هل يأتي يوم ما ونجد الداخلية نفسها في مواجهة مصر كلها؟.. ولم لا وسياسات الوزارة لم تذهب بها بعيداً عن التورط في خصومات وعداوات بشكل يبدو وكأنه متعمد.. هذه ليست مبالغة بقدر ما هي اختصار للشواهد التي يمر بها المشهد العام في مصر.. ولعل ما حدث مؤخراً بين الأمن وجماهير الأهلي في كفر الشيخ كاف للتدليل علي ما سبق.. وبعيداً عن طرح الأمر من ناحية أي الطرفين بادر بالتجاوز في حق الآخر.. نجد أن الأولي بالطرح لما تأزمت الأمور وتدهورت إلي هذه الدرجة. عداوات الداخلية تمتد من شباب 6 أبريل والحركات المعارضة إلي المدونين وأعضاء الجروبات علي الفيس بوك إلي المتظاهرين وأصحاب الرأي وحتي أعضاء البرلمان من نواب الشعب وانتهاء بجماهير الكرة من المشجعين والعاديين أو الروابط المتعصبة التي تكونت وأطلقت علي نفسها اسم «الألتراس» وانتشرت بسرعة البرق في جميع الأندية والمحافظات مروراً بالعمال والموظفين المعتصمين، ناصبت الداخلية كل هؤلاء عداء سافراً ووضعت نفسها في توقيت واحد في مواجهة الجميع دون أن تتمهل قليلاً ويحاول مسئولوها ولو لمرة واحدة أن يحركوا عقولهم قبل هراواتهم، ففي الوقت الذي تجد فيه مظاهرة في ميدان التحرير يعبر فيها بضع عشرات من الشباب عن رأيهم وأحلامهم في وطن يعيشون فيه ولا يعيش عليهم ويرفعون أصواتهم بالهتاف معبرين عن أمانيهم، تنهال عليهم الهراوات وتسحق عظامهم كعوب المارة وتمزق ثيابهم أياد تحاول كسر كرامتهم قبل وأد أحلامهم. في الوقت نفسه تنطلق هراوات أخري بأيادٍ أخري لتطحن مئات من العمال البسطاء المعتصمين أمام مجلسي الشعب أو الشوري بعد أن بحت أصواتهم من المطالبة بحقوقهم التي نهبها مستثمر باع مصانعهم وشركاتهم وتركهم ومضي في مواجهة طواحين الحياة لتكمل الداخلية رحلة الأوجاع وتتكفل هراواتها بكتم أصواتهم. وبعيداً عن العمال المعتصمين وشباب المتظاهرين فتحت الداخلية باباً جديداً للعداء مع أعضاء البرلمان طبعاً من المعارضين والمستقلين وهم فئة جديدة كانت تتمتع بقدر نسبي من الحماية بفضل الحصانة البرلمانية التي تمنحها لهم قبة البرلمان لكن الداخلية أرادت أن تبعث برسالة للجميع مفادها أن الجميع سواء أمام العصا والخوذة وأن الضرب والسحل ليس قريباً من المواطنين العاديين عديمي الحصانة والوساطة فقط، ولكنه أيضاً يمكن أن يمتد إلي أعضاء البرلمان وهو ما وضح جلياً عندما قرر عدد من أعضاء مجلس الشعب التوجه إلي مبني المجلس بصحبة مجموعة من شباب المعارضين انطلاقاً من ميدان التحرير لتوصيل مطالبهم في الإصلاح إلي رئيس المجلس ورفض الداخلية السماح لهم واعتدت قوات الأمن عليهم، وأصابت عدداً منهم وتحرشوا بالنساء منهم في مشاهد تناقلتها جميع العدسات عبر معظم القنوات الفضائية محلياً ودولياً. وسط كل الأحداث ظهر عدو جديد للداخلية لكنه مختلف هذه المرة لأنه لا يقف مكتوف الأيدي أمام هراوات الجنود وركلات الضباط، بل يتبادل الضرب الضرب والاعتداء بالاعتداء ويصيب كما يصاب ويوقع ضحايا وخسائر، العدّو هذه المرة هو جمهور كرة القدم في الاستادات والملاعب بصرخاته وأعداده الضخمة. وجود الآلاف من الجماهير معاً في مكان واحد يوجد لديهم حالة من الاستقواء التي تتسبب في غياب حالة الخوف والاستسلام لرجال الأمن، كما هو حال رجل الشارع العادي أو عشرات المتظاهرين أو مئات المعتصمين والمضربين فمعظمهم شباب في مرحلة المراهقة أو تخطوها بقليل وهم كذلك يتواجدون بعشرات الآلاف لذلك تتحول مواجهاتهم مع الأمن إلي معارك دامية يقع ضحاياها من الجانبين علي السواء. وكالعادة خابت حسابات الداخلية التي اعتبرت الجميع أمام الهراوات سواء ولم تدرك أبعاد الموقف جيداً ولم تدرك أن هناك فارقاً بين عشرات من الشباب المثقف الذي ينظم مظاهرة سلمية وبين عشرات الآلاف من الجماهير التي تذهب لملاعب الكرة لتنسي أوجاعها ومشاكلها في الحياة فاشتبكت معهم بنفس الطريقة وحدث ما لم تكن تتوقعه علي الإطلاق. عداوة الداخلية وجماهير الكرة ليست جديدة ولكنها أعلنت عن نفسها بقوة وأطلت برأسها من جديد بتحد أكبر خلال المصادمات الدامية التي حدثت بين جماهير النادي الأهلي وقوات الأمن أثناء مباراة الأهلي وكفر الشيخ الودية التي أقيمت علي ملعب مختار التتش بالنادي الأهلي بالجزيرة، والتي بدأت عندما رفض الأمن الموجود بالملعب احتفالات جماهير الأهلي بأحد أهداف الفريق التي سجلها محمد أبوتريكة بإطلاق الصواريخ والألعاب النارية، رفض الجمهور توجيهات الأمن فحاول الأخير إلقاء القبض علي بعض الأفراد واشتعلت الأحداث التي قام خلالها الجمهوربتحطيم مدرجات الملعب واستخدامها في ضرب الجنود والضباط بل وبعض القيادات الأمنية التي حضرت المباراة، فاضطرت إدارة الأمن بالنادي لاستدعاء قوات إضافية من الأمن المركزي للسيطرة علي الموقف واحتواء ثورة الجماهير الغاضبة التي أدت لإصابة عدد من الضباط والمدنيين. ورغم أن المباراة ودية وكان الأهلي متفوقاً ولا يوجد ضغط من أي نوع علي الجماهير أو اللاعبين إلا أن المشاهد التي رصدتها عدسات المصورين كانت عنيفة وظهرت خلالها صورة الجنود وهم يحملون الضباط بعد إصابتهم بإصابات خطيرة لمحاولة إسعافهم وهو ما أعطي انطباعاً أولياً عن مصادمات أعنف وضحايا أكثر خلال المباريات الرسمية التي توجد بها درجة شحن وضغط عالية جداً خاصة أن الدوري العام في نسخته الجديدة سينطلق في الخامس من أغسطس في ظل جو مشحون من الأساس بين جماهير الأندية كلها بشكل عام والأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري بشكل خاص بسبب انتقالات اللاعبين. ورغم أنه تم إلقاء القبض علي مجموعة من الجماهير بتهم عديدة منها التخريب واستخدام المفرقعات ومقاومة السلطات وإصابة ضباط وجنود ومدنيين وهي تهم مخيفة توجه فقط لأعضاء التنظيمات المسلحة، ومن الغريب جداً توجيهها لجماهير الكرة، إلا أن المتابع لردود فعل الجماهير سواء علي المنتديات المختلفة أو جروبات روابط الأندية يدرك أن هذه بداية فقط لنوع جديد من العداء بين الجماهير والأمن لا يعرف أحد بالضبط متي أو كيف ينتهي، خاصة أن هناك حالات سابقة حدثت فيها المواجهات بين الأمن والجماهير منها مثلا ما حدث بين جماهير الزمالك وغزل المحلة في إحدي المباريات بالدوري العام وكذلك أحداث مباراة الإسماعيلي وحرس الحدود في مباراة نصف نهائي الكأس التي تقدم علي إثرها النادي الإسماعيلي بشكوي ضد أمن الإسكندرية لوزارة الداخلية وكذلك الشغب الذي تشهده دائماً مباريات الأهلي والإسماعيلي والزمالك، كل هذه الأحداث شكلت حلقة جديدة في سلسلة العداءات بين الداخلية والمصريين شعارها «خافي منا يا حكومة» كما رددت الجماهير. إذا وضعنا تلك العداوات الجديدة مع الداخلية إلي جوار العداوات التقليدية القديمة بين الداخلية والإخوان والبدو في سيناء، بالإضافة إلي تجار المخدرات والمجرمين والخارجين علي القانون فإننا نجد أنفسنا أمام حالة واضحة للعيان من العداء بين الأمن والمجتمع بأكمله فماذا يتبقي من الشعب بعد العمال والمتظاهرين من جميع الفئات والشباب رجالاً ونساء وأعضاء البرلمان والإخوان المسلمين وبدو سيناء والمجرمين والمطلوبين في القضايا المختلفة، إنها تشكيلة المجتمع بأكمله ولا يبقي منها سوي الحزب الوطني ومسئولي لجنة السياسات والمؤيدين لمشروع التوريث والفاسدين من رجال الأعمال المستفيدين من بقاء الوضع كما هو عليه وهم نسبة ضئيلة جداً تكاد لا تذكر إذا ما قورنت بالغالبية الباقية من المواطنين. الإخوان عداؤهم للداخلية ورجالها قديم منذ نشأة الجماعة في عشرينيات القرن الماضي، رغم أنه في بعض الفترات خفت القبضة الأمنية عنهم خاصة في عهد الرئيس السادات، إلا أنه في الغالب تتعامل الداخلية معهم علي أنهم محظورون بحكم القانون فتداهم بيوتهم وتصادر ممتلكاتهم وتعتقل مؤيديهم وكوادرهم، إضافة للاعتداء علي شبابهم ونسائهم في المظاهرات والجامعات أو الندوات التي يقيمونها، وبالتالي فإن عداوة الأمن والإخوان لن تنتهي إلا بوجود تغيير حقيقي في النظام السياسي المصري يسمح لهم بالتواجد والتعبير عن أدائهم ومشاركتهم في الحياة السياسية المصرية، وهو ما لم يحدث حتي الآن وغير منظور الحدوث في الأجل القريب. أما البدو فالاحتقان الدائم بينهم وبين الأمن لن ينتهي إلا بتغيير النظرة التي تعتبرهم مأوي للمجرمين والمهربين وأن ولاءهم ليس مصرياً وعلاقتهم ببعض الدول المجاورة أقوي من علاقتهم بمصر، إضافة إلي دمجهم في الحياة المدنية المصرية باعتبارهم جزءًا أصيلاً من الشعب المصري شأنهم شأن الجميع. وقد تسببت عدة أحداث في انتقال روح العداء بين الداخلية والبدو منها مثلاً ما حدث عام 2007 عندما حدثت مواجهات بين الجانبين بسبب اعتصام مئات البدو علي الحدود مع إسرائيل، وكذلك عندما قتل أربعة من أبناء البدو برصاص الشرطة فهاجم البدو النقاط الحدودية بوسط سيناء ودمروا أغلبها واحتجزوا 42 شرطياً ثم هدأت الأمور بعد ذلك، إلا أن الأحداث اشتعلت من جديد عام 2004 عندما اعتقل الأمن آلاف البدويين بحجة صلتهم بأحداث التفجيرات التي حدثت في بعض القري والمنتجعات السياحية بسيناء، ورغم أن البدو تعاونوا مع الداخلية كثيراً في القضاء علي أعضاء التنظيمات المسلحة، فإن استمرار مداهمات الأمن للمنازل واعتقالهم في حملات موسعة يتسبب في زيادة العداء بين الجانبين بصورة كبيرة، مما أدي لإصدار البدو بياناً ضمنوه تسعة مطالب عقب إحدي حلقات التوتر بين الجانبين كان أهمها الإفراج عن معتقليهم وإسقاط الأحكام الغيابية ضد أبنائهم والتوسع في إنشاء بعض الخدمات لهم، وجاء في بيانهم «جاوز الظلم كل الحدود.. وأصبح الأقرب للفهم أننا نعامل من قبل السلطة والضباط علي أننا الأدني والأقل وفق منهج ثابت لإهدار كرامتنا وسلب حقوقنا واعتقال الكثيرين منا بذنب أو دون ذنب. ويعتبر عداء تجار المخدرات والمطلوبين أمنياً للداخلية أمراً مسلماً به في ظل حلقات العداء بين الداخلية والمصريين وقد شهدت المواجهات بين الجانبين أحداثاً دامية تلقي فيها الأمن ضربات موجهة منها مثلاً ما حدث خلال مهاجمة تجار المخدرات لسيارة ترحيلات بمنطقة العياط بأكتوبر لتهريب أحد المتهمين ولقي أحد أفراد الأمن مصرعه، وكذلك عندما أطلق أحدهم الرصاص من سلاحه الآلي علي ضباط المسطحات المائية بأكتوبر تلقي قائدهم مصرعه وأصيب آخر، وأيضاً عندما لقي لواء شرطة مصرعه علي يد تاجر مخدرات في السويس وتمكنت الداخلية بعدها من محاصرة الجاني وقتله في سيناء بعد هروبه. الخبير الأمني محمود قطري يري أن هناك حالة من انعدام الثقة بين الشرطة والمواطن بصفة عامة وأرجع الأمر إلي رواسب قديمة من عهد الاستعمار والاحتلال، حيث كانت قوات الأمن هي المنفذ الفعلي لكل مطالب ورغبات الحكومات الموالية للاستعمار وكان يفترض بالداخلية أن تعود لأداء دورها في خدمة الأمن العام بالحفاظ علي أرواح وممتلكات المواطنين. وقال قطري: إن السنوات الأخيرة شهدت حالة غير مسبوقة من التوتر بين المواطنين والداخلية، خاصة بعد تولي العادلي مقاليد الأمور في الداخلية، بالإضافة لظهور حالات الفساد في جنبات الوزارة التي أدت لزيادة الفجوة بين الداخلية والمواطن، وأشار قطري إلي عدم وجود سياسة واضحة للداخلية تسير عليها أو فكر ثابت يوجه للعاملين بالأمن إضافة إلي عدم وجود معاهد أو كليات شرطة تقدم العلوم الحديثة. وأوضح أن العداوات المتزايدة للشرطة مع المواطنين سببها الغباء الشرطي، فتصرفات الداخلية علي حد قول قطري غير مسئولة وتتجاوز القانون والدليل علي ذلك أنها حتي الآن لم تستطع التعامل مع البدو في سيناء وفقاً لطبيعتهم، فأدت تصرفات الأمن التي تنتقص من وطنية أبناء سيناء إلي وصول العلاقة بين الاثنين لأسوأ الحالات. واختتم قطري حديثه قائلاً: إنه قد يضطر إلي المطالبة بإثبات حق المواطن في مقاومة الشرطة إذا تم الاعتداء عليه لأن البلطجة لا تقابل إلا بالبلطجة. أما الدكتور محمد المهدي أستاذ علم النفس فيري أن الداخلية أصبحت تناصب الجميع العداء بالفعل، متسائلاً عن الفئات التي بقيت علي وئام مع الداخلية بعد أن عادت العمال والمتظاهرين والبدو والشباب المعارض وأيضاً رجال القضاء لافتاً إلي ما حدث من اعتداءات علي رجال القضاء أثناء تولي القضاة الإصلاحيين مقاليد الأمور في نادي القضاة وما تعرض له القضاة من اعتداءات وإهانات تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة، وقال إن هناك صراعاً علي المكانة تدور عجلاته الملتهبة تحت السطح بين الداخلية ورجال القضاء، حيث تحاول الأولي نزع المكانة من القضاء لصالحها. وأرجع المهدي تزايد حدة العداء مع الداخلية إلي أن هناك غيظاً مكتوماً بين المواطن أياً كان انتماءه من جهة والداخلية من جهة أخري وهو معرض للانفجارفي أي لحظة في مباراة كرة أو خلال مظاهرة أو حتي مؤتمر أو ندوة علمية أو سياسية كما حدث في أحد المؤتمرات بالدقهلية خلال جولات الجمعية الوطنية للتغيير. وأشار المهدي إلي أن المشكلة في الأساس تعود إلي ضعف الأداء السياسي الذي أوكل جميع الأمور للداخلية فوجدت نفسها تدير كل شيء فورطت نفسها في أداء أدوار ليست من اختصاصها، بالإضافة إلي قانون الطوارئ الذي منحها سلطات تكاد تكون بلا حدود لذلك حدثت تجاوزات كثيرة جداً في ظل الإمكانات المطلقة التي توفرت للداخلية ولم تتح لأي جهة أخري غيرها سواء كانت إمكانات بشرية من حيث الأعداد المهولة بها أو المعدات والتسليح لتتمكن من أداء دور ليس لها أن تقوم به ليبقي الوضع القائم كما هو فيستمر الحزب الوطني وحالة الفساد السياسي الحالي لذلك. وأشار المهدي إلي أن استمرار هذا الوضع لمدة 30 سنة أدي إلي وجود خلل في التركيبة النفسية لرجل الشرطة الذي أصيب بحالة من التعالي علي جميع أفراد الشعب وعظّم هذه الحالة لديه تغيير شعار الشرطة من «الشرطة في خدمة الشعب» إلي «الشرطة والشعب في خدمة الوطن» والوطن هذا مفهوم غائم ومطاط وغير محدد وحالة التعالي هذه أصابت الجميع بدءاً بالقيادات مروراً بالضباط باختلاف درجاتهم، فأمناء الشرطة وانتهاء بالمخبرين وأي منتم للداخلية وأدت إلي عدم احتماله مجرد سؤاله عن هويته. الدكتورة نادية حليم أستاذ علم الاجتماع تري أن الأمور لن تصل إلي حد العداء بين الداخلية والجميع ولكنها أشارت إلي أن بعض ردود أفعال المواطنين تجاه هيئات الدولة بصفة عامة تكون أكبر من قيمة الحدث، ولكن لأن المواطنين يشعرون بنوع من الظلم والقهر فيبحثون عن أي ممثل للدولة لتفريغ غضبهم فيه وأشارت إلي أن ما كان الناس يقبله بالأمس متصورين أنه حق الداخلية لم يعد مقبولاً ولم يعد المواطن علي استعداد أن تمس كرامته وكبرياؤه بفضل زيادة الوعي ومعرفة الجميع بحقوقهم سواء عن طريق الإعلام أو غيره. واختتمت حديثها قائلة إنه لابد من وضع حلول للاحتقانات بين المواطنين والداخلية بإزالة المشاكل التي تؤرق حياتهم بما يسمح بتحسن العلاقة بين المواطن والدولة بشكل عام وبالتالي تتحسن العلاقة بين المواطن والداخلية. الناشط الحقوقي محسن بهنسي يري أن الداخلية بشكل عام وفرد الأمن بشكل خاص أصبحا في مواجهة مباشرة مع المواطن أياً كانت فئته أو مشكلته، وهذا هو السبب الحقيقي لاكتساب الداخلية عداوات جديدة فالمتظاهر ضد التوريث وغياب الحريات وعدم الديمقراطية يواجهه فرد أمن والطالب في الجامعة يسحله فرد أمن والعامل الغاضب من أجره الهزيل المطالب بحد أدني للأجور محتمياً بالمجالس النيابية يواجهه الأمن ويطحن عظامه والقضاة والبدو والمحامون نفس الأمر وأرجع بهنسي السبب في ذلك إلي تفويض النظام للأمن بالتصرف في أمور ليست أمنية، مشيراً إلي أن الأمن دوره حماية حقوق المواطنين وأرواحهم وتوقي الجرائم قبل وقوعها وإذا خرج عن هذه الدائرة فإنه يتم إقحامه في أمور ليس مخولاً بالتصرف فيها، خاصة لأن القائمين علي المنظومة الأمنية لا يعرفون كيف تدار المؤسسة الأمنية بشكل سليم. وقال بهنسي إن النظام يهدف من خلال الداخلية إلي توصيل رسالة للمواطن مفادها أن الداخلية هي عصا النظام الغليظة لإرهابه وإثنائه عن عدم المشاركة في أي نشاط سياسي أو اختيار ممثلين عنه ونواب شرعيين بعيداً عن التزوير وهم لا يدركون أنهم حين يقومون بذلك تصل للمواطن رسالة أخري تتسبب في قتل الانتماء داخله وهذا توجه من النظام نفسه لأنه المستفيد الأول من ذلك.