ترامب: أمنح لقائي مع بوتين في ألاسكا تقييم 10 على 10    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| مواجهة الزمالك ضد المقاولون.. وظهور برشلونة ومانشستر سيتي    القبض على التيك توكر علاء الساحر لظهوره فى مقاطع فيديو يعتدى على أشخاص    مهرجان العلمين الجديدة.. مروان بابلو يختتم حفله بفقرة الألعاب النارية وسط تفاعل الجمهور    سعر اليورو اليوم السبت 16 أغسطس 2025.. كم سجل أمام الجنيه المصري في البنوك؟    أسعار الفراخ اليوم السبت 16-8-2025 بعد الارتفاع الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    السيسي يوافق على ربط موازنة الهيئة الوطنية للإعلام لعام 2025-2026    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم في مصر السبت 16-8-2025 بعد الهبوط الكبير    بعد حريق محطة سلوا، عودة الكهرباء إلى أكثر من نصف مساكن إدفو في أسوان (صور)    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    ترامب: تطلع أمريكي روسي لوقف حرب أوكرانيا.. واتفقت مع بوتين على معظم النقاط    المستشار الإعلامي للأونروا: مصر لا تتأخر في تقديم المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة    ترامب بعد لقائه بترامب: أحرزنا تقدما إلا أننا لم نتمكن من التوصل لاتفاق نهائي    هل كتبت انتخابات الشيوخ نهاية الأحزاب ذات المرجعية الدينية؟ صبرة القاسمي يجيب    «امتلك 3 حراس».. تعليق ريبيرو بعد خطأ شوبير في مباراة فاركو    صلاح يقود ليفربول للفوز على بورنموث برباعية في افتتاح الدوري الإنجليزي    أول تعليق من مدرب فاركو بعد الخسارة أمام الأهلي    تنسيق الجامعات 2025، خطوات التقدم للالتحاق ببرامج الساعات المعتمدة بآداب القاهرة    «الجو هيقلب».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: أمطار ونشاط رياح    إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    حلا شيحة تفاجئ جمهورها ب إطلالة محتشمة في أحدث ظهور.. ماذا قالت؟    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    فريق "واما" يشعل حفل "رأس الحكمة" بحضور نجوم الفن ويحتفل بعيد ميلاد تامر حسني (صور)    اليوم، انطلاق تصفيات مسابقة "دولة التلاوة" ووزير الأوقاف يقرر بثها على 4 قنوات    أنت ميزان حرارة طفلك.. متى تصبح حرارة الرضيع حالة طارئة تستدعي التدخل الطبي الفوري؟    الصحة تخصص خطا ساخنا لمعرفة أماكن توفير تطعيم السعار    ترامب يغادر ألاسكا بعد قمته مع بوتين    "رقم مميز للأهلي".. 4 حقائق من اليوم الثاني للجولة الثانية بالدوري المصري    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    حيل ذكية لتخفيف الغثيان في الشهور الأولى من الحمل    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    محمد معيط يشارك في عزاء وزير التموين الأسبق علي المصيلحي    ريبييرو: الفوز على فاركو خطوة مهمة لمواصلة انتصارات الأهلي في الدوري    بوتين يفتتح المؤتمر الصحفي في قمة ألاسكا    «مرسال» يعلن إطلاق مبادرة الإستثمار الزراعي في كينيا    السيطرة على حريق بمحطة كهرباء الحصايا بأسوان    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    جريئة ومُبهجة.. بالصور أجمل إطلالات النجمات في المصيف    مصرع طفل غرقا في حمام سباحة ببني سويف    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    صلاح يسجل..ليفربول يهزم بورنموث برباعية في افتتاحية الدوري الإنجليزي    ب«الجبنة القريش والبطاطس».. طريقة تحضير مخبوزات شهية وصحية (خطوة بخطوة)    القانون يحدد ضوابط العلاوة التشجيعية للموظفين.. إليك التفاصيل    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات ومعاهد متاحة والحد الأدنى 2024    ليفربول يدين الهتافات العنصرية ضد مهاجم بورنموث    بعد تصديق الرئيس.. القانون يمد خدمة المعلمين المتقاعدين لمدة 3 سنوات    «لو بتكح كتير».. تحذير قد يكشف إصابتك بمرض رئوي خطير    بعد ساعات.. غلق كلي ب كوبري الجلاء في الاتجاهين لمدة 3 ساعات    قرار هام من التريبة والتعليم حول تظلمات الدفعة الثانية ل 30 ألف معلم    وكيل صحة المنوفية يوضح حقيقة سقوط أسانسير مستشفى بركة السبع    أخبار 24 ساعة.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة "دور ثانى" غدا    تليفزيون اليوم السابع يستعرض أبرز ما يميز النسخة المطورة من تطبيق مصر قرآن كريم.. فيديو    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    وزير الأوقاف يختتم زيارته لشمال سيناء بتكريم 23 شابا وفتاة من حفظة القرآن الكريم بقرية 6 أكتوبر بمركز رمانه (صور)    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



8 خرافات ل«الدعاة والشيوخ» على المنابر والفضائيات
نشر في الدستور الأصلي يوم 07 - 08 - 2014

«الخرافات» هى بضاعة رائجة، تزدهر فى أوقات يستشرى فيها الجهل حتى يصل منتهاه. «الخرفات» يستخدمها الدعاة والشيوخ على المنابر والفضائيات ليرهبوا الناس من الدين نفسه، لا من خطورة ترك العبادات أو للترويج للحط من المرأة تماشيا مع الموروث المريض القادم من تاريخ العرب قبل الإسلام. «الخرافات» أيضا بزنس، يصل بها هذا الداعية أو ذاك الشيخ إلى مبتغاه المادى من أموال الفضائيات والمنابر.
فى السطور التالية، نقدم للقارئ أشهر الخرافات الدخيلة الكاذبة، التى يلوكها شيوخ المنابر والفضائيات، والتى أسهمت بقدر كبير فى تشكيل الوعى الدينى الخاطئ عند كثير من المسلمين.
المرأة نعجة أو شاة أو بقرة أو ناقة لأن الكل مركوب
تأمل ما جاء فى تفسير القرطبى فى آية «إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّنى فى الخطاب».
قوله تعالى: إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة أى قال الملك الذى تكلم عن أوريا إن هذا أخى أى: على دينى، وأشار إلى المدعى عليه. وقيل: أخى أى: صاحبى. له تسع وتسعون نعجة... قال النحاس. والعرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة، لما هى عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب. وقد يكنى عنها بالبقرة والحجرة والناقة، لأن الكل مركوب.
وهذا من أحسن التعريض حيث كنى بالنعاج عن النساء. هذا بالضبط ما جاء فى تفسير القرطبى!
المطالبة بمراجعة الروايات غير المتواترة المنقولة عن النبى صلى الله عليه وسلم لا تعد إنكارًا للسنة كلها
الصحيح أن الحديث الذى ورد بشأن «الشجاع الأقرع» هو فى عقوبة من لم يؤد الزكاة.. وهذا لا يكون إلا فى يوم القيامة لا فى القبر.
التسليم الدائم وإلغاء العقل والتفكير
العقل فى تاريخ الفكر الإسلامى إما أن يراد به مقابلة النقل فيقال أهل النقل وأهل العقل، وإما أن يراد به إمعان النظر واستبصار الحكمة والمعقول فى ما أتى به المنقول.
رغم أن القرآن قد أعطى مكانة وتكريما خاصا للعقل تتضح أكثر ما تتضح فى تلك المزاوجة فى الدعوة بالبراهين العلمية العقلية الكونية والدعوة بالآيات النقلية، وبذلك يكون هناك رباط مقدس عقده القرآن بين العقل والنقل، وبين الله أنه لا تعارض بين العقل الصحيح الصريح والنقل الصحيح.
وهذا ما تقرره الآيات القرآنية وأقوال العلماء والفقهاء ويكفى أن نقول فى البداية إن علماء المسلمين حصروا المقاصد الضرورية والعامة للشريعة الإسلامية كلها فى خمسة مقاصد قال عنها الإمام الشاطبى رحمه الله فى (الموافقات): (إن الأصول الكلية التى جاءت الشريعة بحفظها خمسة وهى: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال).
وطوال عصور الازدهار والنهوض الحضارى للأمة لم يكن هناك أى تعارض أو قطيعة بين العقل والنقل، وهذا على العكس تماما مما يحدث فى عصور الانحطاط والتراجع الحضارى.
ولعل هذا الكلام يكون ملموسًا بشكل بالغ الوضوح للدرجة التى لا ينفع معها إنكار فى زماننا هذا وأيامنا تلك.
فلو حاول أحد منا أو جرب أن يسأل واحدًا من دعاتنا وشيوخنا الأفاضل عن الأشياء التى لا تتفق مع العقل فى كتب الحديث أو كتب التفسير والسير القديمة وتسأل عن كيفية الإيمان بها وهى لا تتفق مع العقل.. يردون عليك بأنها أشياء يجب الإيمان بها سواء اتفقت مع العقل أو ناقضته.. إذ العقل عندهم لا مجال له فى أى قضية متصلة بالدين سواء من قريب أو من بعيد، لا فرق عندهم فى ذلك بين الأصول وبين الفروع!
وهنا نسأل: أليس هذا العقل شرط وأساس فى وجوب العبادات جميعا على الشخص المسلم؟ ألا تجب الصلاة إلا على المسلم البالغ العاقل (صاحب العقل) وغيرها من العبادات الأخرى؟ ألا تسقط العبادة عن المجنون (فاقد العقل) حتى يفيق؟ وألم تحرم الخمر إلا لأنها تذهب العقل وتغيبه عن الوعى، وبالتبعية فأى مادة أو عقار تعاطيه يذهب العقل يأخذ حكم التحريم كالخمر لنفس السبب ونفس العلة؟!
وما فائدة تلك الآيات العديدة والمتناثرة فى سور القرآن التى تخاطب أولى النهى وأولى الألباب، وأفلا يتدبرون، وأفلا يتفكرون، وأفلا يعقلون.. أم أن هذه الآيات كانت لأشخاص وأقوام غيرنا، أم ماذا بالضبط؟
لماذا يجنح الدعاة والشيوخ إلى التفسيرات الفقهية القديمة حتى وإن خالطها الغموض ومخاصمة العقل والمنطق ويثورون ضد التأويلات العقلية الحديثة التى لا تضر الدين فى شىء؟
وهل كتب التراث جميعها لا تُخطئ، هل هى قرآن أو وحى مقدس؟ وهل كل ما ورد إلينا عن السلف صحيح لا ينبغى مناقشته أو المساس به، وهل المطالبة بإعادة النظر فى تلك الكتب وما فيها من روايات وآراء واجتهادات لا تتناسب مع محكم القرآن والعقل ومراجعتها تعد كفرًا بينا ومحاولات لهدم دين الله كما يزعم هؤلاء ويدلسون على جمهورهم من العوام بذلك؟
هل المطالبة بمراجعة بعض الروايات غير المتواترة والمنقولة عن النبى والسؤال عنها تعد إنكارا للسنة كلها؟! لماذا يرفع هؤلاء سيف التكفير على رقبة كل من يخوض فى هذه المسائل؟
أعتقد أن الإجابة على ذلك تتلخص فى ضيق أفق هؤلاء الدعاة وتعصبهم لوجهة نظرهم لا للدين ولا للقرآن ولا للسنة.. فالتدين الحقيقى يجعل العالم أو الداعية وكذلك الإنسان العادى على حالة من الرفق والتسامح والصبر على المخالف تختلف تماما عما نراه من مشايخنا الذين ازدحمت بهم الفضائيات.
هم يتحدثون عن العقل ومكانته وكيف كرم الله به الإنسان، لكنهم فى حيز التنفيذ يضيقون بهذا العقل ذرعا، ويخافون منه أشد الخوف.. لأنهم فى ما يبدو يريدون قيادة الجمهور والبسطاء من العوام كالقطيع دون تفكير أو استفهام أو مساءلة.
وقد نالوا ما أرادوا وأصبحوا كالملوك والأباطرة فى الوجاهة والثراء والنجومية والتقديس من الأتباع.
الثعبان الأقرع وظهوره فى القبر
ما يتردد فى الوعى الشعبى أن حكاية الثعبان الأقرع قد جاءت فى حديث «من تهاون فى الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة: ست منها فى الدنيا، وثلاث عند الموت، وثلاث فى القبر، وثلاث عند خروجه من القبر».. ومن ضمن ما ذكر من عذاب القبر فى الحديث هو ظهور الشجاع أو الثعبان الأقرع لتارك الصلاة.
والحقيقة أنه حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فهو شائع ومتداول على المنابر تخويفا وترهيبا لتارك الصلاة.
ورغم هذه الشهرة وهذا التداول، إلا أن هذا الكلام ليس صحيحًا ولا أساس له.
وقد قال عنه ابن باز فى مجلة «البحوث الإسلامية»: أما الحديث الذى نسبه صاحب النشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقوبة تارك الصلاة وأنه يعاقب بخمس عشرة عقوبة إلخ: فإنه من الأحاديث الباطلة المكذوبة على النبى صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك الحفاظ من العلماء رحمهم الله كالحافظ الذهبى فى «لسان الميزان» والحافظ ابن حجر وغيرهما.
والصواب أن الحديث الذى ورد بشأن هذا الشجاع الأقرع هو فى عقوبة من لم يؤد زكاة ماله وهذا لا يكون إلا فى يوم القيامة وليس فى القبر.
فقد جاء فى صحيح البخارى عن أبى هريرة قال‏: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، فيأخذ بلهزمتيه -يعنى شدقيه- فيقول‏: أنا مالك‏. أنا كنزك‏. ثم تلا هذه الآية «ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير)».
سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة
فى «تفسير القرآن العظيم» المعروف بتفسير ابن كثير وفى شرح الآية الأولى من سورة الأحزاب، نقرأ: «سورة الأحزاب وهى مدنية. قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدّثنا خلف بن هشام: حدثنا حمّاد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زرّ قال: قال لى أبى بن كعب: كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ أو كأين تعدّها؟ قال: قلت: ثلاثا وسبعين آية، فقال: قطّ، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة».
وفى تفسير «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبى بخصوص سورة الأحزاب، نقرأ: «مدنية فى قول جميعهم. نزلت فى المنافقين وإيذائهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعنهم فيه وفى مناكحته وغيرها. وهى ثلاث وسبعون آية. وكانت هذه السّورة تعدل سورة البقرة. وكانت فيها آية الرجم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم).
حسب هذا الكلام فإن سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة فى الحجم والمساحة، ولكن النسخ قد أوصلها لنا بهذا الشكل الذى هو بين أيدينا.. وكأننا نقدم بأيدينا أقوى المبررات والأدلة الدامغة لمن يقولون بتحريف القرآن وعدم قداسة النص.
ولم يتحمل الشيخ محمد الغزالى رحمه الله مثل هذا الكلام ففى كتابه «نظرات فى القرآن» بعد أن فند مُبررات من قالوا بالنسخ والناسخ والمنسوخ يقول عن «الناسخ والمنسوخ»:– «فضلا عن كونه فهمًا خاطئا فهو جرأة غريبة على الوحى وظلم لكتاب الله».
ويقول أيضًا فى كتابه «تراثنا الفكرى فى ميزان الشرع والعقل»: «وهذا كلام سقيم، فإن الله لا ينزل وحيا يملأ أربعين صفحة ثم ينسخه أو يحذف منه أربعا وثلاثين ويستبقى ست صفحات وحسب ويضيف الغزالى: «وأنبه إلى أن ما يتصل بالقرآن لا يتحمل هذه الحكايات المنكرة».
وقفة مع حديث نزول الله إلى السماء
جاء فى صحيح مسلم «عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ؟»
يقول ابن باز: (قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات النزول وهو قوله صلى الله عليه وسلم «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له» وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذى يليق بالله سبحانه لا يشابه خلقه فى شىء من صفاته.
ومع احترامى لهذا الكلام فإنه لا يكفى لتنزيه الله عن التجسيم المشابهة، إذ لا بد أن نضيف إليه أيضًا تلك الإضافة المهمة والذكية للشيخ الغزالى: «يستحيل أن يكون النزول على حقيقته المادية، يخلو منه المكان الذى تركه ويشغل به المكان الذى قصده» بمعنى أنه لم يغادر بذاته مكانا ليحل فى مكان آخر.
صوت المرأة عورة
كذبة من أكبر الأكاذيب التى شاعت بين المسلمين.. وهى عبارة سيئة السمعة يتم تداولها على ألسنة المتشددين والمتنطعين دون تدبر أو نظر.
فليس فى القرآن الكريم آية ولا فى سنة النبى الكريم حديث صحيح يمكن أن يتوصل به عاقل إلى هذا الحكم الشاذ.
وحتى لا يظن أحد أننا نختلق القضايا، أعود مرة أخرى إلى الكتاب المهم للشيخ الغزالى «تراثنا الفكرى فى ميزان الشرع والعقل» لأتوقف مع ما قاله: «وعندما كنت أدرس فى جامعة الجزائر الإسلامية، كان الطلاب عن يمينى فى المدرجات والطالبات عن يسارى، ولاحظت أن الوجوم يخيم على البنات، بعد أيام قلائل كن يسألننى فيها على استحياء!».
وعلمت أن الطلاب الذكور هددوهن إذا سألن، فإن صوت المرأة عورة!
ولا شك أن ما أورده الشيخ الغزالى لم يكن نابعا فقط من عقول هؤلاء الطلاب، بل هو ما تعلموه عن مشايخ الفكر العفن الذى ينشره بعض العلماء، على حد تعبير الغزالى رحمه الله.
وللشيخ أيضًا مقال رائع فى كتابه الممتع «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة» جاء فيه تحت عنوان: حرمة صوت المرأة.. إشاعة كاذبة، نقرأ فيه:
وذكرنا من قبل أن أمرا إلهيًّا صدر بامتحان المؤمنات المهاجرات، وكان عمر يتولى ذلك الامتحان فهل قال أحد: إن صوت المرأة -حين تسأل فتجيب- عورة؟
اللهم إلا أن يزعم متقعّر أن الامتحان كان تحريريا لا شفويا! كان النساء على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يروين الأحاديث ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، فما زعم أحد أن صوت المرأة عورة.
العورة فى أصوات النساء -وأصوات الرجال أيضًا- أن يكون الكلام مريبا مثيرا له رنين ردىء!
ولا يوجد بين رجال الفقه من قال: صوت المرأة عورة، إنها إشاعة كاذبة.
عمر والنهى عن تعليم الكتابة للمرأة
وفى ذات السياق المعادى للمرأة وفى نفس المصدر المشار إليه سابقا، يواصل الغزالى «كما ذكر بعضهم أن عمر كان ينهى عن تعليم النساء الخط، وهذا أثر منكر وقد كانت ابنته حفصة رضى الله عنها كاتبة فلمَ علمها أو تركها تتعلم الخط إذا كان هذا لا يسوغ؟ ولم يبقَ إلا أن يقول أحمق: تعلمت الكتابة فى الجاهلية فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك لأن الأمية جزء من غاياته ورسالاته!»
حديث خلق آدم على صورة الرحمن
أخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة: «خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة، جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله».
الإشكالية الكبرى فى هذا الحديث هى فى تحديد الضمير فى «على صورته» عائد على من؟
يقول ابن تيمية: «لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع فى أن الضمير فى الحديث عائد إلى الله تعالى». ومعنى هذا الكلام أن صورة آدم هى على صورة الله! وحول هذا الحديث يقول شيخنا الغزالى فى «تراثنا الفكرى»: «وأمامى كتاب جيد الطبع ردىء المعانى عنوانه «عقيدة أهل الإيمان فى خلق آدم على صورة الرحمن»، لقد تساءلت: فما معنى قوله تعالى: «ليس كمثله شىء» إذا كان آدم على صورة ربه؟!... ولو سمحنا لهذا الفكر أن ينتعش وتتسع مباحثه فسيقضى على الإسلام فى أنحاء العالم ويتعرض لهزائم ماحقة. ويصل الغزالى إلى النقطة المهمة والحاسمة فى مثل تلك القضايا ليقول: «وإنما دفع إليها ما يحشده البعض من آثار موهمة لا صلة لها بالعقائد -ولو صحت- لأن العقائد مبناها على النصوص القطعية المتواترة». وهكذا يعلنها الغزالى صراحة أن الأمور الاعتقادية لا تبنى إلا على اليقين، حيث آيات القرآن الكريم قطعية الثبوت والدلالة، وكذلك الأحاديث المتواترة وليس على أحاديث الآحاد التى لا تفيد إلا الظن العلمى. وهو الموضوع الشائك والحساس الذى سنتناوله بالتفصيل فى كتابات قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.