لعل حضور وفد الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة يفتح الأبواب المغلقة لوقف المذبحة التى تجرى بحق شعبنا العربى الفلسطينى فى غزة.. الوفد الذى ترعاه السلطة الفلسطينية، ويضم ممثلى فتح وحماس والجهاد، كان من المفروض أن يكون فى القاهرة منذ بداية القتال، لكن هذا ليس وقت الحساب على ما مضى، بل وقت العمل لإنقاذ الأبرياء ومنع النازيين الصهاينة من الاستمرار فى جريمتهم.
يأتى ممثلو الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة ومعهم الصورة الكاملة للمأساة التى يعيشها أهلنا فى غزة.. رغم الصمود البطولى والمقاومة العنيدة، وما تكبده العدو الإسرائيلى من خسائر، فإن الوضع الذى تعيشه غزة هو الكارثة بعينها.. نحو ألف شهيد منذ إطلاق المبادرة المصرية التى كان من الممكن التعامل معها بشىء من العقلانية، التى توقف شلال الدم وتضع فى الوقت نفسه «التحفظات» لكى يتم تداركها فى أى اتفاق يعقد.
الآن تعرف الفصائل الفلسطينية أن من زايدوا على الدم الفلسطينى لم يفعلوا ذلك لوجه الله، ولا من أجل القضية الفلسطينية، وإنما لحسابات أخرى لا تتعلق بمحاولة تقديم «الإخوان» أو إيجاد دور لقطر وتركيا.. فهذه كلها أدوات فى مخطط يريد إغراق المنطقة العربية كلها فى الفوضى، ويجمع بين الإرهاب الإسرائيلى والإرهاب باسم الإسلام الحنيف، لتنفيذ مخططات أجنبية من ضمنها التصفية الكاملة لقضية فلسطين، ووضع حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فى ذمة التاريخ.
الآن تعرف الفصائل الفلسطينية أن من زايدوا وحرضوا وأشعلوا النيران كانوا -وما زالوا- جزءا من هذا المخطط، الذى تعرف الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطينى كله أن ما قامت به قطر وتركيا لم يكن بعيدا عن المخطط الأمريكى لإغراق المنطقة فى الفوضى، ووضعها تحت سيطرة قوى التطرف سواء من داخل الوطن العربى، أو من القوى الإقليمية الطامعة فى اقتسام النفوذ فى المنطقة، على حساب العرب وفوق جثث الضحايا، الذين يملؤون الساحات العربية من العراق وسوريا إلى ليبيا واليمن إلى فلسطين المنكوبة.
اليوم تدرك الفصائل الفلسطينية «أو لعلها كذلك» أن كل ما سمعته فى الدوحة أو إسطنبول عن أموال ستنهمر ورخاء سيعم وإمارة ستقام فى غزة.. كل ذلك لم يكن إلا فصولا فى مؤامرة قديمة تتجدد دوما لإنهاء القضية الفلسطينية.. ولهذا جاء كيرى وجاءت الدول الكبرى إلى المنطقة، وذهبت قطر وتركيا إلى اجتماع باريس.. لتكون الحصيلة فى النهاية أن الأولوية لأمن إسرائيل، وأن دماء الضحايا من شعبنا العربى الفلسطينى يمكن أن يمحوها بعض الدعم المالى، مقابل أن تبدأ عملية نزع سلاح المقاومة الفلسطينية التى أصبحت الآن هدفا أمريكيا معلنا، مع تصريحات أوباما ووزير خارجيته كيرى، الذى وصف «حماس» ومنظمات المقاومة بأنها منظمات إرهابية!!
و.. ليس هذا وقت الحساب، بل وقت توحيد كل الجهود لوقف شلال الدم الفلسطينى، وبعدها سيكون لكل حادث حديث.