«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب : يصل ويسلم يداً بيد ولا يفتح إلا بمعرفتهم شخصياً
نشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 06 - 2010

المستشار عبدالمجيد محمود: لماذا لا يحاكم المحامون أصحاب شكوى «الليالي» بسبب عدم حضورهم التحقيق في شكواهم؟
ألا يوجد في القانون ما يسمى بإزعاج السلطات؟
الوزير فاروق حسني: بيان جبهة علماء الأزهر فيه قذف وسب يقع تحت طائلة القانون. فلِمَ لا تلجأ للقضاء العادل؟
كونك وزيراً لا يحول دون حقك في التقاضي مثل أي مواطن آخر
السعدني ومحفوظ و الغيطاني وعبد المجيد محمود في سهرة بمقهى إبراهيم نافع
1 الحرية لخيال المصريين :
القرار التاريخي الذي اتخذه النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود. بحفظ التحقيق في البلاغ المقدم ضد «ألف ليلة وليلة». يستحق وقفة ونحن في انتظار قراره الجديد بحفظ التحقيق فيما يخص رواية يوسف زيدان «عزازيل». مفردات اللغة العربية تبدو متعبة ولا تف النائب العام. الذي أثبت بحق أنه نائب الشعب. وليس نائب الحكومة حقوقه في المديح والإطراء والثناء علي ما قام به. فضلاً عن أن الرجل يدرك جيداً دور مصر الثقافي. ولكن هذا الإدراك لا يعني أن قراره له بعد ثقافي. فالبعد القانوني هو الكلمة الأولي والكلمة الأخيرة في القرار.
وقد لا يعرف الكثيرون أن عبدالمجيد محمود كان - ولا يزال - من أكثر الشخصيات العامة اهتماماً بالثقافة وربما كان أصدقاؤه من المثقفين أضعاف أصدقائه من أهل القانون. رأيته في جلسات محمود السعدني وإبراهيم نافع. وجلسنا معاً في رحاب إبراهيم المعلم. وكان من قراء الأدب ومن متابعيه بدقة ودأب وتفهم واستيعاب. ولم يمنعه عن متابعة جلسات المثقفين وعروض السينما والمسرح والذهاب إلي معارض الفن التشكيلي سوي مقتضيات منصبه فقط. الذي يفرض عليه أن تكون بينه وبين المجتمع مسافة ما تمكنه من أن يرسي العدالة في مجتمع مضطرب يسوده العنف وتقوده شريعة الغاب. ولا بد أن يكون معصوب العينين في كل الوقت. أنا سعيد بمصر. لأن في مصر نائب عام للشعب المصري. اسمه عبدالمجيد محمود. وقراره الخاص بألف ليلة وليلة قرار تاريخي بكل معاني الكلمة للتاريخ. من الصعب أن ينسي دور اتحاد الكتاب وندوته المهمة ومحاميه الأديب فاروق عبدالله. ودور جريدة أخبار الأدب ومجلة الثقافة الجديدة والثقافة الجماهيرية.
لكن علينا أن ندرك أننا في حالة هدنة مؤقتة. وأننا لم نصل بعد لنهاية المطاف في هذا الموضوع. ليس من حقي سؤال النائب العام. فهو الذي يسألنا جميعاً. من أجل الحفاظ علي مصالح المجتمع العليا. ولكن لفت نظري في بيانه أن المحامين الذين تقدموا بالشكوي ضد الليالي. لم يحضروا التحقيق الذي أجراه. وأعتقد أنه يجب مساءلتهم. بسبب عدم حضور التحقيق. لأن هذا يعني عدم الجدية في الشكوي التي قدموها. فضلاً عن أن هناك مسألة إزعاج السلطات بلا مبرر. وربما كانت لها عقوبة.
ثم لماذا لا يتحرك الأدباء من خلال اتحاد الكتاب ومحاميه فاروق عبدالله من أجل تحريك دعوي مضادة ضد طلاب الشهرة والباحثين عن أقصر الطرق للكسب السريع؟ إن التقاضي في مصر لا يجب النظر إليه مثل نظرتنا لكل أمور حياتنا. علي أنه من الأمور السهلة. مثل الري بالراحة في الريف المصري. أنا لا أطالب بفرض رسوم جديدة للتقاضي ولكن كل من يعبث بالقضاء المصري. آخر صروح مصر الراهنة. التي يجب أن يحافظ عليها. وأن نبقي لها هيبتها.
لقد كتب طارق الطاهر في «أخبار الأدب» يقول: إن المحامين تسابقوا علي الفضائيات ليتكلموا فيها. في حين تكاسلوا ولم يذهبوا إلي النائب العام. وعلاوة علي مقاضاتهم بسبب هذا السلوك الغريب. يجب أن تكون هناك إدانة مجتمعية لهم. الأكثر من هذا أن نعرف من هم؟ من الذي يقف وراءهم؟ ما الجهة التي حركتهم؟ ماذا كان الهدف من هذه الغارة ضد الخيال المصري ممثلاً في ألف ليلة وليلة؟
2 أين الليالي؟!
كنت أنوي الكتابة معاتباً الوزير الفنان فاروق حسني علي ما قيل من أن الليالي لن تصدر منها طبعات جديدة. وأن الهدف من المواجهة تحقق بصدور الطبعة الثانية وسؤالي للوزير: لماذا لا تتم إعادة طبع الليالي حتي تتشبع الأسواق منها؟ وكانت الطبعة الأولي قد صدرت في سلسلة الذخائر عن الثقافة الجماهيرية. التي يرأس تحريرها الروائي جمال الغيطاني. أيضاً متي نقرأ كتب التراث الأخري الممنوعة لأسباب تتصل بمثلث الممنوعات: السياسة، الجنس، الدين؟ متي نقرأ مثلاً: «هز القحوف في شرح قصيدة أبي شادوف» الممنوع طباعته كاملاً في مصر بسبب بعض الألفاظ الواردة به؟
لكن الجديد الطارئ. يستحق الكتابة أكثر. هذا البيان الصادر من جبهة علماء الأزهر الشريف. وأنا لا أريد نشر هذا البيان حتي لا أحقق له ذيوعاً وانتشاراً. تكفي هذه الأوصاف التي وردت بالبيان. يكفي وصف جابر عصفور بالسفيه. وذكر العمالة الرخيصة. والقول أنه صارت للمواخير سنة بتلك الوزارة. سفهاء الوزير. وصف دعوة جابر بالفاجرة وأنها لا تخرج عن كونها تبرزاً. وأعتذر للقارئ عن نقل بعض هذه الأوصاف وهي قليل من كثير. لكن حق القارئ في أن يعلم يجب أي اعتبارات أخري.
والسؤال هو: هل يمنع المنصب الوزاري وزير الثقافة من اللجوء للقضاء ضد هذا البيان؟ وإن كان هناك مانع. وإن كان هناك مانع ما هو؟ ثم أين اتحاد الكتاب ومحاميه النشط الهمام فاروق عبدالله؟ لماذا لا يلجأ لقضاء مصر العادل ضد هؤلاء؟
3 من يقاضي من ؟!
قال جابر عصفور لنفيسة عبدالفتاح بجريدة الأسبوع إن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد كيان قانوني اسمه: جبهة علماء الأزهر حتي يقاضيه. وأن من كتبوا البيان ليسوا في مصر. وإنما في الكويت. مشيراً إلي أنه علم به من خلال أحد الصحفيين الذي قرأ عليه سطوراً منه.
وما قاله جابر عصفور لا يمنع توجيه السؤال له: ما الذي يحول دون مقاضاة أصحاب مثل هذا البيان الذي خرج من دائرة الرأي إلي دوائر التجريح والإهانة واستخدام كثير من المفردات التي يعاقب عليها القانون؟ إن القضية الأولي: كيف يفعلون هذا وجمعيتهم محلولة؟ وكيف يمارسونه من الكويت؟ والكويت ليست في آخر الدنيا. بلد شقيق قريب منا. أعتقد أنه ليست له مصلحة في أن يستخدم منصة إطلاق الاتهامات لكل الناس بلا حساب.
4 أي جبهة وأى علماء؟!
سؤالي لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب. شيخ الجامع الأزهر. بخصوص هذا الكيان المسمي: جبهة علماء الأزهر. كيف يطلق العنان لأعضاء هذا الكيان يفعلون ما يشاءون ويقذفون الناس بأوصاف يعاقب عليها القانون؟ ربما تصوت العامة في الشارع أن مثل هذه الجبهة تمثل الأزهر وأن لها علاقة ما بالأزهر. باعتبار أنها تحمل اسم الأزهر في النهاية. والمواطن العادي ليس لديه وقت للتحقق من مثل هذه الأمور. ولا فحصها بعناية وروية. لقد صدر هذا البيان صباح الأربعاء الماضي. أي مر عليه اليوم أسبوع كامل. ولم نسمع كلمة واحدة من شيخ الأزهر بخصوصه. أنا لا أطلب من شيخ الأزهر متابعة ما ينشر في الصحف والرد عليها. ولكن هذا أمر بالغ الخطورة. لا يرضي عنه الشيخ أحمد الطيب وأنا أعرفه معرفة شخصية عن قرب. بل ويرفض كل حرف استخدمه في مثل هذا البيان. كل المطلوب أن يقول لنا أن الأزهر لا علاقة له بهذا. وأن اسم الأزهر دُس في سياق يرفضه هو شخصياً.
5 موجودة أم لا وجود لها ؟!
أقول للدكتور علي المصيلحي. وزير التضامن الاجتماعي إن جبهة علماء الأزهر أشهرت برقم 565 لسنة 1967. وكانت قد توقفت في الثمانينيات. ثم عاودت نشاطها. إلي أن حصل شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي علي حكم قضائي بحلها بعد مهاجمتها الشديدة وإصدارها فتاوي علي غير ما يراه الأزهر. خاصة بعد زيارة الحاخام اليهودي للقاهرة. حيث حصل شيخ الأزهر علي حكم نهائي بحلها عام 1999. وقد عادت الجبهة - بحسب جريدة الأسبوع - إلي نشاطها من الكويت معلنة عن مواقفها وبياناتها علي موقعها الإلكتروني. وأمينها العام حاليا الدكتور سعيد أبو الفتوح. ويرأسها الدكتور العجمي دمنهوري خليفة. أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر.
السؤال الأول للدكتور علي المصيلحي: هل أصبحت مصر سداح مداح؟ يفعل فيها أي إنسان ما يريد. وبالطريقة التي يرغب بها؟ وهل يمكن قذف مصر من خارجها بالشتائم والأهوال مثلما نجد في هذا البيان؟ لماذا لا يخرج علينا الدكتور علي المصيلحي لكي يقول إنه لا توجد جمعية تحمل هذا الاسم ضمن الجمعيات التي ترعاها وتتولاها وزارته؟ وأن بمجرد ذكر كلمة جبهة علماء الأزهر تضليل لغوي يستحق المساءلة.
6 إنسان جميل ومحافظ أجمل:
عندما كتبت الأسبوع الماضي عن بعض المظاهر السلبية التي تصاحب جولات الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة. لم يكن هدفي سوي تنبيه المحافظ لبعض هذه المظاهر. وقد بدأت كلامي بالتأكيد علي نبله ونظافة يده. وعمله الذي يستغرق كل وقته ليس في مكتبه ولكن في كل مكان من القاهرة. لقد كنت صادقاً فيما كتبته. نقلاً عن الناس. لكن تألمت بلا حدود من عياب المحافظ الإنساني لي. خاصة توقفه عن عبارة فلتت مني في ذروة انفعالي. إن الله لن يقبل صلاة المحافظ إن كانت قد تسببت في أذية الناس البسطاء. ومثلما كانت لديَّ شجاعة الكتابة نقلاً عن الناس فعندي أيضاً - وبنفسي أتصور - أن أعتذر للإنسان الجميل الرائع عبدالعظيم وزير. ولديَّ ثقة أن الرجل يدرك أن الهدف العام هو الذي حكم الكتابة. وليست هناك أي أمور شخصية بيني وبينه. إلا كل الود والمحبة. والمتابعة لكل ما يقوم به. من جهود جبارة لم يسبق إليه أحد. أطلب من الصديق أن يفرق بين الثوابت والمتغيرات.
7 تاريخك الغنائي يا مصر :
ليلة جميلة في هذا الزمان الصعيب والصعب قضيناها في الصالون الثقافي للدكتور أحمد العزبي لتكريم الإنسان الجميل النادر محمد الخولي بمناسبة حصوله علي جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في الترجمة. ومحمد الخولي يستحق الاحتفال به والاحتفاء بمنجزه. سواء حصل علي هذه الجائزة أو لم يحصل عليها. فهو تجربة إنسانية فريدة تمشي علي قدمين. ربما كان من القلائل الذين أجدني أقرب إلي صمتي الخاص إذا ما تحدث. فهو آخر الأدباء المتكلمين.
أحن لصمتي عندما يتكلم محمد الخولي كما كنت أحن لنفس الصمت في حضور عبدالرحمن الخميسي. ومحمود السعدني. وكامل زهيري. بل إن محمد الخولي يتفوق عليهم بمعارفه وعلمه بالغناء المصري الخالص والمدرسة المصرية في ترتيل القرآن الكريم. فضلاً عن ذكرياته المهمة. بل ربما الخطيرة عن فترة عمله الإعلامية مع خالد الذكر جمال عبدالناصر. في فترة المد القومي لمصر عربياً وأفريقياً وآسيويا. بل وفي أمريكا اللاتينية. وعندما يتكلم محمد الخولي تشتعل الكلمات من بعضها. ولا يستطيع أن يوقفه أحد.
حصل الخولي علي جائزة الملك عبدالله عن ترجمته لكتاب عن نهاية العولمة وإعادة اختراع العالم. وهو كتاب نشره محمد رشاد عن الدار المصرية اللبنانية. ورغم أنه يباع ب 90 جنيهاً إلا أنه من الكتب الرائجة. علي فكرة محمد الخولي لم يعطني نسخة ولكن محمد رشاد أرسلها لي بمجرد صدوره. والنسخة الوحيدة التي أهداها الخولي في الصالون كانت للدكتور أحمد العزبي. لدرجة أنه نسي أن يهدي نسخة للدكتور أحمد زكي بدر. وزير التربية والتعليم. والذي حافظ علي حضوره في الصالون رغم مقعد الوزير. بل يأتي لمنزل أحمد العزبي وهو يقود سيارته بنفسه. وعموماً أنا أري الدكتور أحمد زكي بدر في هذا الصالون بصورة مغايرة تماماً. للصورة التي تتناقلها عنه الصحف بما في ذلك جريدة الدستور التي أكتب فيها هذا الكلام.
لم يكن الخولي هو الفائز الوحيد. بل كان هناك الدكتور صابر عرب الذي سافر للحصول علي جائزة مقدمة لهيئة الكتاب. وهي الجائزة التي خصصها صابر عرب لمشروعات الترجمة في هيئة الكتاب. أيضاً كان هناك من مصر أيضاً. الدكتور عصام الجمل والدكتور شريف الوتيدي. وهما من نوابغ الأطباء المصريين. يعملان في السعودية. وقد حصلا علي الجائزة عن ترجمة كتاب علمي نادر عن جراحة الأعصاب.
ومحمد الخولي حكاء نادر المثال. ورغم حلاوة حديثه. يتوقف أمام ثلاث ملاحظات الأولي: أن في المملكة العربية السعودية جيلاً جديداً في فن الإدارة والتنظيم. أكثر من مبهر. بل ويصل إلي حدود الإعجاز. وأن هذه المدرسة السعودية. تهتم بالتفاصيل الصغيرة. ليس باعتبار أن الشيطان يسكن في التفاصيل. ولكن لأننا هنا في مصر أهملنا هذه التفاصيل لحدود الجريمة والخيانة في حق مصر علينا. الملحوظة الثانية: أن الدكتورة إنعام بَيّوض المثقفة العربية ومديرة معهد الترجمة الذي أقامته جامعة الدول العربية في الجزائر. وكل علاقة الخولي بهذا المعهد أنه ألقي بعض المحاضرات به. كانت أنعام حريصة علي الوجود في باريس لحضور المناسبة. وإنعام بَيّوض لمن لا يعرف، مثقفة عربية وروائية عربية لها رواية فريدة وجميلة عنوانها: السمك لا يبالي. أهدتها لي عندما قابلتها في القاهرة مؤخراً بمبادرة كريمة من محمد الخولي.
الملحوظة الثالثة تصب في خندق الوجع المصري. الذي يطاردنا حتي آخر مكان علي الأرض. ذلك أنه مع تكريم أربعة من المصريين. وحصولهم علي جوائز سعودية في مقر منظمة اليونسكو بباريس. لم تتحرك السفارة المصرية. ولا سفيرنا هناك. السفير الصديق ناصر كامل. ولا الملحق الثقافي في السفارة. ولم يتحرك مندوب مصر الدائم وممثلها في اليونسكو.
لا بد وأن يصيبك الذهول من هذا الموقف الغريب وغير المفهوم. حتي بالنسبة لي باعتباري أعرف هذه الأطراف بصفة شخصية. سألت نفسي: هل هناك موقف مصري فا باريس من اليونسكو بعد ما جري في الانتخابات الأخيرة؟ ولو كانت هناك مقاطعة مصرية مع فرض وجودها. هل ننفذ هذه المقاطعة عند حصول مصر علي هذه الجوائز مرة واحدة؟ أم أن في الأمر حالة من الغيرة مما تحرزه المملكة العربية السعودية من تقدم تكاسلنا عن محاولة إحرازه؟ ولو كانت هذه الغيرة موجودة لاعتبرتها غيرة من أجل الوطن. وإن كنت أميل للقول إن الأمر إهمال في إهمال في إهمال. وهذا ما نمارسه مصرياً داخل مصر ونتقبله. لكن للأسف امتد لخارجها ولا يجب أن نقبله مهما كانت المبررات.
8 حمدان وعاصمة مصر البديلة:
قال لي المهندس حسب الله الكفراوي تعليقاً علي ما قلته عن جمال حمدان: أولاً بشأن إنشاء عاصمة جديدة لمصر. كان ذلك في أواخر حكم وحياة الرئيس أنور السادات. وقد تم اختيار مدينة السادات لتكون مقراً للحكومة باستثناء الوزارات السيادية التي تبقي في القاهرة، وهي: الحربية. الداخلية. الخارجية. الإعلام. العدل. المالية. ويصبح لمصر عاصمة إدارية وعاصمة سياسية. وكان تخطيطي أن تتصل مدينة السادات بالصعيد عن طريق ينشأ لهذا الغرض. ثم سألني: ماذا كان موقف جمال حمدان من الفكرة؟ قلت له كان ضدها. وقد ذهب إلي أحمد بهاء الدين في الأهرام وسلمه مقالا لرفض الفكرة من أولها إلي آخرها. مازلت أذكر من هذا المقال حتي الآن. تساؤل حمدان. وماذا سنفعل بالأهرامات ونهر النيل وباب النصر. ونشيد بلادي بلادي. وحي الجمالية.
قال لي المهندس حسب الله الكفراوي: إن المشروع اغتيل مع اغتيال الرئيس السادات وكأنه لم يكن. قال لي إنك تكلمت عن إنسان كان ضد جمال حمدان ولم تصرح. قلت له علي الفور كانت هناك مشكلة بينه وبين الدكتور صبحي عبدالحكيم. ومشكلة أخري مختلفة تماماً. مع الدكتور صفي الدين أبو العز. وكان جمال حمدان يشعر أن صبحي عبدالحكيم له موقف ضده علي طول الخط. أما بالنسبة لصفي الدين أبو العز فلم يكن له دور في المشكلة التي أدت إلي ترك جمال حمدان الجامعة في استقالته الشهيرة والمشهورة. ذلك أن قرار الترقية شملهما معاً. وكانت المشكلة وجود اسم صفي الدين قبل اسم جمال حمدان مما دفعه إلي الاستقالة.
قال لي حسب الله الكفراوي: إن جمال حمدان يشكل صفحة بيضاء في تاريخ الفكر الجغرافي لمصر والوطن العربي والعالم. في حين أن غيره من خصومه لم يبق منهم شئ.
9 عطر الأحباب:
أحمد كمالي صاحب ومؤسس ورئيس تحرير مجلس أيام مصرية قال لي إنني قلت أن مكرم عبيد هو الذي نحت تعبير الدين لله والوطن للجميع. وهذه معلومة غير صحيحة. لأن ريتشارد ميتشيل في كتابه المهم عن الإخوان المسلمين كتب أن جمال عبدالناصر أول من استخدم هذا التعبير لضرب الجماعة. ثم أن التعبير قديم. فقد سمعناه في فيلم سينمائي عن صلاح الدين الأيوبي وأيضاً ورد في تناول المخرج حسن الإمام لوقائع ثورة 1919 ثم أنه يذكر بالحرف في الحلقات الأولي في مسلسل رأفت الهجان. الذي كتبه صالح مرسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.