بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    النائبة أمل سلامة: المرأة تعيش عصرها الذهبي.. والتأثير أهم من العدد    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    ارتفاع أرباح "المصرية للاتصالات" 61%.. وزيادة إيرادات حصتها في "فودافون مصر    فلسطين.. شهيد وعدد من الجرحى باستهداف إسرائيلي شرق دير البلح    كالاس: مشروع "E1" يقطع الصلة بين شمال وجنوب الضفة الغربية    مكافآت أمريكية ضخمة للقبض على 5 من أخطر تجار المخدرات في المكسيك    ترامب يعرب عن ثقته بأن بوتين وزيلينسكي سيتفقان على تسوية النزاع    تخطيط فرنسي، إحباط محاولة انقلاب عسكري في مالي (فيديو)    طرائف الدوري المصري.. لاعب بيراميدز يرتدي قميص زميله    إعلان حكام مباراة الزمالك والمقاولون في الدوري المصري    رسميًا.. منتخب مصر يتأهل إلى ربع نهائي بطولة الأفروباسكت    مجلس إدارة المصري يهنئ اللاعبين بعد الفوز على طلائع الجيش    خالد الغندور ينتقد ثروت سويلم بسبب مراقب مباراة الأهلي ومودرن سبورت    حامد حمدان يشارك الجماهير رسالة حزينة ووالدته تواسيه (صورة)    "تعديلات وحيرة بسبب بن شرقي".. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة فاركو بالدوري    حريق هائل في مصنع كيماويات في بلبيس بالشرقية (فيديو وصور)    كانت نازلة تجيب فستان حفل التخرج .. والدة "رنا" تكشف تفاصيل مطاردة "طريق الواحات" المثيرة (فيديو)    "بعد اتهامها بتجارة الأعضاء".. محامي زوجة إبراهيم شيكا يكشف لمصراوي حقيقة منعها من السفر    ظهرت الآن، نتيجة المرحلة الأولى لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة    ثقافة الفيوم تصنع البهجة في الشواشنة بفعاليات فنية وثقافية متنوعة.. صور    حدث بالفن| ناقدة تهاجم بدرية طلبة ونجم ينفي شائعة انفصاله عن زوجته وفنانة تثير الجدل    الألم شديد ومش هتخرج من المستشفى، تصريح مقلق من محمود سعد بشأن الحالة الصحية لأنغام    من الأطباء النفسيين إلى اليوجا، ريهام عبد الغفور تروي رحلة تجاوز صدمة فقد والدها    بعد ظهور سحب رعدية.. محافظ أسوان يوجه برفع درجة الاستعداد تحسبًا لسقوط أمطار    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    «نريد العدالة».. أول تعليق من بيراميدز بعد مباراة الإسماعيلي (خاص)    السعودية تستنكر تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى بمنع إقامة دولة فلسطين    قرار عاجل ضد 4 متهمين بمطادرة فتيات طريق الواحات (تفاصيل)    جرس إنذار والملابس لا تبرر.. أزهري يعلق على حادث طريق الواحات    ليفربول يبدأ حملة الدفاع عن سجله التاريخى فى المباريات الافتتاحية    كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة    الإدارية العليا تنظر غدا طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    «طاجن الصيادية بجزل السمك والبصل».. حضريه على سفرة يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    النيل «ماجاشى»    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    الإعلام المصرى قوى    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    الإصدار الثانى عاد ليحكى الحكاية    درة تاج الصحافة    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يصلك صهيل أحزاني؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 03 - 2010

أستأذن قاريء الأهرام في العزف علي أرغولي‏,‏ ربما أتطهر بنار الشوق‏..‏ لها‏,‏ فلم تكن بنت العمدة جملة اعتراضية في حياتي ولم تكن مجرد حروف استلقت علي شاطيء حياتي‏,‏ كانت هي حياتي . مهما اكتنفها من خلافات ومازالت دبلتها التي تحمل اسمها في أصبعي شاهدا علي عزوفي عن ركوب قطار النسيان‏,‏ هي حاضرة في كل المحطات‏.‏
وحدي‏,‏ أبصرها في زماننا الضرير علي حد قول صلاح عبدالصبور‏,‏ وحدي أجتر أيامي معها‏,‏ الحلوة والمرة‏,‏ وحدي أحدق في لحظات تقاسمناها معا وصارت وشما منقوشا فوق الروح‏,‏ وحدي اختبيء في خندق الذكريات أفتش في صورها عن أماكن جمعتنا معا‏,‏ وحدي أخاطبها وأود أن أقدم لها اعتذارا عن خطأ في حقها أو ندمت علي صرخة غضب في وجهها أو أبرر لها تصرفا نال من كبريائها‏,‏ لكنها محاولة عبثية‏,‏ أن أخاطب تابوتا في أمور حياتية‏,‏ ولكن يكفي الرغبة المبللة بالدمع في مراجعة الذات‏.‏
لماذا لم تعش رفيقة دربي سنوات أخري من الأمل والفرح؟ لماذا انقض عليها المرض وظلت بشجاعة نادرة حتي الرمق الأخير تصارعه ولكنه صرعها‏,‏ كانت في أمريكا تحمل ميكروفونها بعد حقنة الكيموثربي لتسجل‏(‏ صحبة إذاعية‏)‏ وكأنها تريد أن تتحدي المرض وتتحرش بالحياة‏.‏
يا ألف خسارة علي أيام ضيعناها في خلاف ونقار وغيره وخصام‏,‏ يا ألف خسارة‏,‏ صدقنا غدر الزمن الذي يلون الأيام ألوانا براقة وأخفي عنا سواد أيام أخري‏,‏ ذقت فيها طعم الفراق‏,‏ ظللت أبحث طويلا وأفتش في بنك يمنحني قرضا لسنوات أخري من عمرها وعدت بخيبة أمل وشعرت اني أجدف‏.‏
بعد أن ودعناها يوم الرحيل الحادي عشر من مارس‏2001,‏ عاد الناس جميعا الي بيوتهم وخطفتهم اهتماماتهم وطوتهم الأيام طيا‏,‏ أما أنا‏,‏ فالحنين باق برغم السنوات التسع‏..‏ نحيبا روحيا‏.‏
يوم كتبت آمال العمدة علي شاشة حياتها كلمة الوداع‏,‏ كرهت لحظات الوداع‏,‏ انها موت تسدل فيه ستائر النسيان‏,‏ انها جنازة مهيبة تعبر الشارع وسرادق يصافح فيه الناس بعضهم ويغمغمون بكلمات العزاء‏,‏ ربما يمنح العزاء بعض السلوي‏..‏ ولكن الموت ينتزع أحباءنا من بين ضلوعنا ويمضي ويشق في الصدور أنهار الدموع‏.‏
أعود لها‏,‏ حين أشعر بالاغتراب‏,‏ حين أبحث عن ملاح يبحر بسفينتي في أمان‏,‏ أعود لها حين احتاج الي الكلمة البلسم في زمان شحت علي شفاه النساء الكلمة البلسم‏.‏
كان الصلح بعد الخلاف علي جلسات مصارحة مفعمة بالمودة‏,‏ كان التجاوز ضئيلا لأنه يشيد جبلا من التراكمات‏,‏ كنا في بداية المشوار نغضب بسرعة ونثور في ثوان ثم أفقنا يوم جاءت الي الدنيا ثمرة العمر حنان‏,‏ صرنا ثلاثة‏,‏ وتربية بنت تحتاج الي أضلاع المثلث‏:‏ المدرسة والبيت ونوعية الأهل‏.‏
كثيرا ما كانت حنان ابنتنا هي كلمة السر عقب أي خلاف‏,‏ كانت تجمعنا آمال وأنا فوق جسر العتاب‏,‏ فنصفو بعد أن تلبدت سماء علاقتنا‏.‏
ها هي الفراشات تطير أمام قبرها‏,‏ ويقولون في الحس الشعبي انها‏(‏ أرواح‏),‏ هل تحمل الفراشات الملونة علي جناحها‏..‏ عتابا؟ ليتها تفعل‏,‏ لأني أتساءل‏..‏ هل يصلك صهيل أحزاني؟ يمتزج في هذه اللحظة حبر القلم بالدموع وأحجب الدمعة فلا تتسرب من بين حروف كلماتي لتسقط أمام قارئي‏.‏
قبرها‏,‏ ليس نصبا تذكاريا نذهب إليه في يوم ذكراها حاملين الورود أنا وابنتي‏,‏ ولكنه داخلي يقيم في فندق الذاكرة ولا يبارحها‏.‏
هل يستريح المتمرد فقط في قبره؟ لم أدفنها في ذاكرتي‏,‏ برغم أنهم أخذوها يوم رحيلها في صندوق خشبي وأودعوها السكون الأبدي‏.‏
لقد استراحت في صدفة من أصداف بحر الموت‏,‏ استراحت فلا صراعات ولا منافسات ولا جفاء ولا تبدل في المشاعر ولا مكاسب مزيفة ولا تكالب علي مغانم‏,‏ ولا لهاث يقطع النفس‏,‏ ولا طموحات تشوي البدن ولا شراسة في المعاملات‏,‏ استراحت بعد تعب حتي زارها الموت قرب الفجر والناس نيام‏,‏ وقدم لها التعازي في الحياة‏.‏
أستحضر روحها وربما صارحتها بمشاعر هي خليط من حب مكتوم ومرارة ذاعقة وشيء من الندم‏,‏ ولكن‏(‏ تفيد بإيه ياندم؟‏)‏ كما تشدو أم كلثوم‏.‏
هي ماتت‏,‏ وبعض الأحياء يموتون في اليوم ألف مرة‏,‏ وبعض الموتي أحياء في قلوبنا‏,‏ هي ماتت والعالم لم يتوقف‏,‏ فعجلة الزمن لا تعبأ بمخلوق سقط أو حيوان نفق أو زرع جف أو أرض تصحرت أو زلزال ردم مدنا‏,‏ عجلة الزمن تدوس في طريقها أي شيء‏,‏ ولا يتوقف الزمن‏.‏
هو أي الزمن يتقن فن صياغة الذكري‏,‏ وكتاب الزمن مجرد ذكريات هناك في كتاب الزمن لقطات ثابتة نحدق فيها لأنها بعض من دفاتر أيامنا‏,‏ لماذا يعجز العقل عن استيعاب أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في الحياة؟ لماذا الصراعات الشرسة علي سراب؟ هل نملأ الحياة صخبا لأننا نقاوم السكون‏..‏ السكون؟ هل للقبور جيوب؟ إن الذين عاشوا المجد وصفقت لهم الدنيا تضم القبور رفاتهم وأحيانا تتحول الي مزارات‏,‏ حين تأتي الذكري تهز أغصان الشجرة وتصبح تفاصيل الذكريات بمثابة حجر أو أحجار نلقيها في بحيرة النسيان لتحرك مياهها‏,‏ ثم‏,‏ ثم نعود لطاحونة الحياة‏,‏ تطحننا بتروسها وقد ندفع الثمن من الصحة أو من الهناء الشخصي ويصبح الحلم أن نحيا‏..‏ تعاسة أقل‏!‏
المزيد من مقالات مفيد فوزى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.