تعرّضت قرية بريميورسكي في مقاطعة روستوف الروسية لقصف بنحو 40 قذيفة أطلقت من الأراضي الأوكرانية. وصرح ممثل قيادة حرس الحدود التابعة لهيئة الأمن الفدرالي في المقاطعة فاسيلي مالاييف أنه ما تزال تُسمع أصوات إطلاق نار في المعبر الحدودي مارينوفكا المجاور للقرية. من جانبه قال ممثل رئاسة الحدود الجنوبية الروسية رايان فاركوشين إن جزء من القذائف التي أطلقت من الأراضي الأوكرانية انفجرت في حقل قريب من الطريق الواصل بين المعبر والقرية. وكان أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي قد أعلن في وقت سابق أن الأراضي الروسية تعرّضت لإطلاق النار من جانب أوكرانيا 9 مرات منذ بداية يونيو الماضي، مضيفا أن عشرات القذائف الأوكرانية انفجرت في روسيا.
من جهة أخرى، نشر مجلس الوزراء الأوكراني مرسوما حول تعيين نائب رئيس الوزراء فلاديمير جرويسمان قائما مؤقتا بأعمال رئيس الوزراء الأوكراني. وقال جرويسمان في جلسة البرلمان الأوكراني إن الحكومة لا تزال تؤدي مهامها بشكل كامل، لاعتقادها أنه من الضروري التصديق على القرارات التي أحالتها إلى البرلمان.
وكان رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك اعلن في جلسة البرلمان الأوكراني الخميس استقالته من منصبه بسبب انفراط عقد الائتلاف في البرلمان ورفضه للمبادرات الحكومية. ووفق القانون يجب ان يصدق البرلمان الأوكراني على استقالة رئيس الوزراء. من جانبه اقترح رئيس البرلمان ألكسندر تورتشينوف على كتلتي "الحرية" و"أودار" اللتين أعلنتا انسحابهما من الائتلاف ترشيح ما يسمى ب "رئيس وزراء تقني". والمعروف أن فلاديمير جرويسمان يترأس اللجنة الأوكرانية للتحقيق في ملابسات تحطم طائرة الركاب الماليزية في شرق أوكرانيا.
من جانبه أكد أندريه ليسينكو المتحدث الرسمي باسم العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الاوكراني في شرق البلاد، أن العسكريين لن يوقفوا العملية بسبب "الأحداث في الحكومة والبرلمان"، وسيواصلونها حتى القضاء على من وصفهم ب "الإرهابيين".
تواصل سلطات كييف إجراءاتها المثيرة للتساؤلات، وخاصة في ما يتعلق باستقالة رئيس الحكومة أرسيني ياتسينيوك، وتفكيك التحالف البرلماني، ما يهدد بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة على خلفية العمليات العسكرية التي تجريها كييف ضد سكان جنوب شرق البلاد.
لقد أعلن رئيس البرلمان الأوكراني ألكسندر تورتشينوف رسميا عن تفكك التحالف البرلماني "الخيار الأوروبي"، بعد الترتيب لخروج حزبي "أودار" و"الحرية" من التحالف، أي خروج 71 نائبا. ووفقا لأقوال رئيس البرلمان فإن 19 نائبا قدموا طلباتهم للانسحاب من التحالف. تورتشينوف أعلن قبلها بساعات عن حل الكتلة الشيوعية في البرلمان تزامنا مع سن قانون يقضي بحظر نشاطات الحزب الشيوعي.
المسرحية وصلت إلى ذروتها بإعلان رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك عن استقالته من منصبه، مشيرا إلى أنه اتخذ هذا القرار بسبب "تفكك الائتلاف النيابي"، وبسبب عدم إقرار عدد من مشروعات القوانين الهامة، من بينها مشروع قانون يسمح لمجلس الوزراء بإعطاء 49% من نظام نقل الغاز الأوكراني للمستثمرين من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي.
إن البرلمان الأوكراني الذي يضم 445 نائبا، يضم تشكيلة متنوعة من الأحزاب والتكتلات. كتلة "حزب الأقاليم" الذي كان يتزعمه الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش. وهي الكتلة التي عانت من استقالات مع بداية الأحداث. فأصبحت الغلبة لليمين الموالي لأوروبا والولاياتالمتحدة حيث قاد البرلمان ثلاث كتل هي، أحزاب "الوطن" و"أودار" و"الحرية". إضافة إلى تنقلات بين 95 نائبا مستقلا، ما خلخل تركيبة البرلمان لصالح ياتسينيوك ومجموعته.
من الواضح أن البرلمان الأوكراني يواجه محنة جديدة على خلفية مباريات الملاكمة بين النواب والعراك بالأيدي داخل قاعات البلرلمان! ولكن الأهم هنا، هو أن هذا البرلمان الذي شكله ياتسينيوك وفريقه من الليبراليين الجدد، لم يعد يتسع لأحلامهم وطموحاتهم. وبالتالي، آن الأوان للتخلص منه بصرف النظر عن اتفاق ذلك مع المعايير الديمقراطية من عدمه. فطالما الغرب، لا يغمض عينيه فقط، بل يدعم ويشجع أيضا، إذن فلا مشاكل على الإطلاق.
مفوض وزارة الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان قنسطنطين دولجوف يرى أن حل كتلة الحزب الشيوعي في البرلمان الأوكراني ومحاولة حظر الحزب، تمثل خطوة جديدة في ابتعاد كييف عن الديمقراطية. والحديث ينسحب أيضا على انتهاك السلطات الأوكرانية لحرية الكلمة والتعددية. إضافة إلى تقييد وسائل الإعلام. هذه الخطوات والإجراءات تبعد النظام الأوكراني كثيرا عن الطريق الديمقراطي. لكن المثير هنا، حسب دولجوف، أن الغرب الذي يحتكر منصب المندوةب السامي لحماية حمى اللحرية والديمقراطية يتظاهر وكأن لا شئ يحدث في أوكرانيا..
واعتبر مراقبون أن ما يحدث في أوكرانيا مثير للتساؤلات، خاصة وأنه يبدو مسرحية هزلية لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد أن عارض البرلمان خطط الليبراليين الجدد بتسليم الاقتصاد الأوكراني للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إضافة إلى تلميحات في الأوساط السياسية الأوكرانية تشير إلى رغبة رئيس الحكومة أرسيني ياتسينيوك في الترشح لرئاسة أوكرانيا في حال عجز الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو عن إدارة البلاد. واعتبر فريق منهم أن الغرب عموما يراهن على ياتسينيوك كرئيس مقبل لأوكرانيا بسبب العداء المفرط لروسيا والولاء الشديد للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.