الكاتب الأمريكي الشهير «توماس فريدمان» لا يألو جهداً في خدمة إسرائيل في كل مقال يكتبه بصحيفة نيويورك تايمز، ومع ذلك فإنه يستقبل في بلادنا الحلوة من الخليج إلي المحيط أروع استقبال كما لو كان نصيراً للحق العربي!. كتب توماس فريدمان هذا الأسبوع عقب زيارة قام بها إلي اسطنبول مقالاً ملغوماً يمكن اعتباره قطعة فريدة في الشر المحض.. وإليكم بعض مما قاله في مقاله الذي نشرته صحيفة الشروق المصرية: «دارت في رأسي أربعة أسئلة طرحها عليّ الأتراك بينما كنت أستعد لمغادرة أسطنبول، وهذه الأسئلة في حد ذاتها سوف تخبركم بكل ما تحتاجون إليه كي تفهموا الموقف هنا، ويمكن تلخيص الأسئلة التي وجهها إليّ صحفيون وأكاديميون ورجال أعمال علي النحو التالي: أولاً:هل تعتقد أننا نشهد موت الغرب وصعود قوي عالمية جديدة في الشرق؟ ثانياً: هل تمانع ألا تنقل عني بالاسم أي تصريحات؟إني أخشي أن تنتقم الحكومة مني أو من صحيفتي أو شركتي حال قيامك بذلك .ثالثا:هل رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان محق في اعتقاده بشأن وقوف إسرائيل وراء الهجمات التي يشنها حزب العمال الكردستاني ضد تركيا؟ رابعاً: هل تظن حقاً أن أوباما بإمكانه معاقبة تركيا علي التصويت ضد رغبة الولاياتالمتحدة بشأن عقوبات الأممالمتحدة ضد إيران؟». هذه كانت الأسئلة الأربعة التي يزعم الدجال فريدمان أن الأتراك الذين التقاهم قد سألوها له، وكلها للحق توحي لمن يقرأها بأن تركيا هي إحدي جمهوريات الرعب التي يحكمها رجل تسيطر عليه الهلاوس ويتوهم وجود مؤمرات من إسرائيل ضده، وبسبب طبيعته هذه فإن الصحفيين والأكاديميين ورجال الأعمال كلهم توجهوا إلي فريدمان سائلينه أن يستر عليهم ولا ينشر أسماءهم عندما يكتب عن انتقاداتهم لأردوجان وتوجهاته نحو الشرق وضد العدوان الإسرائيلي علي غزة وعلي أسطول الحرية الذي قتل فيه تسعة أتراك، وكذلك سؤالهم له عن الخطوات التأديبية التي سيقوم بها أوباما ضد تركيا بسبب تصويتها ضد رغبة الأمريكان بشأن العقوبات التي فرضوها علي إيران. بداية لا يسع المرء وهو يقرأ هذا الكلام سوي أن يشمئز من لهجة الاستعلاء التي يتحدث بها فريدمان والأهمية المبالغ فيها التي يمنحها لنفسه، ولعل الحفاوة التي يلقاها في العالم العربي بسبب الخيبة والغفلة قد صورت له أن وضعيته هي نفسها في تركيا وأنه يستطيع أن يسوق ما يشاء من أكاذيب دون أن يجد من يرد علي ترهاته!.. ولا أستطيع أن أتصور انزعاج الأتراك ومن بينهم رجال أعمال من توجه أردوجان نحو الشرق، وخاصة أن هذا التوجه قد أنعش الاقتصاد التركي وجلب عقودًا كثيرة للشركات التركية وأسهم في تشغيل مئات الآلاف من الأيدي التي كانت عاطلة فصارت عاملة، كما لا أتصور أن النخبة في تركيا تخشي من الحديث بصوت عال ومن ثم تبث أوجاعها في السر إلي فريدمان خشية أن يصل الكلام إلي أردوجان فينتقم منهم!..طبعًا التلفيق في هذا الأمر لا يحتاج إلي دليل لأن الأتراك ينعمون بجو ليبرالي ويختارون حكامهم بأنفسهم دون تزوير، وحتي الأحزاب المعارضة هي أحزاب وطنية وليست من ذيول فريدمان حتي تشكو له ضعف قوتها وقلة حيلتها وهوانها علي أردوجان!.كذلك تصويره لاعتقاد أردوجان بأن إسرائيل قد تكون وراء هجمات حزب العمال الكردستاني يوحي بأن إسرائيل دولة مسالمة لا تفعل هذه الأشياء وبأن أردوجان مريض بالشك تجاه الناس الطيبين في إسرائيل!.و أخيراً يحاول الصحفي الموالي لإسرائيل أن يستعدي الرئيس أوباما ضد تركيا ويحاول الإيحاء بأن النخبة التركية تتوقع مثل هذا العقاب. هذا مجرد نموذج من كتابات فريدمان وكلها علي هذه الشاكلة، ومع هذا فالبعض عندنا يتصور الرجل كاتباً صحفياً من طراز رفيع!.