«نحن نمر بفترة عصيبة، وحساسة، وحرجة، ومصر مستهدفة». إي والله، من ساعة ما عرفنا هذا البلد وهو يمر بلحظة حرجة، كل دي لحظة؟ منذ أن وعيت علي الدنيا ومصر تمر بهذه اللحظة، وصدقت ماجدة إذ قالت: العمر لحظة. ثم سمعت ممن ولدوا قبلي أن مصر كانت في نفس اللحظة منذ أن ولدوا هم. لماذا لا تمر أي بلد آخر بهذه اللحظة الطويلة التي استهلكت أعمار الأجيال؟ لأن مصر مستهدفة. آه.. ممن؟ من كل الناس، العالم كله يتآمر علي مصر. لم؟ ما الذي فعلته مصر لتستفز كل العالم للتآمر عليها؟ ماهو مش ممكن كل الناس غلط وإحنا بس اللي صح. كل الدول لها حلفاء، كما لها أعداء، حتي دول «محور الشر»، وجدت من يتحالف معها، والعالم مليء بالقوي المتصارعة، فكيف أجمع المتصارعون علي التآمر علي مصر؟ ثم ما هذه اللخبطة؟ النظام المصري حليف قوي لأمريكا ويقول إنها تريد زعزعة الاستقرار في مصر، يتعاون مع إسرائيل ويعلمنا ما نعلمه بالفعل عنها، طب لما هم وحشين نتحالف معاهم ليه؟ من استهدف مصر لتبيع قطاعها العام وتشرد عمالها؟ من استهدف مصر لتتخلي عن سيادتها وتقدم التنازل تلو التنازل للعدو الاستراتيجي الذي يربض علي حدودنا بسلاحه النووي؟ من الذي استهدف مصر لتطرد الفلاحين وتبيع أراضيهم للمستثمرين؟ من هم أصحاب المؤامرة التي أدت لبيع تراث مصر السينمائي ليقع أخيرا في يد إعلامي صهيوني؟ من الذي خطط لإهمال دول حوض النيل، والتكبر عليهم، والإساءة لعلاقتنا بهم التي كانت في يوم من أفضل العلاقات، حتي أصبحنا بالنسبة لهم كائنات غرائبية تعبد «إله النيل»؟ من الذي قوض علاقات مصر بكل حلفائها الاستراتيجيين الذين هم أخوتها حقا وصدقا ويقينا؟ من الذي أنضب ماء مصر؟ وسرطن أرض مصر؟ ولوث هواء مصر؟ وأذل إنسان مصر؟ مصر تتآمر علي نفسها. لا أتهم أحدا بالعمالة، ولا التجسس، الحقيقة أنني لست مهتمة بمعرفة تفاصيل نظرية المؤامرة، لأنها لا تهم، «من ثمارهم تعرفونهم»، والثمار هي كل ما يعنيني، كما أظن أن ولاة الأمور في مصر حقا «أسطورة لا تتكرر»، فتحقيق كل ذلك في هذا الزمن القياسي هو بالفعل أسطورة، نسأل الله ألا تتكرر. كل ما حل بنا صنع في مصر، وكل حل لما حل بنا يمكن تصنيعه في مصر. السؤال الذي يلح علي: ما وجه الحرج والحساسية في الفترة التي نمر بها الآن بالتحديد؟ بالنوسبة لإيه يعني؟ ولماذا لا يكون دفع الأخطار والمؤامرات إلا بتحذير الشعب من مغبة تهوره وهرولته وتصرفاته الخرقاء غير المحسوبة؟ لماذا دائما ما يكون تهديد استقرار مصر نابعًا من تحركات الشعب، وكلام الشعب، وقر الشعب، وخلقة الشعب، واللي جابو الشعب؟ ما الشعب بحطة إيدكوا أهو. لو أننا نمر بفترة عصيبة، فعلي ولي الأمر تفريج كربة الدولة أو التنحي ليعطي غيره الفرصة، عله يفلح فيما فشل فيه هو. يفعل الشعب كل شيء نيابة عن الدولة، فلماذا لا تكون الدولة حسيسة شوية وتقوم تغسل لها طبقين بدل قعدتها ليل نهار قدام المسلسلات؟