المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 19 يونيو 2025    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 19 يونيو 2025    6 سيارات هجينة آسيوية الصنع تتوفر رسميًا فى مصر بأسعار تبدأ من مليون و790 ألف جنيه    «مصر للطيران للأسواق الحرة» توقع بروتوكول تعاون مع «النيل للطيران»    أكسيوس نقلًا عن مسؤول أمريكي: اعتقد أن ترامب ليس مقتنعًا بعد بضرب إيران    د. أيمن سمير يكتب: تسعة محددات: كيف يفكر «ترامب» في حرب إسرائيل وإيران؟    محمد العرابي: مصر والسعودية وتركيا الأطراف القادرة على التأثير في أزمة إيران وإسرائيل    كأس العالم للأندية 2025| سالزبورج يتقدم على باتشوكا في الشوط الأول    إصابة 11 شخصًا في حادث تصادم بطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي    ضبط مجزر ببنى سويف يقوم بفرم هياكل ودهون الدواجن لتصنيع اللانشون.. فيديو    تحذير من حالة الطقس اليوم الخميس: اضطراب الملاحة البحرية وارتفاع الأمواج 3 أمتار    رئيس دار الأوبرا: عبد المنعم كامل قامة إبداعية متفردة .. وحفلان تكريما لتاريخه    هند صبري تستعد لبطولة مسلسل جديد.. وصبا مبارك تواصل النجاحات وتنتظر "220 يوم"    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    الكويت تؤكد عدم رصد أي تسرب لإشعاعات نووية من إيران    جوتيريش يجدد دعوته لوقف النزاع بين إسرائيل وإيران    الجيش الإيراني يطلق المرحلة السادسة من هجوم الطائرات المُسيّرة على الأراضي المحتلة    محافظ الجيزة يشهد افتتاح فندق «حياة سنتريك كايرو ويست» أحد أبرز المشروعات الفندقية    قبل موقعة بالميراس.. ريبييرو يراهن على عزيمة لاعبي الأهلي    كأس العالم للأندية 2025| الهلال السعودي يصنع التاريخ بالتعادل مع ريال مدريد    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد الهلال السعودي في كأس العالم للأندية    مدرب العين: الأهلي الفريق العربي الأقرب للتأهل للدور الثاني بكأس العالم للأندية    عمرو سماكة: بالميراس سيلعب بعنف أمام الأهلي.. وتريزيجيه وزيزو مفتاح الفوز    كوكا: الأهلي لا يخشى أحدا في كأس العالم للأندية    "سماح حمزة".. أول سيدة تشغل منصب مدير تعاقدات في مصر بنادي الفيوم    ملفات تقنين الأراضي| تفاصيل اجتماع رؤساء الوحدات المحلية بقنا    احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    التضخم ما زال مرتفعًا.. والفيدرالي يواصل مراقبة السوق    برقم الجلوس.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة دمياط    بالزفة والزغاريد.. مطار الاقصر الدولي يستقبل أول أفواج حجاج الجمعيات    محافظ الدقهلية يتابع جهود المراكز والأحياء في التصدي لظاهرة التلوث السمعي ومصادرة 50 طقم صوت    خبير تربوي: امتحان اللغة العربية هو الانطلاقة الفعلية لماراثون الثانوية.. نصائح مهمة للطلاب    بسبب ركنة سيارة.. حبس شخصين بتهمة التعدي على آخر في النزهة    للعام الثالث.. طب طنطا تحصل على شهادتي الأيزو الجودة والإدارة التعليمية    ماكرون يدعو إسرائيل لضبط أهداف هجماتها على إيران    فيلم "المشروع X" يواصل اكتساح دور العرض المصرية    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    غدًا.. افتتاح أولى ليالي "يمين في أول شمال" على مسرح السلام    مشيرة إسماعيل: مفيش فنانة تصلح لتقديم الفوازير زي نيللي وشريهان    عمرو يوسف بطلًا ل«موسم صيد الغزلان» عن رواية أحمد مراد    هيفاء وهبي تحيي حفلا مشتركا مع محمد رمضان في لبنان أغسطس المقبل    رئيس كرواتيا: إسرائيل تنتهج سياسة إجرامية بدعم من واشنطن    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    لجنة السكان بقنا تبحث التدخل السريع لمواجهة "النقاط الحمراء" بأبوتشت ودشنا    ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    البابا تواضروس لرئيس وزراء صربيا: الأراضي المسيحية المقدسة موجودة في فلسطين ومصر    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    حيل نفسية لكسر حاجز القلق والخوف من الامتحانات.. تعرف عليها    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه استثمارات في قطاع التعليم قبل الجامعي خلال ال6 سنوات الأخيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإقامة الطويلة في اللحظة القصيرة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 05 - 2010

حياتي وحياتك‏..‏ مزيج من لحظات مبهجة ولحظات دامعة‏,‏ ترقد اللحظات في حضن الذاكرة‏,‏ مرة تسعدنا ومرة تؤلمنا‏,‏ مرة نستدعيها‏,‏ ومرة أخري نسدل عليها ستائر النسيان‏. أحيانا نتوق الي الاقامة الطويلة في لحظاتنا المبهجة‏,‏ وأحيانا نفر هربا من لحظاتنا التعسة‏..‏ اللحظة‏,‏ ومضة‏,‏ اللحظة وحدة قياس لزمن مكثف قصير‏,‏ لكن عمقه أكبر من وقته القصير‏,‏ لم أصدق يوسف السباعي حين قال إن‏(‏ العمر لحظة‏),‏ ظننتها عبارة أدبية موجزة‏,‏ ثم اكتشفت بتجاربي الحياتية أن العمر لحظة‏,‏ وربما لحظات هي في نهاية الأمر زاد الطريق والمؤنس من وحشته‏,‏ وحين صادفني المثل الانجليزي القائل‏(‏ عمر الأشياء الجميلة‏..‏ قصير‏),‏ اشتقت للاقامة الطويلة في كل لحظة جميلة قبل أن ينقضي عمرها‏,‏ لكني ضيعت المتعة بالتأمل فحجب عني جمال اللحظة‏,‏ صرت أكره التأمل‏,‏ هذه الرياضة العقلية‏,‏ وأحاول أن أعيش اللحظة‏,‏ ويوم خرج د‏.‏ زويل بالفيمتوثانية‏,‏ شعرت أن الثواني الجميلة تقولبت في معمل العالم‏,‏ وعلي قدر الاهتمام بنتائج هذا الكشف‏,‏ علي قدر الحزن حين تجردت اللحظة من لباسها المزركش وعذوبتها العذرية‏,‏ من لحظات الفرح التي تربي عليها هذا الجيل صرخة النشوة الكروية حين تهتز الشباك إثر تمريرة ثم هدف يمنح جماهير الكرة لحظة نادرة من السعادة‏,‏ هنا تبدو الاقامة الطويلة في هذه اللحظة القصيرة بإعادة اللقطة مرات لاشباع الجماهير العطشي للفرح‏,‏ في جيلي‏,‏ كانت اللحظة النادرة تأميم القناة في لحظة غير مسبوقة‏,‏ وميلاد سد عال في أسوان‏,‏ وكانت أتعس اللحظات يوم عشنا هزيمة الساعات الست‏,‏ أو انكسار الوحدة مع الإقليم الشمالي‏,‏ عرف وجدان المصريين الألم‏,‏ ومنحهم الألم صلابة بعد أن ذاقوا ملوحة دمعة علي خد الوطن‏,‏ وكنت أتساءل بقلق هل الخبرات الحياتية تعد بلحظات بهجة تصد عني الصدمات‏,‏ أم هي تنزل بي الي آبار الأشياء‏,‏ فتنفضح ويتعري وجهها القبيح؟ لكن خبراتي تجعل بصيرتي حادة‏,‏ وربما أخطأت في فهم اللحظة أو كنهها‏,‏ فأين اليقين؟ سيظل‏(‏ اليقين‏)‏ أكبر علامة استفهام في الحياة‏,‏ ان الزمن مصور محترف يلتقط أدق التفاصيل والمأساة حين تتعطل الحواس‏,‏ يقف دوران الأرض وتقف الدورة الدموية الدماغية‏,‏ وتقف دقات القلوب وعقارب الساعات‏,‏ حين تعود الحواس لعافيتها‏,‏ تنبض القلوب وتعربد الدهشة في الصدور وما تمنيت أن تهاجر من صدري‏.‏
إن اجتراء لحظة ما من دفتر القلب‏,‏ ترقد في سلام فوق الشرايين أو تختبيء بين الأوردة‏,‏ يضاعف في ضخ الدم‏,‏ بعض لحظات الإنسان ومواقفه في الحياة كأنها وشم مرسوم منقوش فوق روحه يسافر به الدنيا وهو في محطة ثابتة‏,‏ إن إشارات صغيرة قد تخاطب جهازنا العصبي وربما لها رصيد في فنادق الذاكرة لم يمح بعد ولا أصابه الصدأ‏,‏ فيعبث بالصورة علي شاشة الذاكرة نراها بتفاصيلها وألوانها الباهتة‏,‏ يعود المشهد من مقطع أغنية لأم كلثوم تنبعث من مركب نيلي بشراع أو صوت مغني إسباني مبحوح فوق باخرة تتهادي علي مياه بحيرة جنيف‏,‏ أو رائحة تماثيل البر الغربي في الأقصر‏,‏ في الواقع نحن نجتر اللحظة‏,‏ والاجترار عملية سفر في عمق زمني والاستغراق فيها‏.‏
ماذا يحدث عند الاقامة الطويلة في لحظة قصيرة من لحظات العمر؟ يتمناها العشاق‏,‏ ويكتفون بحالة الزلزال التي تحدثها اللحظة‏,‏ وان كانوا يتعذبون من الاحساس بأن العشاق حين يتكلمون في مقدمات حب فهذا يؤذن بالنهاية‏.‏
ما أبغص‏(‏ النهايات‏),‏ من هنا نحلم أن تطول اللحظة ولا تتلاشي أو تغيب وراء الأفق‏,‏ في بعض الأحيان تتمهل اللحظة علي مرآة الذات‏,‏ كاشفة عن نمنمات وظلال تمنح بهجة‏.‏
استدع أي لحظة مؤلمة وقرر الاقامة الطويلة فيها‏,‏ ستكتشف أن الندم حاضر‏,‏ وتجد نفسك تعيد صياغة الأشياء التي كانت‏,‏ نعم‏,‏ نحن ندرك عمق اللحظات بعد فوات الأوان‏,‏ وانظر حولك لعذابات كانت نتيجة شهوة انتقام‏,‏ أو شهوة مال أو شهوة سلطة أو شهوة نيل امرأة‏,‏ ولأننا بشر وليس ملائكة‏,‏ نعيش تحت سلطان شهوة ما‏,‏ ولأننا لسنا فلاسفة نحيا اللحظة بطولها وعرضها‏..‏ ثم نستخلص جوهرها فيما بعد‏.‏
في فترة من الفترات سيطرت علي السينما الفرنسية‏,‏ وربما الأمريكية أيضا‏,‏ فكرة‏(‏ الفلاش باك‏)‏ أي استرجاع واجترار لحظات الحياة‏,‏ وقد استمتع العالم بهذه النوعية من الأفلام لأنها كانت‏(‏ الاقامة الطويلة في اللحظات القصيرة‏),‏ فالإنسان يحب وهو يستعرض سيناريو حياته رغبته المخبوءة في حذف بعض المشاهد‏,‏ ان سربا من طيور البهجة والحزن تحلق في سماء أي إنسان‏,‏ تلاحقه أينما ذهب كظله ولا تفارقه‏,‏ لأنها مقيمة في صدره وعقله الباطن‏,‏ تحط علي أغصان عمره وتعشش في ثناياه وما الزمن الجميل إلا عقد من اللحظات الرائعة تحيط برقبة كل منا‏,‏ وجاء زمن سرقوا منا العقد وأحاطوا الرقاب بورود صناعية ميتة‏,‏ لكن‏(‏ الذكري‏)‏ لحظة ممتدة في الزمن يحفظها‏(‏ صندوق أسود‏)‏ في رأسي ورأسك‏,‏ يحافظ علي اللحظات‏,‏ حلوها ومرها‏,‏ ويصبح النسيان نعمة أحيانا وربما نقمة‏!‏ ونري الحياة من خلال جراحنا لأن ثقافة الحزن تحكمنا في الشرق‏,‏ بينما يطرد العالم الأول الجراح ويقفز فوق الألم‏,‏ هم يضحكون ويتسامرون‏,‏ ونحن نتلذذ بنزيف أحزاننا ونمضغه‏,‏ ونسكن مدن الحزن والدموع‏!‏

المزيد من مقالات مفيد فوزى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.