في ثاني أيام إنتخابات مجلس النواب .. رصد تأخير فتح 3 لجان بكوم أمبو وانتظام فتح باقي اللجان    الثلاثاء 11 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تقفز 75 جنيها وعيار 21 يسجل 5500 جنيه    الثلاثاء 11 نوفمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    مسئولون حكوميون مصريون يزور بكين لتبادل الخبرات في مجال التنمية الاقتصادية    محافظ قنا يتفقد عددا من المصانع بالمنطقة الصناعية بقفط    مركز فلسطيني: نطالب بحماية دولية للأسرى بعد تصديق الكنيست على قانون الإعدام    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    دي لورنتيس يجدد ثقته في كونتي رغم استمرار التوتر داخل نابولي    مصرع 6 هاربين من أحكام قضائية في تبادل لإطلاق النيران مع الشرطة بقنا    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في تصادم 4 ميكروباصات بطريق سندوب أجا| صور    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة المطرب إسماعيل الليثي    التضامن: التدخل السريع ينقذ أسرة بلا مأوى في القاهرة.. وينقلها بشكل مؤقت لدار رعاية    أول تعليق من دينا الشربيني على شائعات ارتباطها ب كريم محمود عبدالعزيز    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    حالة الطقس.. تقلبات جوية وأمطار متفاوتة الشدة بعدة مناطق فى هذا الموعد    الرئيس السوري يستبعد الانضمام لاتفاقيات أبراهام ويأمل باتفاق أمني    فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبى يعتزم إنشاء وحدة استخباراتية جديدة برئاسة فون دير لاين    عبد الحميد عصمت: خط مياه جديد لقرية السلام وبحث مشكلة صرف القنطرة الجديدة    ننشر اسماء 7 مصابين في تصادم 4 سيارات على طريق المنصورة - ميت غمر    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    زلزالان يضربان ولاية باليكسير غربى تركيا    ماذا قدم ماكسيم لوبيز لاعب نادي باريس بعد عرض نفسه على الجزائر    انتخابات النواب 2025.. توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام اللجان بمنشأة القناطر| صور    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    ليفربول يستهدف ضم صفقة هجومية    بطولة 14 نجمًا.. تعرف على الفيلم الأكثر جماهيرية في مصر حاليًا (بالأرقام والتفاصيل)    صحيفة: المتحف المصرى الكبير يضم أكبر مجموعة ذهبية فى العالم    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    منتخب مصر مواليد 2009 يصل عمان لمواجهة الأردن وديا    6 أعشاب تغير حياتك بعد الأربعين، تعرفى عليها    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    اليوم.. محاكمة 9 متهمين في «رشوة وزارة الصحة»    «الوطنية للانتخابات»: مشاركة إيجابية من المواطنين في التصويت    تقرير غرفة عمليات حزب المحافظين لليوم الأول من انتخابات مجلس النواب    الشحات: لا أحد يستطيع التقليل من زيزو.. والسوبر كان «حياة أو موت»    انطلاق أعمال اليوم الثاني من انتخابات مجلس النواب 2025    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حبس عاطلين لاتهامهما بسرق دراجة نارية فى طوخ بالقليوبية    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    بعد دخوله العناية المركزة.. ريم سامي تطمئن الجمهور على نجلها    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    نورهان عجيزة تكشف كواليس اليوم الأول للمرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025 في الإسكندرية    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤوف مسعد يكتب: حياة وموت مفكر عربي اسمه نصر حامد أبو زيد
نشر في الدستور الأصلي يوم 06 - 07 - 2010

في عام 1994 تعرفت علي الدكتور نصر حامد أبو زيد حينما وافقت القناة الثالثة في التليفزيون الهولندي علي اقتراحي بتصويره وعمل ريبورتاج عنه بعد أن حكمت محكمة مصرية ضده في دعوي حسبة أقامها محامون مصريون. قضت المحكمة بارتداده عن الإسلام، ثم بفصله من الجامعة جامعة القاهرة حيث كان يدرس في قسم اللغة العربية بهدف «منع تأثيره الضار في التلاميذ» كما قضت أيضا بتطليقه من زوجته الدكتورة إبتهال يونس، الأستاذة الجامعية، لأنه لا يجوز لغير المسلم أن يحتفظ في عصمته بزوجة مسلمة.
هكذا في شهر ديسمبر من عام 1994 رأيت وتعرفت علي أبي زيد للمرة الأولي، حيث كان لقائي الأول به مع الفريق التليفزيوني في شقته البسيطة الصغيرة في مدينة 6 أكتوبر.
في ذلك الوقت رحبت «الدولة» في مصر بخروج أبو زيد من دائرة الإعلام. وكانت جامعة «لايدن» العريقة في الدراسات الإسلامية قد قدمت له عرضا لكي يكون «أستاذاً زائراً» ويشرف علي طلبة قسم الدكتوراه في الجامعة الذين يعدون رسائلهم عن الإسلام.
هكذا شد الرحال إلي هولندا والتحقت به زوجته التي رفض تطليقها معلنا أنه مسلم لا يزال علي دينه..
كان محاميه في مصر الراحل الجليل «خليل عبد الكريم»..
هكذا تعرفت أيضا علي هذا الفقيه الجليل في مكتبه الصغير في إمبابة، مكتب لا يليق بمحام مثله، لكن هذا حال الدنيا.. المصرية !
في هولندا تواصلت علاقتنا أبو زيد وأنا، كما تعرفت زوجتانا. حتي جاء الوقت الذي فكرت فيه في تقديم كتاب مبسط عن الإسلام يعتمد علي أسئلة وأجوبة. الأسئلة مني والأجوبة من أبي زيد. قلت له سأقوم بدور «محامي الشيطان» حيث أقوم بسرد حجج من يهاجم الإسلام ، وتقوم أنت بصفتك الأكاديمية بدور المدافع عن الإسلام. كان مستسلما للفكرة التي قد ألحّت عليّ حينما قرر ابني الصغير وقتها ( عشر سنوات ) أن يصوم رمضان بالأصالة عن نفسه ونيابة عني باعتباري مسلما (!) مستسلما للفكرة الغربية أن كل عربي مسلم. كان العذر للصبي ؛ فقد قررنا أمه وأنا أن نترك لأولادنا حرية اختيار ديانتهما.
هكذا واصل ابني صيام رمضان متي عنَّ له ذلك بعد أن شرحنا له موقفنا ؛ أمه وأنا.
وعلي هذا الأساس عرضت الفكرة علي أبي زيد . رحب هو متحمسا.
سجلنا حوالي ثلاثين ساعة حوار علي فترات متقطعة في حوالي شهور ثلاثة. ولم أجد ناشرا في مصر فأصدرته من ناشر صغير متحمس في المغرب بعنوان «الإسلام لابني - حوارات مع نصر حامد أبو زيد».
استقر أبو زيد في لايدن. حصل علي أكثر من تكريم أكاديمي مرموق، لكن قلبه كان في مصر، يحن إليها، برغم سخريتي الخفيفة من «حالته العاطفية الفلاحية» كما أطلقت عليه أنا .. فقد كان هذا المفكر المرموق المثير للجدل فلاحا مصريا في أعماقه، مرتبطاً بأهله وبلده في ضواحي طنطا، وبأسرته التي تسلم مسئوليتها وهو لا يزال يافعا بعد وفاة والده.
لم يلتحق أبو زيد بتنظيم سياسي أو ديني. فهو مثل معظم المصريين كان قد فقد ثقته في التنظيمات القائمة، لكنه التزم أكاديميا وإنسانيا بحقوق الإنسان المتنوعة، دينية واثنية وعبر عن هذا أكثر من مرة في أكثر من مجال. بل إن تكريما خاصا له من جامعة لايدن كان قد حظي به وهو تقديم كرسي أستاذية «حقوق الإنسان» له في احتفال كبير.
كان يذكرني - وقد قلت له ذلك - بسنوحي المصري وقصته التي سجلتها البرديات ثم كتبها الفنلندي «ميكا والتاري» بعنوان «المصري».
فقد أخطأ سنوحي هذا وغضب عليه الفرعون ، فهرب ( أو نفاه لا أذكر ) إلي سيناء. يقول سنوحي في شكواه وابتهالاته إنه جعل باب خيمته باتجاه النيل، حتي يتسني له كل صباح وكل مساء أن يذكر الإله حابي وأن يتذكر أرض الحنطة.
وهكذا بقي سنوحي سنوات قابعاً علي باب خيمته حتي تذكره الفرعون وأمر بعودته سالما.
وهكذا بقي أبو زيد في هولندا، في ضاحية هادئة من ضواحي مدينة لايدن، يكتب ويفكر ويتأمل، منتظرا وقت العودة إلي مصر التي قال إن أكثر ما يفتقده في هجرته الاضطرارية هذه هو طلبته الجامعيون في مصر.
قبيل وفاته بسنوات قلائل استطاع أن يعود إلي مصر بدون ملاحقات قضائية. استطاع أن يلقي بمحاضرات في مكتبة الإسكندرية.
وقبيل وفاته بشهور، منعته السلطات في الكويت من دخولها وهو في مطار الكويت بعد اعتراض نواب برلمانيين متعصبين علي قدومه الكويت تلبية لدعوة بعض مثقفيها لإلقاء محاضرات هناك . تم ترحيله من المطار رغم حصوله مقدما علي تأشيرة دخول.
في السنوات الأخيرة لم نلتق إلا لماما لانشغالنا بأمور دنيانا. كنت أتابع أخباره كلما سنحت لي الفرصة.
هكذا عاش أبو زيد ومات. عاش يدافع عمَّا يعتقد أنه الصحيح من أفكار ومعتقدات دينية أكاديمية .. ومات في مصر ، وتدفنه أسرته في مقبرة الأسرة في قريته الفلاحية ..
رجع سنوحي إلي مصر مرة أخري !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.