كانت هذه الجملة تعبر عن حقيقة مصرية في عصر سابق .. ولكنها تحولت إلى أسطورة مصرية نسمعها أحيانا ونرددها أحيانا ونحن نعلم أنها لم تعد حقيقة. هذه الفكرة أقدمها لكل الباحثين عن إعادة الأسطورة إلى عالم الواقع .. لكل المهتمين بمحاربة الجوع في مصر وصيانة صحة وكرامة الباحثين عن قوت يومهم في قمامة الأغنياء. الفكرة باختصار أن يتبرع فاعل خير في كل شارع في مصر بثلاجة قديمة قد تكون فائضة عن الحاجة أو يجتمع أكثر من متبرع لشراء ثلاجة مستعملة (أو جديدة) مثل مبردات المياه التي أصبحت موجودة (كسبيل) أمام الكثير جدا من الجوامع والمساجد .. هذه الثلاجة يقوم أهل الشارع بوضع الأطعمة الزائدة عن حاجتهم بها .. بدلا من إلقائها في القمامة..أو تركها في ثلاجاتهم الخاصة حتى تنتهي صلاحيتها ويأنف أكل البيت من أكلها لتنتهي مجددا إلى القمامة. تخيلوا معي ثلاجات موضوعة في الطريق العام بجوار كل جامع أو كنيسة .. تفتحها في أي وقت ليلا أو نهارا فتضع فيها شيئا فائضا عن حاجتك .. ويفتحها المحتاج في أي وقت فيجد بها شيئا يأكله .. قطع من الجبن والخبز .. بقايا وليمة من لحم وخضار .. ساندوتشات لم يأكلها طفل في المدرسة ..فاكهة وخضروات طازجة..وكلها كان مصيرها سيؤول للقمامة آجلا أم عاجلا.
المهم أن يعمل المتبرعون على وضع المأكولات في الثلاجة بطريقة تساعد على حفظها..سواء في علب بلاستيكية أو لفها بورق الألومنيوم مثلا ..وهي أمور لن تكلف شيئا ولكنها ستمنح من يأكلها إحساسا بالآدمية والإهتمام. هل تبدو الفكرة مثالية أكثر من اللازم ..أعتقد أن من يرى شوارع مصر في رمضان وهي تكتسي بموائد الرحمن يدرك جيدا أن الخير في هذا الشعب موجود ولكنه يبحث فقط عن آليات ووسائل لدعمه وتحقيقه .. هل تعتقد أن الثلاجة الموضوعة في الطريق العام قد تتحول إلى هدف للصوص معدومي الضمير .. ربما .. ولكن ما أسهل اتخاذ التدابير اللازمة لتصعيب مهمة لصوص الثلاجات ربما تكفي سلسلة حديدية لردع كثير منهم .. ربما وضعها في مكان عمران بجوار سوبر ماركت سهران مثلا يكفي لمنح ثلاجة الفقراء شعورا بالأمان.. وأعتقد أن الثلاجة لا تختلف كثيرا في الوزن أو الحجم أو السعر عن (مبردات المياه) التي تظل موجودة ومنتشرة في كثير من شوارع مصر دون أن يسرقها أحد. فكروا معي .. ربما ألف أو ألفي جنية يمكن أن تبدأ هذا المشروع في كل شارع .. تضع ثلاجة خالية في ظل أي جامع أو مصلى أو كنيسة أوحتى سوبرماركت سهران .. ويبقى جهد أهل الشارع أنفسهم في دعم المشروع بشكل دائم والحرص على أن تظل الثلاجة دائما قادرة على سد جوع أي محتاج أو عابر سبيل في أي وقت.