في فيلم تسجيلي عن الأسد، بثته إحدي القنوات المتخصصة عن الحيوانات رأيت حكمة الله المطبقة في عالم السياسة المصري، وهو نظام سياسي يسير في حكمه بغير استراتيجيات مستقبلية. الفيلم يقول إن الأسد له محيط كبير في المنطقة التي يسيطر عليها، وتعرف بقية الحيوانات حدود تلك المنطقة من الرائحة الكيماوية الناتجة من إفرازات الأسد البيولوجية ولنفاذ الرائحة تعرف الحيوانات أن تلك المنطقة محظور الدخول فيها وإلا يفترسه الأسد، وعندما يعجز الأسد ويكبر في السن، تقل إفرازاته الكيماوية نتيجة مرضه، وبالتالي لا تشتم بقية الحيوانات الرائحة النفاذة، وتدخل منطقة الأسد، تلعب وتلهو وتقاسم الأسد في قوته، ويظل الوضع هكذا حتي يموت الأسد العجوز، ويتسلم الحكم علي المنطقة أسد شاب قوي ويبدأ الحاكم الجديد في المنطقة بإفرازات أخري ذات رائحة نفاذة ليعلن للجميع توليه السلطة، وأول ما يفعله الحاكم الجديد، هو قتل جميع الأشبال الصغيرة الناتجة من تزاوج الأسد المريض - الحاكم السابق - لطبيعة إلهية. لأن الحاكم يعرف أن هذه الأشبال ورثت الضعف من الأسد الفائت. وبعد قتل جميع الأشبال الصغيرة ذات جينات الضعف يعاشر الحاكم القوي اللبؤة، لينتج جيل جديد من الأشبال ذات جينات القوة المستمدة من الحاكم القوي، إلي هنا ينتهي الفيلم العبقري الدال علي الحكمة الإلهية التي تمثلت في حيوان حاكم قوي كالأسد في كيفية إدارة حكمه وعرشه، تري ما وجه الشبه ما بين ذلك الفيلم التسجيلي والحكم في مصر؟ أري أن التشابه قد يكون متطابقًا عندما يشيخ النظام الحاكم، تبدأ حركات التعدي علي الحدود وتبدأ الدول الصغيرة المتمثلة في الحيوانات الصغيرة تلعب وتلهو وتأخذ من قوت الدولة العجوز، لذلك نكرر أن مسألة النيل التي يتخبط فيها النظام الآن لن تحل مع هذا النظام العجوز، الفاقد الهيبة والاحترام من دول صغيرة، كانت في الماضي تعتبر أن القاهرة هي قبلتهم نحو الاستقلال والقوة. تصريح رئيس كينيا الذي أخذ مساحة صغيرة في صحف الحكومة بأن والده كان صديقًا للرئيس عبدالناصر له دلالة كبري، إخواننا في الصحف الحكومية المتوفاة برؤسائها لم يفهموا التصريح، وسأزيد عليه حكاية أخري وهي حكاية كيفية تهريب عائلة ساركوزي - رئيس فرنسا الحالي من المجر -. تمت عن طريق المخابرات الأمريكية ولم يهملوا تلك العائلة، بل إن الاتصال كان قائمًا بينهم حتي وصل ساركوزي إلي الحكم وهو مدين بحياته إلي الأمريكان، وكان أول شيء فعله في سياسته هو عودة العلاقات الطبيعية والجيدة مع الأمريكان، وبذلك اكتسبت أمريكا حليفًا جديدًا لها بعد عدد من المناوشات بين الرئيس السابق شيراك والإدارة الأمريكية، هذا هو فكر الإمبراطوريات الكبيرة، لا يهملون مواطنا أيًا كان في أي بلد من بلدان العالم كان علي اتصال بهم، لأنهم يضمنون حليفًا لهم، ماذا فعلنا نحن بصداقة رئيس كينيا السابق للرئيس جمال عبدالناصر؟ لا شيء سوي الإهمال الطويل الممتد إلي ثلاثين عامًا جعلنا في ورطة لا نعرف حلها، ولن تحل مهما قيل من كلام معسول من رجال النظام يضحكون به علي أنفسهم قبل أن يضحكوا به علي الشعب المسكين المغلوب علي أمره الذي ينتظر كارثة خلال سبعة أعوام في المياه. لقد وصلنا أيها السادة إلي أن نرسل سفراء إلي هذه الدول من المغضوب عليهم والضالين وممن لا يملكون وسائط ليكونوا سفراء لنا في المد الاستراتيجي لدولة مصر الأمر الذي وصل إلي أن أحد السفراء في إحدي الدول الأفريقية كان يربي في بيته دجاجًا وأرانب كي يأكل منها، وتخيل أنت أن تدخل بيت سفير مصري وتجد عنده عشش فراخ يربي فيها ويأكل من بيضها، وما أقوله ليس نكتة بل حقيقة وأسألوا فيها، وعندما يقوم أحد بيوت الأزياء المصرية بعمل عرض أزياء داخل بيت السفير المصري في باريس والبيت كان أحد قصور الملك فاروق، فتلك كارثة تدل علي مدي الانهيار الدبلوماسي الذي نعيشه ويقعد علي تله وزير مثل أبو الغيط وزير خارجية مصر بالانتساب. وبالطبع عندي كثير من المهازل الدبلوماسية التي تخجل أي مستمع لها وقد تصل لعدم التصديق لوصولنا إلي هذا الحد من التدهور الذي يبشرنا بانهيار أكبر من الذي نعيشه الآن، الأسد الذي قلت إفرازاته الكيماوية يشجع أي حيوان آخر علي أن يدخل منطقته، وعلي الأسد الجديد القادم أن يتبع سياسة الأسد في القضاء علي الأشبال ممن يحملون جينات الضعف والشيخوخة كي يعيد إلي مملكته هيبتها المفقودة والتي تعود سريعًا مع شعب يمتلك جينات الإمبراطورية كالشعب المصري العظيم!!