وأعتذر بشدة عن تخييبي لظنك ومخالفتي توقعك، فأنا لن أفعل ولن أكتب حرفًا واحدًا مما تنتظره حضرتك لأسباب ثلاثة صارت «أربعة» دلوقتي حالاً، أولها: إنني تعبت من الشتم والقدح بينما «المقدوحون» لم يتعبوا ولم يهتز رمش واحد في عيونهم الكحيلة التي إذا «اندب» فيها رصاصة تعود وترتد إلي صدرك أنت، والثاني: إن العار مردود لأصحابه وهم يستحقونه وهو جدير بهم، والثالث: إن زيارة بيريز جاءت بعد رسالة تقطر رقة وحبا وحنانا تفضل وأرسلها مكتب الرئيس مبارك للحاخام الصهيوني المخبول «عوفاديا يوسف» الذي من فرط هوسه العنصري وجنونه الإجرامي لا يكل ولا يمل من الدعاء والابتهال لربه يوميا أن يبيدنا و«يمحونا من علي وجه البسيطة»، كما يحض ويحرض أتباعه القتلة علنًا علي أن يُمطرونا بكل أنواع القنابل والصواريخ الأمريكية الذكية والغبية، وألا تأخذهم بنا (رجالاً ونساءً وأطفالاً) أي شفقة ولا رحمة، ومع ذلك فقد تبادل مع الرئيس السلامات والتحيات والتمنيات بموفور الصحة والسعادة وطول البقاء!! أما السبب الرابع (والأهم) فهو أنني اليوم أحتفل بمطلع شهر أغسطس ليس حبًا في هذا الأخير ولكن مقتًا وكرهًا وقرفًا من البذاءات والجهالات الفاحشة التي أضحي شهر «يوليو» المسكين مناسبة لاستعراضها علي أهالينا بلؤم وتذاكٍ متفاوت القوة والكفاءة، إذ يتوهم بعضهم مثلا أن الحزق الشديد في شتم ثورة 23 يوليو والتشهير بقائدها الذي مات وماتت ثورته معه (إكلينيكيًا ثم رسميًا) قبل أربعين عامًا، يُجّملهم ويداري نفاقهم وجبنهم ويصنع منهم أبطالاً علي الموتي مادام الأحياء يُمسكون بمفاتيح أبواب جهنم وأبواب جنة مباحث التموين التي تعز وترفع من تشاء وتعفيه من شم «الكُلة» تحت الكباري وتصنع منه «كتبانجيًا» وإعلاميا تليفزيونيًا كبيرًا جدًا في السن!! لكن البعض الآخر والحق يُقال يتفجر منه الغباء ذكاء (ماتعرفش إزاي) فيتوسل بعدة النصب الصدئة ويجاهد جهاد التعبانين عقليًا لكي ينسب بالزور والبهتان الوضع المزري الحالي لعصر غرب وانتهي من أربعة عقود، وبذلك يفتح للمجرمين الذين يملأون دنيانا الحالية ظلمًا وجورًا ونهبًا ونشلاً ثغرة للهرب من المسئولية عن جرائمهم بذريعة أن النصابين الطامعين في الجنة ومتعة شم «الكُلة» معًا، يتبجحون بأن الوضع القائم الآن قائمًا وموروثًا من عهود مضت وماتت وشبعت موتًا من زمان!! علي كل حال لست أخجل (ما دمنا في أغسطس) من الدفاع عن ثورة عظيمة الإنجازات وعظيمة الإخفاقات أيضًا، ولا أستنكر علي أحد أن يفعل ما فعله العبد لله شخصيا عندما أخضعت تراثها الهائل لمراجعة نقدية صارمة انتهت بأن قبضت فقط علي جوهرها الإنساني والوطني والتحرري وانحيازها لقيم العدالة والمساواة ونبذ التهميش والاستغلال والتخلف، وألقيت خلف ظهري ما اعترض مسيرتها القصيرة المُضنية من عثرات وأخطاء، لعل أفدحها وأخطرها أنها لم تتمكن من بناء نظام سياسي ديمقراطي يسمح بتطويرها والحفاظ علي منجزاتها الثمينة اجتماعيًا وتنمويًا ووطنيًا من التآكل والاغتصاب علي النحو الذي حدث فعلاً ونكابد نتائجه الآن. لكنني أختم بتوضيح واجب، فرغم كل شيء ورغم معرفتي بأصل وفصل أغلب الكائنات المقرفة التي صارت في كل يوليو تسرح ندبًا وردحًا وشتمًا في الثورة، فإنني مازلت أعتبر أن أنبل وأعظم إنجازات هذه الأخيرة أنها فتحت لأبناء الفقراء والبسطاء (أمثالنا) أبواب الصعود بشرف إلي سطح الحياة الإنسانية الكريمة، ولا يُغّير من هذه الحقيقة أو ينال من هذا الإنجاز أن عددًا لابأس به من هذه الكائنات المشوهة يتنكرون الآن لأصلهم ويتعمدون الهجوم علي الثورة حتي يظن الناس أنهم من ورثة «عرش الطاووس» الإيراني المدحور، بل إن أحدهم (يعرف نفسه جيدًا) يكاد من فرط الحزق وقلة الأدب أن يُدخل في روعنا أنه ليس «فلانًا» ابن الست الطيبة المكافحة التي نعرفها، وإنما سيادته الوجيه الأمثل «شوكت الأزميرلي» المتحدر كما هو واضح من إقليم «أزمير» التركي، حيث هاجر جده الباشا في الأزمنة السحيقة هربًا من الجوع والكوليرا وأمراض الصيف!!