محافظ المنوفية يتابع أعمال تطوير نفق كوبري السمك بحي غرب شبين الكوم.. صور    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    ارتفاع أقساط قطاع التأمين إلى 67.8 مليار جنيه خلال 7 أشهر    إسرائيل تتوعد برد مناسب على أي خطوات أوروبية ضدها    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    «بنها التعليمي» يرد على فيديو «إلحقونا مفيش أطباء»: نبذل قصارى جهدنا دون تقصير    «السياحة» تكشف حقيقة اختفاء وتحطم قطع أثرية بالمتحف اليوناني الروماني    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    دار الإفتاء توضح حكم التهرب من سداد الضرائب الحكومية بحجة أن تقديراتها غير عادلة    "الصحة" تُكمل المرحلة السادسة من تدريب العاملين على أجهزة إزالة الرجفان القلبي    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    "يضغطون على المجلس".. الكشف عن تفاصيل محاولات إعادة حسام البدري لتدريب الأهلي    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    عضو مرصد الأزهر تحذر من ظاهرة الفاملي بلوجرز (فيديو)    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    تشييع جثمان شاب غرق أثناء الاستحمام في مياه البحر بكفر الشيخ    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    أول يومَين بالمدارس أنشطة فقط.. خطاب رسمي ل"التعليم" لاستقبال الأطفال    قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    هل ينهي الاجتياح البري لمدينة غزة مسار مفاوضات وقف الحرب؟    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    مظاهرات في لندن ضد زيارة ترامب إلى بريطانيا    توجيهات رئاسية.. تساؤل برلماني بشأن حظر ربط المصروفات باستلام الكتب    كريم رمزي يفجر مفاجأة: الخطيب يرأس اجتماع الاهلي الاثنين المقبل    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    بسبب الحرب على غزة.. إسبانيا تلمح لمقاطعة كأس العالم 2026    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    الكشف على 1604 مواطنين فى القافلة الطبية المجانية بمركز بلقاس    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    القومي للمرأة يشارك في ندوة مناقشة التقرير الإقليمي "البحث عن العدالة    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    أيمن الشريعي: علاقة عبد الناصر محمد مع إنبي لم تنقطع منذ توليه مدير الكرة بالزمالك    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    محافظ قنا يفتتح مدرسة نجع الرماش الابتدائية بعد تطويرها بقرية كرم عمران    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبد المنعم سعيد:الإخوان استغلوا مأساة غزة لأهداف رخيصة
أكد أن مصر دولة وليست ميليشيات مثل لبنان وفلسطين والعراق..
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 01 - 2009

◄حماس وحزب الله ودمشق وإيران يعتبرون مصر «الحيطة الواطية لسبها» بديلاً عن إسرائيل وأمريكا
◄حسن نصر الله وضع «جزمته» على رقبة اللبنانيين ليفرض شروطه ونجح.. لكن معلوماته غلط عن مصر
◄عمليات التعذيب فى الأقسام والسجون عار على مصر.. وأنا سعيد بمحاسبة الضباط المتجاوزين
سيطر على الساحة الداخلية ومنذ بدء أزمة غزة ما يسمى بفقه الأزمات، وتبوأ كل فقيه مقعده ليطرح فتواه، فوزير الخارجية المصرية أفتى بأن حماس وراء الأزمة وأن مصر حذرتها ونبهتها من مغبة إنهاء الهدنة، فى الوقت الذى اتهم فيه عدد من زعماء التيارات السياسية -ومن بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان ورؤساء أحزاب الناصرى والتجمع والوفد والجبهة- صراحة مصر بأنها هى التى أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب حماس وارتكاب مجزرة.. وللوقوف حول حقيقة هذه الفتاوى التى أثارت البلبلة فى الشارع المصرى، ذهبنا إلى أحد أبرز المحللين المحسوبين على السلطة ليدلى بدلوه وهو الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.
إدارة النظام السياسى للموقف فى غزة كان بشكل منفرد وسط إصرار من جانبها على استبعاد جميع القوى السياسية الأخرى، وهو ما يشكل نقطة ضعف للموقف المصرى، وتفككاً فى الشارع السياسى الداخلى؟
من المهم أن نثير هذه القضية من زاوية أنه فى الأزمات الكبرى لابد أن يكون لديك آلية للاستشارة من القوى الشرعية، لكن مصر الحديثة وتحديدا بعد ثورة يوليو وحتى تاريخه، تم ترسيخ مبدأ حصر ملف السياسة الخارجية فى يد النظام السياسى المتمثل فى رئيس الجمهورية وعدد قليل من المعنيين بالأمر، لذلك لم تكن هناك استشارات فى حرب 1967 وفى قرار 1973، وليس أزمة غزة فقط، أى أن ملف الأمن القومى فى يد الرئيس ومعاونيه القريبين منه، مثل جهاز المخابرات العامة والقوات المسلحة ووزارة الخارجية، وهو عيب خطير ومركزية شديدة، لكن بصراحة التيارات السياسية فى مصر غير قادرة على المشاركة، لأنها تفكر بعواطفها فقط، فإذا نظرنا إلى حزب التجمع ومن خلال جريدته الناطقة بلسان حاله، لا يقدم فكرة يمكن الأخذ بها فى معالجة الأزمة، وإنما نجد اللعب على العواطف والمشاعر فقط أكثر منه تفكيرا استراتيجيا، والمحصلة أن السلطة لا تستشير أحدا فى قراراتها، لكن أيضا لا يوجد مجال استراتيجى حقيقى خارجها مقنع، ولا رؤية موازنة، والعواطف ليست سياسة وإنما حب ومشاعر، والمرة الوحيدة التى كانت فيها السلطة السياسية راغبة فى أن تستمع من الآخرين، كان غزو العراق للكويت حيث طلبت من المركز السياسى والاستراتيجى بالأهرام، تقديم تقارير تقدير الموقف، فقدم المركز 55 تقريرا للقيادة السياسية.
مصر ليست ملكا للنظام أو لأى تيار سياسى بعينه، وإنما نحن جميعا شركاء فى هذا الوطن، فلماذا تستخدم مصطلح الاستشارة وليس المشاركة؟
لا يمكن أن تطالب طبيبا بأن يجرى عملية جراحية بالمشاركة، ونفس الأمر ينطبق على قضايا الأمن القومى، ففى الدول الديمقراطية الكبرى ملف الأمن القومى فى يد السلطة، ويمكن لها أن تستمع لأحزاب المعارضة والتيارات السياسية، ولكن لا يشاركها القرار، لأن قضايا الأمن القومى يغلف بعضها السرية، والبعض الآخر «حرفية»، لذلك فإن هذا الملف حكر على السلطة.
ألا ترى أن إلقاء الأمن القبض على كل من يحاول التعبير عن رأيه وتعاطفه مع ما يحدث فى غزة، ورفض تنفيذ أحكام القضاء بالإفراج عنهم يشكل نقطة سوداء فى ثوب الحكومة؟
أنا رأيى أن أى مخالفة لتنفيذ حكم قضائى أو جهة تحقيق يعتبر جريمة، وليس من حق أى حكومة أن تتقاعس فى تنفيذ الأحكام القضائية، ولكن دعنا نتحدث بصراحة عن بعض التيارات غير الشرعية التى ترتكب أفعالاً غير مسئولة مثل جماعة الإخوان المسلمين التى استغلت الأزمة استغلالاً سيئاً.
هناك انتقاد خشن لأداء وزير الخارجية المصرى حيال أزمة غزة، واتهامه بالفشل فى إدارة الأزمة، وزاد من تعقيدها، فما تعقيبك؟
أنا شخصيا لدى قناعة تامة بأنه كان هناك منهج لتحويل الأزمة لتكون أزمة مصر، والحقيقة أنها ليست أزمة مصر، وهى أزمة الفلسطينيين بالأساس، جزء من عملية الصراع العربى الإسرائيلى التاريخى، والصراع الفلسطينى الإسرائيلى، والصراع الفلسطينى - الفلسطينى التاريخى أيضا، إنما تم وبشكل عمدى تحويل الأزمة إلى أنها أزمة مصرية، والكثير من المعارضة المصرية ذات الخصومة مع النظام السياسى لا تتحدث فى تحليل الأزمة ومن سببها، وكيف وصلنا إليها وطريقة معالجتها، وإنما تتحدث فقط عن الأداء المصرى حيال الأزمة، وأنا أحب أوضح أن الأداء المصرى فى العموم كان حكيما، وكان قائما على توازن دقيق جدا، ومن هاجم أحمد أبو الغيط، وهاجموا الأداء المصرى كانوا جزءاً من عملية تحويل المسار إلى أن الأزمة هى مصر لأنها لا تفتح المعابر، والأزمة ليست فتح المعابر، وإنما الأزمة أن جهة ما اتخذت قرار إلغاء التهدئة، ثم قامت بتوجيه 60 صاروخا صوب إسرائيل، متصورة أن الإسرائيليين سوف يرسلون إليها برقية شكر، و«بوكيه ورد»، وللأسف وأقولها مرة ثانية إنه تم وبشكل متعمد أن جماعة الإخوان المسلمين تعهدت لحركة حماس بتنظيم حملة ضد مصر من المغرب وحتى بغداد لتحويل الأزمة من كونها أزمة فلسطينية سببتها حماس إلى أزمة مصرية، فى الوقت الذى كانت فيه مصر تحاول التخفيف عن الإخوة الفلسطينيين قدر استطاعتها ضمن حدود الدولة المصرية، الإخوان المسلمين والناصريون والتجمع يتعاملون مع مصر على أنها ليست دولة وإنما مثلها مثل لبنان وفلسطين وبغداد عبارة عن مجموعة ميليشيات وتجمعات سياسية تسير حسب الجموح العاطفى دون تقدير موقف سياسى أو مراعاة مصلحة الأمن القومى المصرى.
لماذا الخوف المصرى من تيار إسلامى مثل حماس؟
هناك خوف لدى مصر من حماس والتيارات المناظرة، لأن منطق العلاقات الدولية والسياسة فى الأعم فيه عنصر الصراع والقوة، خاصة مع المختلفين بعضهم مع بعض، بل إن هناك تخوفات كبيرة جدا مع المتفقين فى الأيديولوجيات والعلاقات، وهو خوف موضوعى، وأسباب تخوف مصر من حماس قائم على 3 عوامل رئيسية:
الأول: الاختلاف الأيديولوجى، لأنها مثلها مثل الإخوان المسلمين فى مصر تقدم نموذجا للدولة الدينية.
الثانى: أنها على علاقة عضوية مع الإخوان المسلمين فى مصر، الذين لديهم رؤية للدولة المصرية مضادة للدولة المصرية التى أنشئت عام 1922 وليست دولة حسنى مبارك أو دولة السادات أو عبد الناصر وفاروق وفؤاد، وأنا سألت مرة عصام العريان أحد قادتها عن عيد الاستقلال التى تحتفل به الجماعة؟ فأجابنى أن عيد الاستقلال عندما تصبح مصر جمهورية إسلامية.
الثالث: الخلاف بسبب الأنفاق التى تعد اختراقا وتحديا فجا للحدود المصرية، أى أن هناك جهة ما غير مصر مسيطرة على عمليات تفاعلات تجرى تحت الأرض رغم إرادتها، وتقوم حماس عبر هذه الأنفاق بتهريب مخدرات، وناس، وأسلحة علنا، والمثير أن حماس كانت تضع نقاط جمارك على أفواه هذه الأنفاق، كما أن حماس استخدمت هذه الأنفاق فى تهريب عناصر مصرية إلى غزة تم تدريبها تحت جيش الإسلام التابع للقاعدة، ثم عادت وقامت بتفجيرات دهب المصرية، الأخطر أن هناك شواهد على أن السلاح المتزايد لدى قبائل سيناء والمستخدم ضد نقاط الأمن المصرى وراءه حماس فى محاولة لإثارة القلاقل، بالإضافة إلى عمليات التجنيد لعناصر سيناوية تدين بالولاء لحماس وتنفذ مخططاتها على الأراضى المصرية.
ما دلالات ظهور مهدى عاكف مرتين لقيادة مظاهرات مناهضة للموقف المصرى، وقيام اليسار المصرى بالسير وراءه ثم ربط علاقة ذلك بالمحور الإيرانى الذى يضم دمشق، وحزب الله، وحماس؟
كل هذه الأحداث لها بالفعل شواهد، ولكن أنا واثق بأن هناك تحالفاً موضوعياً بين القوى الراديكالية فى المنطقة، وأنها متجاوزة الانطلاق السنى الشيعى، وهدفه بجانب إسرائيل وأمريكا، القوى المحافظة والمدنية أو المعتدلة فى المنطقة بنفس العداوة، ولكون أنهم لا يستطيعون فعل شىء مع أمريكا وإسرائيل، فإنهم يعتقدون أن «الحيطة الواطية» هى مصر.
ولذلك رأينا خلال الستة أشهر الماضية حملة إيرانية ضارية ضد مصر، وما استتبعها من الهجوم على سفارات مصر فى بيروت ودمشق، وفى المغرب وعدن، وإذا نظرنا للمتظاهرين نجد أنهم يضعون نفس العصابات الخضراء على جبهاتهم، ويرفعون الأعلام الخضراء وهى نفس شعارات الإخوان المسلمين.
المرشد العام للإخوان المسلمين اتهم مصر صراحة بمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب حماس، وأن حماس ليست السبب فى المجزرة، وأنها هى التى تدافع عن شرف فلسطين؟
الإخوان لعبوا فى أزمة غزة دورا سيئا ورخيصا لتحقيق مكسب رخيص فى السياسة الداخلية، وتصرفوا كفصيل غير مصرى، وموقف مهدى عاكف حيال الأزمة كان خاطئا ألفا فى المائة على مستوى الحقائق، محاولا أن يشيع بأن الإخوان حريصون على القضية الفلسطينية أكثر من قلب السلطة المصرية، وهذا كذب لأن القضية الفلسطينية فى قلب السلطة المصرية أكثر مما يتخيل أى طرف من الأطراف، وأنا أرى كمحلل ضرورة أن تضع مصر مسافة فى التعامل مع القضية الفلسطينية وننتبه للوضع الداخلى ونستعد للأزمة العالمية التى ستؤثر بالسلب خلال العام الجديد على مصر، وأسأل مهدى عاكف كيف لا تتحمل حماس المسئولية فيما يحدث فى غزة؟ ومن إذن يتحمل المسئولية خاصة أن حماس هى التى تقود عجلة القيادة فى غزة؟ والإجابة أن الإخوان المسلمين ليس لديهم الشجاعة السياسية ولا الاستراتيجية أن يقولوا لحماس الحقيقة، ولا يتصوروا أن يكونوا مع الدولة المصرية فى قضية وطنية من الدرجة الأولى لأن الموقف ضد تطلعاتهم وأهدافهم.
ولماذا يتهم النظام اليسار بأنه يسير وراء الإخوان فى موقفها؟
تبعية اليسار للإخوان فى الأزمة الأخيرة أمر مقلق جدا للساحة الداخلية، لأن الاستقطاب الحالى من القوتين الحقيقيتين للجماهير هما الحزب الوطنى، وجماعة الإخوان المسلمين، وهذا شىء سيئ للسياسة المصرية، أما اليسار سواء اليسار الناصرى أو الماركسى ونتيجة أنهما لم يجددا من فكرهما أو خطابهما، وكلاهما لم ينه الحرب الباردة بعد وأنهما يعيشان فى زمن الستينيات منتظرين لحظة البعث التى ستنقذ الاتحاد السوفيتى من جديد، وأن الاشتراكية قادمة لا محالة لأن الأزمة المالية الحالية نهاية للرأسمالية، وبالتالى يرى أن النموذج المنهار هو النموذج الصحيح وسوف يبعث من جديد، وكانت النتيجة أن الجماهير انصرفت من حوله، فكان عليهم اللحاق بقوى جماهيرية، ولم يجدا أمامهما غير الإخوان وهذا خطر.
استخدمت تعبير الأمن القومى المصرى كثيرا.. ألا ترى أن مثل هذه التعبيرات فضفاضة؟
ليست فضفاضة.. لأن العالم كله يعى أن المحافظة على الأمن القومى معناه المحافظة على بقاء الدولة من الغزو الخارجى ومن التفكك الداخلى، ومن يحول أى بلد إلى حرب أهلية فإنه قد هزم أمنها القومى، حماس هزمت الأمن القومى الفلسطينى عندما خلقت حالة انقسام داخل الكيان الفلسطينى الوليد، وعندما غزا حزب الله بيروت وفرض شروطه بقوة السلاح، فإنه هزم الأمن القومى اللبنانى، لأنه وضع «جزمته» على رقبة اللبنانيين ووضعهم بين اختيارين إما حرب أهلية أو تشكيل مجلس وزراء يتحكم فيه رغم أنه يمثل أقلية، وانتصر، وانتهت طبيعة الدولة اللبنانية القائمة على الأغلبية والأقلية انتهت.
أنت بهذا التصور لمفهوم الأمن القومى تبرر توسع الأمن فى اعتقال المئات من المتعاطفين الذين خرجوا فى مسيرات مدافعة عما يحدث فى غزة؟
أنا لا أبرر لأى حملات اعتقال لمواطنين، خاصة التى تتم بشكل عشوائى أو التى لا يتم فيها التحقيق خلال أيام قليلة وتنتهى، كما أرفض كل أشكال التعذيب فى الأقسام، وأعتبره عارا على مصر، وأنا سعيد بعملية التجديد داخل أروقة وزارة الداخلية منذ أيام حيث تم استبعاد عدد من الضباط المخالفين لحقوق الإنسان والمتجاوزين مع المواطنين، وإن كان العدد قليلا لكنه خطوة هامة وتحدث لأول مرة فى مصر، وأنا أكرر وبقوة أننى ضد أى تجاوزات لحقوق الإنسان، وإلقاء القبض على الأبرياء، والدولة فى النهاية كسبت المعركة الفكرية فى أزمة غزة.
هناك شعور من كلامك يوحى بدمج الدولة فى السلطة، والسلطة فى الدولة، وهذه علاقة قائمة على التملك، ألا ترى خطورة فى هذا التوحيد وما يستتبعه من استبداد؟
خطر.. إذا لم نفهمه، فنحن الدولة.. الشعب والحكومة، لكن فى لحظة معينة فإن النظام هو المقرر لمصير الدولة، وبالذات فى قضايا الأمن القومى فيما يخص حمايتها من الغزو الخارجى والتفتت الداخلى، وفى هذه الحالة عليه اتخاذ كافة الإجراءات التى تمكنه من تحقيق ذلك.
لماذا لم تستغل السلطة حركة الاحتجاجات الواسعة التى عبر عنها الشارع المصرى اعتراضا على مجزرة غزة لصالحها فى توازن القوى مع إسرائيل بدلا من منعها؟
أنا فى رأيى أنها استخدمتها وبذكاء شديد، فالمظاهرات جرت فى حراسة الأمن، الصحف الحكومية كان لها موقف معاد مما حدث، لكن يوم الأربعاء الماضى وعندما حدثت تجاوزات ضد مصر فى الخارج وما استتبعها من تأييد بعض القوى فى الداخل، فإن الدولة كان عليها التدخل وعدم الوقوف مكتوفة الأيدى، فى ظل سوء إدارة الأزمة على يد بعض الهواة و«السذج» الذين لا يفهمون حقائق العلاقات، أو على حسب ما قال «لينين» «تغلبهم الجملة الثورية».. فهؤلاء هم «الجملة الدينية الاستشهادية» التى تتصور أنها بعمليتين استشهاديتين يمكن لها أن تحل كل مشاكل العالم، أو يرعبوا أمريكا وإسرائيل، والجزء المتصل بهذه الكارثة أنه فى حالة اكتشاف الحقيقة على الأرض تصبح مصر الهدف المسئول عن كل ذلك، ولابد لها أن تفتح المعابر، والقضية ليست فتح المعابر وإنما تركها لسيطرة حماس.
وما الهدف من أن تسيطر حماس على المعابر؟
لتهريب الأسلحة وخلق موقف مواجهة مع إسرائيل.
هزيمة حماس وانهيارها ألا يشكل خطرا على أمن مصر؟
ضرب أى طرف عربى هو إضعاف لمصر طبعا، وإضعاف للتكتل العربى، لكن حماس لم تستمع إلى تحذيرات مصر، وحرب حزب الله على إسرائيل أدت إلى خلل الفكر لدى حماس.
ما رأيك فى تناول قناة الجزيرة لأزمة غزة وإظهار مصر على أنها وراء الأزمة؟
أنا من الذين ينتقدون أداء الدولة المصرية وعدم كفاءتها وتخلفها وتراجعها عن ملاحقة ركب المسيرة العالمية، لكن فى أزمة غزة كان فيه عملية تربص بمصر، ومثال لذلك أن تصل طائرة قطرية لمطار رفح محملة بالمعونات ويصمم قائدها على أن يسلمها بنفسه لشخص معين من قادة حماس، مخالفا فى ذلك قرار الجامعة العربية الذى يؤكد أن أى جهة تريد إرسال معونات للفلسطينيين يتم تسليمها للهلال الأحمر المصرى الذى يقوم بدوره بتسليم هذه المعونات، إذن قطر «بتتلكك» وتريد افتعال أزمة ومن ثم تنقلها قناة الجزيرة، وتظهر مصر بأنها تقف ضد إدخال المعونات للفلسطينيين، والغريب أنه بعد قيام القناة بإذاعة هذه الأزمة المفتعلة، وافق قائد الطائرة القطرية على تسليم المعونات للهلال الأحمر المصرى، نفس الأمر بالنسبة لليبيا والتى أرسلت طائرة إلى رفح، وهنا طلب المعنيون بالمطار تأجيل هبوطها لحين إخلاء مكان لها على الأرض، وهذا إجراء متعارف عليه فى جميع مطارات العالم، لكن الدنيا قامت ولم تقعد، هذه عمليات ابتزاز حقيرة، ودور قناة الجزيرة فى هذه الأزمة وأزمات سابقة هى عملية «غسيل قومى» - على غرار مصطلح غسيل الأموال - لأن قطر لديها قيادة مركزية أمريكية على أراضيها، وعلى علاقة عضوية بأمريكا، وأميرها جاء عقب انقلاب عسكرى أنا أعرف شخصيا كل تفاصيل هذا الانقلاب والذى اضطلع به الأمريكان وأداره سفيرهم بقطر، ولها علاقات قوية مع إسرائيل، فى الوقت الذى تحاول إلصاق الاتهام المباشر بمصر بأنها متواطئة دون ذكر للمغرب أو الأردن أو السودان والجزائر واليمن وغيرها من الدول، بل الفجور السياسى يصل مداه فى سوريا التى يعلن رئيسها بشار الأسد عن تفاوض بلاده علناً مع إسرائيل، فى الوقت الذى يسير فيه المظاهرات ضد مصر لأنها وقعت على معاهدة سلام مع إسرائيل.
دور الحزب الوطنى كان «نتخاذلاً» من وجهة نظر التيارات السياسية المناظرة حيال أزمة غزة وعدم إظهار أى مبادرة ولو تعاطفية مع ضحايا المذبحه ما هو السبب؟
الحزب الوطنى لم يتحرك جماهيريا، لكنه تحرك مؤسسيا من خلال مجلسى الشعب والشورى اللذين أصدرا بيانات إدانة لأحداث غزة، وأعتقد أن سياسة الحزب تفتقد للتحرك الجماهيرى الذى يرفع الشعارات الصحيحة والمعبرة، بعيدا عن طريقة محمد عبد القدوس، ومجدى أحمد حسين.
لمعلوماتك....
◄ د. عبدالمنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ وخبير استراتيجى فى صراعات الشرق الأوسط، والحد من التسلح، والمشاركة الأوروبية والأمن القومى المصرى.
التحق بالمركز عام 1975 كباحث مساعد ثم باحث ثم رئيسا لقسم العلاقات الدولية، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة شمال الينوى بالولايات المتحدة عام 1982.
د. عبدالمنعم سعيد عمل باحثا زميلا لمنظمة بروكنجس بالولايات المتحدة الأمريكية - واشنطن 1987.
عمل أيضا كمستشار سياسى للديوان الأميرى القطرى فى الفترة من
(1990 - 1993)
◄500 ألف متظاهر مصرى خرجوا احتجاجا على ضرب غزة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.