مع الاعتذار لأصحاب السوابق الغلابة فإن الأستاذ نظام الحكم القائم حالياً (إلي متي سيبقي حالياً وقائماً علي قلوبنا؟!) صار وكأنه سكن واستقر تماما في الصورة النمطية للأستاذ المجرم معتاد الإجرام الذي أدمن ارتكاب الفواحش دون تفكير كثير أو قليل لا في العواقب ولا حتي في الأسباب، فالجريمة عنده من أجل الجريمة فحسب، يقترفها بسهولة وتلقائية، معتمداً فقط علي قوة العادة ونزوع شاذ وشبه غريزي نحو الانحراف والإيذاء المجاني المنزه (أحياناً) عن أي غرض أو غاية أو مكسب اللهم إلا التمتع بلذة البلطجة!! هذا الصنف من المجرمين شائه ومشوه النفس والضمير ومريض بالشر وسوء السلوك، وغالباً ما يستفحل شذوذه وتتفاقم حالته مع تراكم الزمن عليه دون علاج أو تأهيل أو ردع، فيصير شيطاناً أزرق يتمادي في غيه وتزداد عربداته وشروره يوماً بعد يوم وساعة بعد أخري. والحقيقة أن هناك حزمة ضخمة ومتشابكة من الأسباب التي تقف وراء تأخر «الحالة الجنائية» لنظامنا، وربما لا أبالغ لو قلت إن من أبرزها الآن تلك الثقة العمياء التي بات أهل الحكم يمنحونها للدكتور مفيد شهاب كمحامٍ مستعد دائماً للترافع عن الحكومة في أي مصيبة سوداء وأمام أي محفل في الداخل أو في الخارج متوسلاً بزرابة لسانه ومعسول كلامه وقدرته وبراعته غير المنكورتين، فضلاً عن شجاعته الفائقة في التصدي لإجراء أخطر العمليات الجراحية وأكثرها دقة وحرجاً من أجل تغيير جنس «الحق» وتحويله إلي «باطل» أو العكس. لقد رأينا وتابعنا (بمزيج من الإعجاب والدهشة) الدكتور مفيد شهاب وهو ينفذ في السنوات الأخيرة عدداً لا يحصي من هذه العمليات لصالح حكومة سيادته التي أضحت مطمئنة ومؤمنة إيماناً مطلقاً بأن الدكتور المحامي قادر بعون الله، علي إخراجها من أي قضية كما الشعرة التي في العجينة حتي وهي معترفة أو ضبطت متلبسة بارتكاب الجرم المشهود. أما آخر تلك العمليات فحدثت الأسبوع الماضي عندما ذهب الدكتور إلي مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، حيث ترافع هناك مدافعاً عن قرار الرئيس مبارك بتمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين جديدين، محولاً هذا التمديد إلي ميزة و«خطوة للأمام في مسيرة دعم حقوق الإنسان»!!، وتذرع بأن حكومة سيادته تعهدت بقصر تطبيق أحكام الطوارئ علي «مواجهة أخطارالإرهاب والمخدرات و«بدأت» مراجعة أوضاع المعتقلين الذين تم الإفراج عن 453 منهم في أوائل الشهر الحالي».. غير أن الدكتور النابه بسبب كثرة مشاغله وانشغال باله علي مصر سكت وصمت بالمرة عن ذكر حقيقة أن هؤلاء المفرج عنهم جميعاً معتقلون جنائيون وأن نسبة لا بأس بها منهم تجار مخدرات!! ورفض الدكتور باسم حكومته تنفيذ ثلاث توصيات أصدرها المجلس تتعلق كلها بالتوقيع علي البروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاقية الدولية لمنع وتجريم التعذيب بحجة أن هذه التوصيات «تتعارض مع قوانينا الوطنية» التي لابد أنها تقنن التعذيب وتشرعنه وتحمي ممارسته باعتباره حقاً ثابتاً وأصيلاً من حقوق الإنسان المصري!! طبعاً أنا واثق ومتأكد أن المخبرين التافهين النكرتين العاملين بقسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية واللذين قتلا بوحشية ودم بارد الشاب خالد سعيد الأسبوع الماضي، لا يعرفان الدكتور مفيد شهاب وربما لم يسمعا باسم سيادته قط، لكنهما بحكم التربية والتعليم والتدريب المستمر عرفا بأمر تلك «القوانين الوطنية» جداً التي تتعارض مع حظر التعذيب، وقد نفذاها مع «خالد» بحذافيرها وكما جاء في «كتاب الإجرام» حرفياً.