تنبئ الآية الكريمة عن إن ليلة الله اختص ليلة القدربفضل عظيم وشأن جليل مبينً أن فضلها وخيرها يفوق ألف شهر، حيث يضاعف الله من ثواب الأعمال الصالحة من قيام وذعاء وذكر...
وكانت حكمة الله تقتضي أن تكون ليله القدر غير معلومة وطلب من المسلم أن يوافقها بالعبادة والدعاء والصلاة والذكر لا أن يعلمها، فلو علمها الناس لبطلت حكمتها، ولاكتفى المسلمون بأن يختصوها بالعبادة ويهملون غيرها من ليالي رمضان وليالي العشر الأواخر واللائي وإن كن لا يضاهين فضل ليلة القدر، لكن فضلهن عظيم؛ إذ الليالي العشر الآوخر من شهر رمضان أفضل ليالي العام، وثواب العمل الصالح فيهن أفضل ثواب.
ومراتب الانتفاع بليلة القدر تتفاوت بين كثير من المسلمين، فمنهم من يحافظ على قيام ليلة السابع والعشرين وهو أدناهم مرتبة، ومنهم في يجتهد في الليالي الوترية من العشر الأواخر فيكون أقرب لمقصود الشرع، ومنهم من يجتهد في العشر كلها، فهذا أفضل، ومنهم من يجتهد في النصف الثاني وهو أفضل، ومنهم من يجتهد في كل رمضان وهو أعلى، ومنهم من يراها تدور في العام كله مع كون أكثر وقوعها في عشر رمضان الأخير، فيجتهد في أن يجعل لياليه كلها طاعة لله عز وجل، فهذا هو الذي انتفع بما ورد فيها من خلاف.
وما ورد الخلاف فيها إلا لحكمة تظهر من وجود هذه المراتب.
أما العلامات التي ترجح ليلة القدر، فهي كون الليلة لطيفة الجو، حيث يكون جوها لا حارًّا ولا باردًا، وأن تكون وضيئة مضيئة، وأن تطلع الشمس بعدها غير حادة من غير شعاع، وهناك آثار واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم تؤكد وتدلل على ذلك.