اعترف وفد مصر الرسمي أمام ممثلي دول العالم في جلسة المراجعة الدورية الثانية لملف مصر أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف بوجود أخطاء في تعامل الحكومة المصرية مع بعض قضايا حقوق الإنسان، معلناً الوفد الرسمي موافقة الحكومة علي 21 توصية من إجمالي ال 25 توصية التي أرجأت البت فيها في فبراير الماضي، بحيث يبلغ عدد التوصية التي التزمت الحكومة بتنفيذها 140 توصية في حين رفضت أربع توصيات. وقد شهدت جلسة المراجعة الدورية انتقادات حادة من عدد من الدول الأجنبية والمنظمات الدولية أبرزها منظمة العمل الدولية، حيث انتقد ممثل الولاياتالمتحدة قيام الحكومة بتزوير انتخابات الشوري، مؤكدة أسفها بسبب استمرار الحكومة في تطبيق قانون الطوارئ علي المدونين والسياسيين، فيما انتقد السفير البريطاني مد العمل بالطوارئ، وطالب بتعديل قانون العقوبات لضمان حرية الرأي والتعبير للصحفيين والمدونين، داعياً إلي ضرورة أن تقوم الحكومة بتعزيز التسامح الديني وحماية حقوق الأقليات الدينية وإصدار قانون بناء لدور العبادة. وقال ممثل بريطانيا في المجلس الدولي نتطلع لانتخابات حرة ونزيهة وندعو اللجنة العليا للانتخابات لإظهار فاعليتها، وندعو مصر للتصديق علي بروتوكول مناهظة التعذيب. اللافت للنظر أن قائمة الدول التي أشادت بدور مصر في تعزيز حقوق الإنسان كانت قطر والإمارات والبحرين وإندونيسيا. وقال الدكتور «مفيد شهاب» وزير الشئون القانونية والبرلمانية ورئيس الوفد الحكومي أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان إن الحكومة المصرية وافقت علي 21 توصية من ال 25 توصية التي أرجأت البت فيها بعد أن عقدت جلستين تشاوريتين مع المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وهي التوصيات الخاصة بالحريات الدينة وحرية الرأي والتعبير وحالة الطوارئ ومراجعة وسحب التحفظات، وتعزيز التعاون مع نظام الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان. وزعم «شهاب» أن من الأسباب التي دعت مصر إلي رفض بعض التوصيات سببها «الصياغة الخاصة» بها «هذه الصياغة كانت أحد أهم الأسباب التي جعلتنا نرفض بعض التوصيات رغم قبولنا لها من حيث المبدأ»، مضيفاً أن بعض تلك التوصيات تفرض علي مصر الانضمام إلي خمس أو ست اتفاقيات في حالة قبولها، دون أن تقوم مصر بدراسة أحكام ونصوص هذه الاتفاقيات ومدي انطباقها علي الظروف الداخلية لمصر، مؤكداً «شهاب» رفض مصر للتوصيات التي تتنافي مع النظم الوطنية مثل دراسة إلغاء عقوبة الإعدام وفقاً للبروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية. وأضاف رئيس الوفد الحكومي أن مصر قامت بعدد من الخطوات لتحسين حالة حقوق الإنسان، حيث تم قصر تطبيق حالة الطوارئ علي حالات مواجهة أخطار الإرهاب وتمويل وجلب وتصدير المخدرات والاتجار فيها مع تقليص الصلاحيات التي يجوز للأجهزة الأمنية اتخاذها عند مواجهة هذه الأخطار، وإخضاع الأجهزة الأمنية لرقابة السلطة القضائية. وتابع «مفيد شهاب» أن هذه الخطوات دفعت الحكومة لإعادة تقييم أوضاع المعتقلين، حيث تم الإفراج عن «453» معتقلاً في أوائل شهر يونيو الجاري، مشيراً إلي أن الحكومة أصدرت قانوناً لمكافحة الاتجار بالبشر، وانتهت إلي إعداد قانون جديد لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ستطرحه علي البرلمان قريباً. وقال السفير «وائل أبوالمجد» مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان إن المراجعة الدورية لأوضاع حقوق الإنسان هي بداية الطريق لتنفيذ مصر لتوصياتها، موضحاً أنه لأول مرة تستقبل مصر ثلاثة من المقررين الخاصين في مجالات حقوق الإنسان، وأنها ستستقبل في الأيام المقبلة مقرر الأممالمتحدة الخاص بحقوق الأطفال، علي أن «أبوالمجد» زعم أن هذه الإجراءات تؤكد أن مصر منفتحة علي العالم!!. وأعرب ممثلو ملتقي منظمات حقوق الإنسان المستقلة عن قلقهم الشديد من عدم تنفيذ الحكومة للتوصيات، حيث أشارت «روضة أحمد» الناشطة الحقوقية وممثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالشراكة مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في كلمتها أمام المجلس الدولي إلي أن الحكومة مستمرة في استخدام قانون الطوارئ ضد المدونين وملاحقة أنشطتهم الإلكترونية واعتقالهم ضاربة المثال بحالة المدون «مسعد أبوفجر» وعدم تنفيذ الحكومة لوعدها بالإفراج عن المدونين وفق التعديلات الأخيرة لقانون الطوارئ، مضيفة أن الحكومة لم تنفذ وعد الرئيس بإلغاء الحبس في قضايا النشر وأنها مستمرة في ملاحقة الصحفيين والكتاب، وأعربت «روضة أحمد» عن قلق المنظمات الحقوقية من قيام الحكومة بتزوير انتخابات الشوري في الأيام الماضية لصالح الحزب الحاكم. وأكد «حسام بهجت» مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أمام المجلس الدولي أن الحكومة مستمرة في تعذيب المعتقلين والسجناء في السجون وأقسام الشرطة، وأنها ترفض حتي الآن الموافقة علي زيادة المقرر الخاص للسجون، منتقداً بشدة مد الحكومة لقانون الطوارئ واستخدام القمع ضد متظاهري 6 أبريل. في حين طالبت «رحمة رفعت» ممثل دار الخدمات النقابية والعمالية الحكومة بالتوقف عن حرمان العمال من حق التعددية النقابية، مشيرة إلي أن الحكومة تخالف تعهداتها أمام منظمة العمل الدولية بضمان تكوين التنظيمات النقابية للعمال، فيما أكد «أحمد سميح» مدير مركز أندلس لدراسات التسامح استمرار الحكومة في قمع حرية المعتقد والتمييز ضد الأقباط والبهائيين.. وفي نهاية الجلسة علق الدكتور «مفيد شهاب» علي مداخلات ممثلي المنظمات الحقوقية بقوله: نعترف بوجود تقصير وأخطاء ونعمل علي تلافيها ونحترم نقد المنظمات الحقوقية لكننا نسعي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان معاً، وسوف ننشئ آلية من المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني لمتابعة تنفيذ مصر لتعهداتها أمام المجلس الدولي.