يحتفل العالم هذه الأيام بذكري وفاة مايكل جاكسون (بالمناسبة هناك شبهات قوية حول قتله )، لكن هل سمع أحدكم أغنية لمايكل جاكسون الأهم في تاريخه من وجهة نظري ؟ دعك من كونك تحبه أو تكرهه ( بالمناسبة أنا كنت أكرهه وأشفق عليه وأحب صوته في آن واحد!)، لكن هذا لا يمنع الاعتراف بأن أغنيته هذه واحدة من علامات الغناء الحديث، حيث يتصدي مطرب في أغنية لمواجهة الصحافة الصفراء، مما تستحق معه الأغنية أن يتم تدريسها في كليات الإعلام وأقسام الصحافة. نعم أغنية جاكسون عن الصحافة عموما وصحافة التضليل وأكل لحم المعارضين وترويج بيانات الأجهزة الأمنية وتحريات المباحث وناشبة الأظافر في أعراض المشاهير، والحقيقة أنها أغنية جميلة تقدم تحليلا دقيقا وصحيحا لقواعد وأسلوب الصحافة المضللة في العالم كله، وبينما هي تكشف وتفند فهي تضع القارئ لهذه الصحف شريكا بوضوح في صناعتها ورواجها، وأسأل نفسي: لماذا تقتصر أغاني مصر والعرب علي الحب المهبب والغرام الملتهب ونفس المعاني التافهة السطحية التي تكاد تري - ياللقرف - ريالتها العبيطة تتساقط من كلمات الأغنية، لماذا تعطلت الدماغ الفنية في مصر عن الإبداع والتجديد والدخول في موضوعات مختلفة عن هذا الحب الذي ابتذلته الأغاني وأفسدته وعكت فيه ولكت؟! أغنية مايكل جاكسون تعبير فني غنائي عن واقع إعلام ومهنة تنتهك أحيانا خصوصية الإنسان وتمزق أسراره وحياته، يتساوي هنا مطرب شهير بمعارض كبير، الأغنية بعنوان «tabloid junkie» وتقول كلماتها ( ترجمة وليد التكلي ) وبقليل من التصرف: توقع أن تكسر الذي تكرهه بنشر الكذبة التي تصادرها اغتال وشوه مثل نباح الإعلام الهستيري من التالي / جون كينيدي كشف ال سي آي إيه/ الحقيقة ستعرف علي الربوة العشبية (الجنة)/ وقصة الابتزاز في كل السبق المزيف/ في كل القصص التي تجعلونها صادقة ثم يخاطب مايكل جاكسون الصحفي مغنيًا: إنه تشهير/ وتقول أنت إنك لا تملك سيفا/ لكنك بقلمك تعذّب الرجال/ وتصلب الناس باسم الرب. ثم يأتي دور القارئ في الأغنية: وأنتم أيها الناس ليس عليكم قراءتها/ وليس عليكم أكلها/ ولكن بشرائها تغذيها/ فلماذا نخدع أنفسنا ؟ ليس لمجرد أن تقرأ قصة في مجلة/ أو تراها علي شاشة التليفزيون/ لا يجعلها حقيقة مؤكدة مجردة/ إنهم يقولون إنه شاذ وسكير ثم تأتي أهم مقاطع الأغنية في تحليل عدوانية صحافة التضليل والكذب والضحك علي الناس والتعبير عن مصالح مالكيها ومحركيها: في الرأس/ قم بتوريطه إذا استطعت/ صوب لتقتل/ ولومه إذا استطعت/ وإذا مات أظهر عطفك وشفقتك/ مثل هؤلاء شهود الزور/ الذين يدعون الاستقامة/ في الظلام الدامس/ إطعني في ظهري/ في وجهي/ اكذب وشوه أي جنس بشري/ قصص الهيروين ومارلين / هي قصص العنوان الرئيسي / للسبق الصحفي الذي تدعونه/ إنها فضيحة/ بكلامك الذي تستخدمه / إنك طفيلي كتابة بالأبيض والأسود/ تفعل أي شيء للحصول علي الخبر فلا تذهب لتشتريه وهم لا يفخموا فيه ولكن القراءة تجعله صادقا إذًا لماذا نخدع أنفسنا ونقول إنه ليس ذنبا أن ينشروا وأن نقرأ ولكن بكلامك تعذّب الرجال لعنكم الله فأنتم ناس غير محترمين تطرح الأغنية السيرة الذاتية لمايكل جاكسون مع الصحافة والإعلام وتقدم تجربة وخبرة إنسانية مهمة فضلا عن وعي مؤلفها بفنيات وتكتيك عمل الصحافة التي تأكل لحم الناس وتعرضه في الفاترينة ثم تلوم من يشتريه!