نائب رئيس الهيئة: لا يمكننا منع وقوع الحوادث تحقيقات حادثة قطار الموت بدهشور، التى راح ضحيتها نحو 27 مواطنا وإصابة 36 آخرين فى شهر نوفمبر من العام الماضى، شهدت عديدا من المفاجآت، بعد ثبوت عدم اعتماد إجراءات السلامة لنظام السلاسل الحديدية فى المزلقانات، وكذا إجبار لوائح عمل السكة الحديد عمال المزلقانات على العمل أسبوعا متواصلا دون نوم. كانت نيابة حوادث جنوبالجيزة، برئاسة أسامة حنفى، استدعت محافظ الجيزة الحالى، الدكتور على عبد الرحمن، لسماع أقواله فى حادثة قطار الموت بدهشور، بعد ثبوت مسؤوليته عن توفير مستلزمات واشتراطات أمان، وفقا لقرار مجلس المحافظين الصادر بعد حادثة أوتوبيس طلاب أسيوط؛ حيث عكفت النيابة طوال الفترة الماضية، على التحقيق مع جميع مسؤولى هيئة السكة الحديد فى حادثة قطار الموت بدهشور، وكشفت مناقشتهم عن تنصل كل مسؤول بقطاعات السكة الحديد، من المسؤولية والإلقاء بها على عاتق زميله، والعمل وفقا لمنظومة شديدة الانهيار وسلسلة من الأخطاء المركبة. «الدستور الأصلي» حصل على مضمون أقوال جميع مسؤولى هيئة السكة الحديد، الذين تمت مناقشتهم منذ بدء التحقيقات وحتى الآن، على رأسهم المهندس سمير نوار رئيس الهيئة الحالى ونوابه فى جميع القطاعات، وجاءت مناقشة نوار، بعد تبين إحالة رئيس الهيئة وقت الحادثة للتقاعد بعد أسبوع واحد من الواقعة لبلوغه سن المعاش. وبسؤال نوار عن أسباب وقوع حوادث المزلقانات، استبعد أى مسؤولية عن عاتق الهيئة التى يترأسها، وأكد أن المتسبب الرئيسى بتلك الحوادث هم قائدو السيارات لعدم التزامهم بالإشارات الضوئية وأجراس التحذير فى المزلقان والمرور عليها دون انتظار الوقت المناسب. وباستفسار النيابة من رئيس الهيئة عن مسؤولية توفير الإنارة، وإنشاء المطبات ووضع شارات تحذيرية قبل المزلقانات على مدار عدة كيلومترات لتنبيه السائقين، أكد نوار أن ذلك ليس من اختصاص هيئة السكة الحديد، وأن المحافظ هو المسؤول عن توفير تلك المتطلبات وفقا لمكان المزلقان. وبناء على مجمل أقوال رئيس هيئة السكة الحديد، أمرت النيابة باستدعاء محافظ الجيزة، للمثول أمام النيابة لسؤاله فى وقائع إلزامه بتنفيذ قرار مجلس المحافظين بتوفير تلك الاحتياطات اللازمة للأمان والسلامة، والتقاعس عن ذلك رغم مخاطبات وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد للمحافظة بذلك منذ نهاية عام 2011، وقد تم إرسال طلب الاستدعاء رسميا إلى المحافظ. كما استكملت النيابة التحقيق مع جميع مسؤولى هيئة السكة الحديد، لتعدد أوجه القصور والإهمال التى كشف عنها التقرير الفنى، وكان من بين المسؤولين الذين تمت مناقشتهم، المهندس خالد فاروق، نائب رئيس هيئة السكة الحديد لشؤون البنية الأساسية، وقال خلال التحقيق إن لوائح السكة الحديد لا تنص على وجود سلاسل حديدية من الأساس وإغلاقها وقت مرور القطارات، وأنه تم استحداث استخدامها لإغلاق المزلقانات، وباستفسار النيابة من فاروق عن الآلية المستخدمة دون السلاسل فى إغلاق المزلقان، أجاب نائب رئيس الهيئة قائلا «لا شىء فقط التلويح بالأيدى لمطالبة السيارات بالتوقف!». وبمناقشة النيابة مسؤول البنية التحتية بالهيئة، عن إخطار عمال المزلقانات بمواعيد قدوم القطارات نحو المزلقان، أجاب بأنه لا يوجد جدول لمواعيد قدوم القطارات حتى يتم إخطار عمال المزلقانات به من الأساس، وأن العامل مطلوب منه مراقبة الطريق وغلق المزلقان حين يرى قطارا قادما. وفى حقيقة صادمة سطرتها تحقيقات النيابة، بمواجهة فاروق بمخالفة نظام العمل لمدة أسبوع كامل للائحة، لمطالبة العامل بالاستيقاظ لمدة 24 ساعة يوميا على مدار الأسبوع كاملا، ومراقبة قدوم القطارات دون جدول مواعيد محدد، فأجاب قائلا: «ماكنتش أعرف إن نظام العمل بالأسبوع مخالف للائحة إلا بعد الحادثة!». وأيضا ناقشت النياية نائب رئيس هيئة السكة الحديد لقطاع السلامة، عن عدد الحوادث التى وقعت على خط الواحات الذى شهد الحادثة، منذ عام 2000 وحتى الآن، فأفاد بوقوع 4 حوادث، كانت المفاجأة أن ثلاثة منها آخرها حادثة الأوتوبيس المفجع كانت جميعها عند نقطة الموت «25» دهشور، ووقعت الحادثتان السابقتان عند تلك النقطة فى أعوام 2006 و2009، وجميعها بنفس الطريقة بسبب عبور سيارات فى أثناء قدوم القطار، وبمناقشة مسؤول قطاع السلامة بالسكة الحديد، عن نتائج التحقيق الفنية فى تلك الحوادث وتحديد المسؤول عنها، أفاد بأنهم لا يحققون فى تلك الحوادث من الأساس ما دامت هناك تحقيقات جنائية من قبل النيابة العامة، وبمناقشته عن الاحتياطات التى تم اتخاذها بعد وقوع حادثة تلو الأخرى على خط الواحات، تنصل الشاهد من المسؤولية وقال إن ذلك الخط فرعى لا يدخل فى دائرة اختصاصه.
النيابة استدعت أيضا مدير خط الواحات المهندس ألفونس كامل لمناقشته فى ذلك الأمر، وقال خلال التحقيقات إنه غير مختص بشؤون الصيانة والإصلاح فى بنية خط الواحات، وإنه مختص فقط بالإشراف على سير العمل بوجه عام، ويدخل فى اختصاصه متابعة عمل السائقين، ومن ثم ناقشته النيابة فى قيام السائق بفصل جهاز قياس السرعة وتعطيله عن العمل. فأقر ألفونس بعلمه بفصل السائق لجهاز قياس السرعة «A.T.C»، وتعطيله عن العمل، وقال إن جميع السائقين يفعلون ذلك، لعدم توافق الأجهزة الأرضية مع الجرار. وحققت النيابة أيضا مع مدير المنطقة المركزية برمسيس، المهندس محمد مهران، وناقشته حول خط الواحات، وبسؤاله عن اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لتلك الحوادث المتكررة على الخط لنفس الأسباب، وعدم تشغيل المراقبين وفقا للائحة، فتنصل مهران من المسؤولية وألقى بها على عاتق مدير الإدارة المركزية للصيانة، قائلا إن أمور الإصلاح والصيانة من اختصاصه. يأتى هذا فى الوقت الذى تسلمت فيه نيابة حوادث جنوبالجيزة، برئاسة أسامة حنفى، تقرير لجنة الخبراء، من أساتذة كلية الهندسة بجامعة عين شمس، المكلفين بفحص أسباب حادثة قطار دهشور وفضح التقرير خراب البنية التحتية للسكة الحديد، وعدم توافق جرارات القطارات مع التركيبات الأرضية وأجهزة المراقبة، وتعمد سائقى القطارات فصل أجهزة قياس السرعة وعلم مرؤوسيهم بذلك دون وضع رادع، وإجبار عمال المزلقانات على العمل مدار أسبوع متواصل، لمدة 24 ساعة يوميا بما لا يستوعبه عقل ولا منطق، فى حجرة عديمة الإضاءة دون مياه أو حتى توفير مكان لقضاء حاجتهم، وتغاضى مسؤولى السكة الحديد على مدار سنوات العهد البائد عن ذلك، بحجة «أن العمل فى منطقة نائية على طريق الواحات... لا يمكن الوصول إليها بسهولة.. ومتاح أوتوبيس لنقل عمال المزلقان مرة واحدة كل أسبوع»، وبهذه الحجة يفترض أن يعمل مراقب المزلقان بنظام السخرة أسبوعا متواصلا دون نوم أو جدول مواعيد للقطارات! وجاء التقرير فى 30 صفحة، حددت أسباب مباشرة وأخرى ثانوية أدت إلى قوع الحادثة.