ج: يعني تفضل تدح وتذاكر لمدة 7 سنين عشان تكتشف إنك فى النهاية ولا حاجة! يعني إيه كلية قمة..؟ يعني إنك تصدق أكبر كذبة في حياتك باقتناعك بهذا الاسم العبثي تماماً «قمة» وهو ما يعني أن ما دونها هو بالتأكيد قاع.. ثم يتسرب إحساس ما بالعظمة إلي نفسك.. في الوقت الذي تعلم فيه تماماً أنك لست بأعظم من الآخرين ولا حاجة.. ولكنك فقط أقربهم شبهاً بالآلات التي تخزن المعلومات.. ثم تطرشها عند اللزوم! يعني أن تلح علي خاطرك صورة زاهية الألوان لمستقبلك الباهر.. طبيب مشهور وأنيق.. يجلس علي مكتبه في عيادته المكيفة.. يدخل العيانيين بأمراضهم المستعصية إليه ثم يخرجون بعد شفائهم.. وألسنتهم تلهج بالدعاء له.. ولكن للأسف منظر المستشفيات التي عملنا بها لم يطابق أبداً تلك الصورة الزاهية فلا المرضي يشفون ولا تكف ألسنتهم عن أن تلهج بما طاب من الشتائم! يعني إنك تحبس نفسك وتنعزل عن العالم في مرحلة الثانوي.. اللي المفروض خبراتك الذاتية بتتكون فيها.. لمجرد إنك تجيب مجموع يدخلك كليه تعزلك عن العالم بالفعل! يعني حالة من اليقين الكامل بأن مكانك الطبيعي حاجة من اتنين بقاعة المحاضرات حيث يتم حشر المعلومات في دماغك.. يا في أوضتك مع محاولاتك المضنية لجعل المعلومات التي تعلمتها أقل انحشاراً. يعني إنك لما تدخل الكلية لأول يوم تكتشف إنك دخلت العالم الغلط.. وإنك محاط بمجموعة مبرمجة من اللاحقيقيين.. هدفهم في الحياة اتبلور واتمحور حوالين حاجة واحدة بس... إزاي يبقوا نموذج حمار مثالي.. يحفظ ويجيب تقدير! يعني تعلم منذ البداية أنه سينظر إليك دائماً علي أساس أنك المخلوق العجيب علي ظهر كوكبهم.. وستفشل كل محاولاتك للخروج بصديق.. كان كل هدفك من البحث عنه بينهم إنك ماتبقاش لوحدك، لتكتشف في النهاية أن أجمل ما حدث هو إنك بقيت لوحدك فعلا! يعني تفقد إحساسك بالجمال والحياة.. ومايبقاش عندك وقت تركز غير في الكتب المقررة عليك.. وبالتالي تنعدم خبراتك تماماً واحدا لا بيقرا.. ولا بيشوف سينما.. ولا بيتعامل مع بني آدمين حقيقيين.. يبقي خبرات إيه اللي حيدور عليها؟! يعني ما تلاقيش وقت فاضي تتكلم فيه مع نفسك.. تاخد وتدي وتنتقدها وتمدحها.. وتتخانق معاها وتشتمها ولو حصل ولقيت الوقت واتكلمتو - إنت ونفسك - هيبقا الكلام كله أجهزة ضغط وحقن وعيانين! يعني بعد ما تتخرج تتبينلك المأساة الحقيقية.. المتمثلة في إنك مجرد موظف حكومي باهت ومكرر وغير مميز.. وفيه منك كتير أوي! يعني تدرس 7 سنين في كليتك المسماه «اعتباطاً» كلية القمة.. علشان تكتشف في النهاية.. إن حتي الخبرات الوحيدة إللي مسحت شخصيتك بأستيكة نضيفة علشان تكتسبها.. هيا كمان ملهاش لازمة.. وإنك مضطر تتعلم من أول وجديد.. علشان العملي حاجة والنظري حاجة!!