بعض مراكز الأبحاث الأجنبية تناقش حاليا احتمالات نشوب حرب بين إسرائيل ولبنان بمجرد انتهاء الولاياتالمتحدة من ضرب "داعش" في العراق وإزاحتها إلى سوريا. وقد تتزامن هذه الحرب مع بداية قصف سوريا تحت غطاء محاربة "داعش" على الأراضي السورية، ومن المتوقع أيضا أن تطول مدة هذه العمليات العسكرية، سواء في سورية أو في لبنان.
أما ما يجري في غزة فهو مرتبط ليس إطلاقا بعمليات حماس أو الجهاد الفلسطينيتين بقدر ارتباطه بتحركات قطر وتفاهماتها مع واشنطن حتى لا تواجه إسرائيل عدوين في آن واحد.
في الوقت الذي تحتاجها واشنطن لسحب قوات حزب الله بعيدا عن سوريا. هذا تحديدا ما قاله وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل بأن الرئيس الأمريكى باراك أوباما والإدارة الأمريكية يركزان على مواجهة التحديات المقبلة، مشددا على أن الولاياتالمتحدة تتبنى "استراتيجية طويلة المدى" للتصدى لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام.
ومن الصعب أن نتصور أن يعلن هاجل أو أوباما صراحة عن استراتيجية طويلة المدى لتدمير المنطقة أو تحقيق السيناريو القديم بآليات وأدوات مغايرة أكثر قسوة وتدميرا.
وأدلى هاجل وديمبسي في مؤتمرهما الصحفي أمس الخميس، بجملة من التصريحات التي تعد الأخطر خلال السنوات الثلاث الأخيرة بشأن ضرورة ضرب "داعش في سوريا" وأن هزيمة "داعش" لن تتحقق إلا بضرب التنظيم في سوريا! غير أن الجنرال الأمريكي ديمبسي قال جملته الأخيرة المهمة: "يتعين على حلفاء الولاياتالمتحدة فى المنطقة أن يلعبوا دورا كذلك"! هكذا تطلب واشنطن علنا من حلفائها في الشرق الأوسط المشاركة في عمليات عسكرية ضد "داعش".
ولكن الجميع يعرف أنها ليست ضد داعش. هذا يسبقه إجراء آخر خطير يتلخص في ضرورة أن يقوم حلفاء واشنطن في المنطقة بمساندة مشروعات قراراتها اللاحقة في مجلس الأمن والتي ستعترض عليها حتما دول مثل روسيا والصين والبرازيل وبعض دول أمريكا اللاتينية، ومشروعات القرارات هذه تتعلق أساسا بالطلب الثاني الذي طلبه ديمبسي من حلفائه.
والسؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا: من هم حلفاء واشنطن في المنطقة القادرون على دعم مشروعات قراراتها في مجلس الأمن والمشاركة أو القيام بأدوار محددة في العمليات العسكرية المترتبة على تلك القرارات؟ لا أحد سيعترف بأنه حليف لواشنطن سوى إسرائيل.
ولكن ماذا بخصوص قطر التي تلعب الدور الأخطر والأهم في المجال "الجيوإرهابي" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وماذا بشأن بعض الدول التي تعطي أولوية لخلافات أصغر بكثير من تدمير المنطقة، في الوقت الذي تقع هي نفسها فيه تحت طائلة التهديدات الأمريكية ومواجهة نفس مصير سوريا؟!
الخطير في الأمر أن صحيفة وورلد تريبيون الأمريكية نشرت اليوم السبت، أن " أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام المعروفة باسم داعش، غادر العراق هربًا من الهجمات العسكرية الأمريكية إلى سوريا"، وذكرت الصحيفة استنادا إلى تصريحات مسؤولين أن "البغدادى ترك مقر إقامته بالموصل العراقية فى 10 أغسطس الجارى هاربا إلى سوريا وخوفا من الضربات الجوية الأمريكية".
وحول التفاصيل، أكد سعيد زينى المتحدث باسم الحزب الديمقراطى الكردستانى أن البغدادى انتقل إلى سوريا فى قافلة ضمت 30 سيارة هامر خوفا من استهداف الغارات الأمريكية له وخاصة بعد مقتل بعض قادة التنظيم فى الهجمات الكردية الأخيرة على مواقعهم.
من الواضح أن عملية ضرب سوريا قد بدأت، بينما تقدمت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى مجلس الأمن بمشروع قرار لوقف الحرب في غزة، ما يعني أن هناك رغبة غربية لتهدئة الأوضاع من ناحية غزة، وسوف تتولى قطر هذه المهمة مع حماس.
لكي تتفرغ إسرائيل لضرب لبنان وسحب قوات حزب الله بعيدا عن سوريا. وربما تمكنت إسرائيل من الحرب على جبهتين، لكي تتفرغ قطر لأداء مهمة أخرى متعلقة بتحييد أي قوى أو دول يمكن أن تفكر في إعاقة ضرب سورية.