منذ عدة سنوات شهد أهالي الإسكندرية جريمة في غاية البشاعة ارتكبها ضابط شرطة وعدد من الأمناء والمخبرين ضد شاب صغير لم يفعل أي شيء سوي السير علي الكورنيش برفقة اثنين من أصدقائه في منطقة استانلي. استوقفه الضابط وسأله عن تحقيق الشخصية وعن سبب وجوده في هذه المنطقة!! وحين شعر باستياء الشاب من هذه الأسئلة الغبية وجه له سيلاً من البذاءات، وبدأ السادة المخبرون والأمناء في توجيه سيل آخر من الاعتداء البدني للشاب وصديقيه، ولما حاول الشاب الدفاع عن نفسه وعن كرامته قام السيد الضابط بإطلاق الرصاص عليه وأرداه قتيلاً أمام صديقيه وأمام كل المارة الذين شاهدوا هذه الجريمة في حينها. وفي ثوان معدودة بادر أحد السادة أمناء الشرطة بإحضار زجاجة خمر من إحدي السيارات وقام بسكب محتوياتها في فم الشاب القتيل حتي يصير من السهل اتهامه بالسكر والعربدة والاعتداء علي السلطات وهو مخمور وغائب عن الوعي!! هذه الدرجة من الكفر والوحشية لا يتورع أحد من أفراد الشرطة المصرية عن الوصول إليها لتمرير أي نوع من الجرائم الرهيبة التي يرتكبها الضباط والمخبرون والأمناء والمرشدون بغباء ووحشية وعشوائية ضد أي مواطن لأي سبب أو دون سبب. يري رجال الشرطة أن تلفيق الأدلة والهروب من جرائمهم هو نوع من المهارة المشروعة والمطلوبة والضرورية قتل شخص يعمل في هذا الجهاز، وتقول قيادات الشرطة إن الضابط الذي يتورط في قضية حقيقية مكتملة الأركان هو ضابط غبي لم ينل من العلم والخبرة ما يسمح له بالقتل والتعذيب والإرهاب تحت غطاء القانون! وزارة الداخلية تمتلك كل المستندات التي يمكن تلفيقها ضد أي مواطن، وما أن يتم ارتكاب جريمة من ضابط أو أمين أو مخبر ضد أحد المواطنين حتي يقوم زملاء المجرم بتزوير الأوراق وتلفيق الأدلة وتحويل المجني عليه إلي «مسجل خطر» من أعلي الفئات، ويسجلون له في ثوان معدودة صحيفة سوابق حافلة بقضايا المخدرات والسرقة والنصب وربما القتل أيضاً، فضلاً عن جريمة جديدة هي مقاومة السلطات إن كان الضحية قد حاول الرد عليهم أو منعهم من الاعتداء عليه! هذه المرة قام السيد ضابط مباحث أحد أقسام شرطة الإسكندرية بقتل شاب صغير لأن هذا الشاب شعر بالامتعاض من اعتداء الضابط ومساعديه علي أحد المقاهي، وبعد ارتكاب الجريمة قام الضابط والمخبرون بإلقاء جثة الشاب القتيل بالقرب من مكان الجريمة وذهبوا بعد ذلك إلي قسم الشرطة وقاموا بتلفيق صحيفة سوابق للضحية قالوا فيها - بعد يومين من الحادث - إن الشاب كان يحمل لفافة من البانجو وإنه اضطر لابتلاعها حتي لا يتعرض للعقاب حال القبض عليه متلبساً بحيازته، وإن هذه اللفافة هي السبب في وفاته!! وأضاف التقرير المعلن من وزارة الداخلية معلومات أخري تقول: إن الشاب القتيل تاجر مخدرات من فريق الأشبال تحت سن 20 سنة بإحدي عصابات الإسكندرية!!!! ماذا يفعل الناس لمواجهة هذا الإجرام المنهجي الذي تمارسه الشرطة ضد أي شخص تضعه الأقدار في طريقها؟ هل مطلوب منا أن نحمل السلاح ونتكاتف ونخوض حرباً أهلية ضد قوات الأمن؟ هل مطلوب منا المشاركة في عصابات تتولي اغتيال المجرمين والقتلة من الضباط والأمناء والمخبرين مثلما كان يحدث في الوجه القبلي منذ سنوات؟ هل مطلوب منا أن نعلن ثورة مسلحة عاتية ضد الدولة وضد نظام الحكم حتي نسترد كرامتنا أو نموت دونها؟ أم أن المطلوب والصحيح والمثالي هو الصمت التام وتسليم قفانا وكرامتنا إلي أي شخص يمثل الحكومة ليفعل بنا وبها ما يشاء وفق الصلاحيات التي يمنحها له قانون الطوارئ ودستور الحزب الوطني وعقد الإذعان والاستعباد الذي وقعه المصريون مع نظامهم السياسي؟ إلي متي يلتزم الناس بالقانون والنظام العام في مواجهة إجرام بلا عقل وبلا قلب وبلا حدود يمارسه ضدهم وحوش في غاية القسوة والغباء دون أدني اعتبار للقوانين أو الأعراف أو الدين أو الأخلاق؟ لا أحد في مصر يعلم توقيت نفاد صبر هذا الشعب واضطراره للخروج عن طاعة جلاديه، ولا أحد يعلم عواقب مثل هذا الخروج الجماعي عن طاعة حاكم ظالم، ولكننا نعلم من سوابق التايخ في مصر وغيرها أن هؤلاء المجرمين الذين ينتسبون لجهاز الشرطة أو أي جهاز قمعي سيادي آخر يفرون كالجرذان أمام أي جماعة ثائرة من ضحاياهم. وفي حادث قتل شاب سائق «توك توك» منذ عدة أشهر في الإسكندرية أيضاً هرب ضابط الشرطة المسئول عن الحادث وظل يختبئ في أحد المنازل لساعات طويلة إلي أن قام الأهالي الحكماء بتهريبه كالنساء من الأزقة والشوارع الخلفية لإبعاده عن أيدي المطالبين بالثأر، ويوم ينضم الحكماء إلي الثائرين لن يتمكن ضابط أو مسئول من الهروب، ولن يجد المجرمون من يساعدهم علي الفرار من عاقبة وحشيتهم وغبائهم. لا تستهينوا بالناس، فهم قادرون علي الإطاحة بكم لو ظللتم سادرين في جرائمكم وانتهاككم للقانون، وإن كان المصريون لا يفهمون حتي الآن في شأن العمل الجماعي، فإن جرائمكم سوف تتكفل بتوحيدهم وغضبهم العارم سوف يتغلب ذات يوم علي سلبيتهم. ضباط الشرطة الوحشيون المجرمون لا يردعهم قانون ولا يخشي بعضهم بأس رؤسائهم، ففي كثير من الأحيان تحاول بعض العناصر المحترمة من مفتشي وزارة الداخلية وقف المهازل التي يرتكبها الضباط وأعوانهم، ويقوم هؤلاء المفتشون بين الحين والآخر بحملات مفاجئة في شتي مديريات الأمن، لكنهم وللأسف لا يتوصلون للحقائق، حيث يتم إخفاء المحتجزين دون ورق في سراديب وأماكن لا يتمكن مفتش الداخلية من الوصول إليها، كما يتم أيضاً إخفاء المخدرات والأسلحة البيضاء التي يحتفظ بها ضباط المباحث في مكاتبهم لتلفيق القضايا ضد المواطنين، وإن كان مفتش الداخلية لا يعرف هذه الأساليب فإنه في أغلب الأحوال يفشل في العثور علي أدلة إدانة الضباط الخارجين علي القانون، وهذه الأمور يعلمها كل الناس، ونسمعها بأذننا من رجال الشرطة أنفسهم، ومن إخواننا الزبائن الدائمين في الأقسام ومديريات الأمن. وفي زمن مضي كان وزراء الداخلية - مثل أحمد رشدي - يذهبون بأنفسهم للتفتيش المفاجئ علي الأقسام، ولم تكن الجولة تنتهي دون الإطاحة بلفيف من الضباط الذين حولتهم السلطة إلي بلطجية ومجرمين، وهذا النوع من البشر مريض وجبان ولا يتوقف عن الإجرام إلا لو كان ضحاياه قادرين علي التعامل معه بنفس طريقته!