وهي صغيرة كانوا لازم يخوفوها علشان تسكت وعلشان تنام كبرت وهي بتخاف من الحقنة وأوضة الفيران وأبو رجل مسلوخة خايفة تسيب مامتها ومش عايزة تروح المدرسة.. خوفوها بالشحات اللي ماشي في الشارع وهدومه المقطعة وإنها إزاي هتبقا زيه علشان وهو صغير مكانش عايز يروح المدرسة وماسمعش كلام مامته.. نزلت من البيت.. خوفوها من الحرامية اللي بيخطفو الأطفال والعربيات اللي بتمشي بسرعة وتدوس الولاد.. فاتعلمت لأول مرة في حياتها إزاي «تمشي جنب الحيط» «أو جوه الحيط إذا لزم الأمر.. خوفوها من زمايلها الولاد.. أنتي بنت.. تلعبي مع البنات وبس.. بلاش قلة أدب» في الجامعة.. خافت تقول رأيها بصراحة أو تعبر عن اللي حاسة بيه ولو سألتها أنتي ملكيش أي موقف؟؟! تبصلك باستغراب أوي .. خافت ترفض العريس الرذل أبودم تقيل.. عشان ماتبقاش عانس ولما اتجوزته ولقت أن حياتها معاه ما هي إلا استمرار لمسلسل الخوف الأزلي اللي اتربت علية وقفت لأول مرة وقالت أنا عايزة اتطلق بصولها باستغراب أوي وخوفوها من نظرة المجتمع للمطلقة المرأة اللعوب اللي الستات «هيخافو» علي أجوازهم منها.. وانتي لسة ما خلفتيش ليه.. مش «خايفة» الناس تقول عليكي مابتخلفيش ولا «خايفة» جوزك يتجوز عليكي علشان خوفه من كلام الناس.. عزيزتي المصابة بفوبيا الحياة.. اللي كبرتي وانتي لسة خايفة من الضلمة والفيران والولاد والعنوسة والطلاق.. الخوف.. هو تأشيرة الدخول الرسمية والجرين كارد الذي يتخذه أهالينا للدخول فوراً ودون استئذان إلي صميم صميم حياتنا الشخصية تجدهم يحاولون اقتحام وحدتك في أوضتك أو صومعتك.. بل واقتحام الأفكار التي تدور داخل رأسك إذا لزم الأمر ثم يطرشون في وجهك العبارة الأزلية «أصل إحنا بنحبك وخايفين عليك» وللأسف فإن «الخوف» بتاع أهالينا معظمة إن لم يكن كله هو خوف مرضي يقف بينك وبين تحقيق ذاتك يضع إصبعه في وجهك كلما سلكت أو حاولت أن تسلك طريقاً آخر في الحياة مختلف عن الطرق التي وجدنا عليها آباءنا وإنا علي آثارها لسائرون.. أبي وأمي العزيزان جداً خوفكم هو ما سيؤدي بي إلي وضعي في حيز ضيق جداً في الحياة.. لا أخرج منه ولا أري شيئاً إلا بأعينكم أنتم وعقولكم أنتم.. بعد أن تتم برمجة عقلي ليخضع للبرمجة التي غالباً قد تم برمجتكم عليها أنتم أيضاً من قبل سأخرج بخوفكم إلي الحياة وأنا إنسان جبان مهزوز.. ليست لديه ثقة في نفسه أو إمكاناته.. لا يأتي بالجديد الذي خلق ليأتي به إلي هذه الأرض سيصبح مجرد نسخة مستهلكة مكررة صدئة لما وجدنا عليه آباءنا ثم نظل عليه سائرون.