بعد أن دقت “العاشرة” صباح الثلاثاء 3 أغسطس 2011 كان المصريون قد حبسوا أنفاسهم لرؤية أول رئيس مصري في العصر الحديث خلف القضبان.. حسني مبارك أول فرعون يحمل لقب “متهم” ، ظهر عبر شاشات التلفزيون مستلقيًا على سرير، متهجمًا، زائغ البصر، يراقب القاضي والحضور خلف نظارته السوداء. لكن لم يتخيل حتى أعظم مؤرخ ، أو مؤلف أفلام خيالية، أن هذا المصري الذي عاش مئات السنين تحت حكم حكام “فراعنة” هو نفسه الذي سيحاكم رئيسين في أقل من ثلاث سنوات. سيكتب التاريخ غدُا أن أول رئيس منتخب بعد ثورة يحاكمه شعبه بعد عام من توليه السلطة.
يحبس الشعب المصري أنفاسه ترقبا لما ستسفر عنه أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وسط إجراءات أمنية مشددة ودعوات من جانب جماعة الإخوان للتظاهر رفضا للمحاكمة وتنديدا بما يسمونه “الإنقلاب العسكري” ، بينما يتوقع حدوث اشتباكات بين الأمن والإخوان. وفي خطوة مفاجئة، قررت محكمة استئناف القاهرة نقل مقر المحاكمة وقيادات الاخوان المسلمين المتهمين فى أحداث “الاتحادية”، و المقرر عقدها غدا الى أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس بدلا من معهد الامناء فى طرة. إجراءات أمنية قبل ساعات من المحاكمة، تفقد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قاعة محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي أمس السبت داخل معهد أمناء الشرطة واطمأن علي إجراءات التأمين خارج وداخل القاعة والإجراءات التي اتخذتها أجهزة وزارة الداخلية لتأمين وقائع المحاكمة بمشاركة قادة قطاعات وزارة الداخلية و20 ألف ضابط وشرطي حيث أكد الوزير أن أجهزة الأمن ستتصدى لأي محاولة لتعكير الصفو، مشثيرا إلى أن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الوزارة من القوة والحزم بما يتفق مع الإجراءات القانونية. وحذرت وزارة الداخلية من أي محاولة للمساس بالمنشآت الشرطية والعامة ، وأكدت أنها ستتصدى بكل حسم وحزم لأي محاولات تستهدف القوات أو تعطيل المرافق وأنه تم تكليف جميع القطاعات لاتخاذ الإجراءات وردع أي اعتداء في إطار القانون وضوابط الدفاع عن النفس والمال ، بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية ، وقالت الوزارة – في بيان لها – إن أجهزة الأمن ترصد بكل دقة دعوات الإخوان ومخططاتهم لإشاعة الفوضى وحشد أنصارهم تزامناً مع المحاكمة. وأكدت وسائل اعلامية نقلا عن مصادر أمنية أنه سيتم نقل مرسي الليلة إلي أحد سجون طرة بطائرة عسكرية ، ثم يتم نقله صباح غد إلي مقر المحاكمة ليمثل داخل قفص الاتهام.
ونفت المصادر ما تردده جماعة الإخوان من أن الرئيس المعزول لن يدخل القفص. أما محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك شارك بها 8 آلاف جندي وضابط من الداخلية يدعمهم 200 جندي وضابط من القوات المسلحة ، وشهدت جلسات المحاكمة حضور أعداد محدودة من أنصار مبارك وحملة “آسفين يا ريس”، في مقابل أهالي الشهداء وأنصار الثورة، وغالبًا كانت قوات الأمن تفصل بين الطرفين، باستثناء حالات معدودة تم فيها تبادل الرشق بالأحجار بين الطرفين. استثناء لدواع أمنية تعذر إقامة محاكمة الرئيسين السابقين في محاكم عادية ، فتم إقامة محاكمة مبارك في أكاديمية الشرطة في التجمع الخامس ، وهو نفس المكان الذي سيشهد محاكمة مرسي بعد نقل المحاكمة من معهد أمناء الشرطة بطره البلد في قاعة المحاكمة كانت تستخدم كقاعة لتدريس لطلبة المعهد، كما كان يعقد بها المؤتمرات والندوات، وتكلفت ما يقرب من 7 ملايين جنية لاحلالها وتركيبها مره اخري لتجهيز القفص الحديدي ومنصة القضاء وكاميرات مراقبة وبوابات حديدية . قتل المتظاهرين يواجه مرسي غدا تهم تحريض انصاره ومساعديه علي ارتكاب جرائم القتل العمد مع سيق الاصرار والترصد واستخدام العنف والبلطجة ، بحق 57 من متظاهري قصر الإتحادية ، الذين تواجدوا احتجاجا علي الإعلان الدستوري الذي بموجبه اقال المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام ، وحصن قراراته ، واعمال تأسيسية الدستور، ومجلس الشوري، وتضم لائحة الإحالة 14 من فريقه الرئاسي وقيادات تنظيمه، منهم 8 متهمون محتجزون، منهم 6 في مجمع سجون طرة، تحت الحبس الاحتياطي، وهم: أحمد عبد العاطي، وأيمن علي، وعلاء حمزة، وجمال صابر، ومحمد البلتاجي، وعصام الدين محمد حسين العريان. أما باقي المتهمين وعددهم سبعة، فهاربون وأشهرهم عبد الرحمن عز، وأحمد المغير، والشيخ وجدي غنيم.
تقسم لائحة الاتهام المتهمين ال 15 إلى قسمين مختلفين، الأول يضم 11 “فاعلاً أصليًا”، وهم أسعد محمد شيخة، وأحمد محمد عبد العاطي، وأيمن علي أعضاء الفريق الرئاسي، ومعهم القيادي الإخواني علاء حمزة الذي ظهر وجهه بوضوح في فيديوهات احتجاز وتعذيب ضحايا “الاتحادية”، وأيضًا الناشطين المعروفين وسط شباب الإخوان عبد الرحمن عز، وأحمد المغير، بالإضافة إلى رضا الصاوي، ولملوم مكاوي، وعبد الحكم إسماعيل، وهاني سيد توفيق، وجمال صابر أحد منسقي حملة حازم صلاح أبو إسماعيل. ويواجه هؤلاء سبع تهم، هي: استعراض القوة، وقتل الصحفي الحسيني أبو الضيف، والسنوسي محمد السنوسي وآخرين، والقبض، والاحتجاز، والتعذيب، وإحداث إصابات بعشرين شخصًا، وإحراز أسلحة وذخائر.
أما القسم الثاني من لائحة الاتهام، فيضم 4 “محرضين”، وهم الرئيس المعزول مرسي، ومعه القياديان الإخوانيان محمد البلتاجي، وعصام العريان، بالإضافة للشيخ وجدي غنيم.
ويواجه هؤلاء الأربعة تهمتين، هما: التحريض على القتل، والتحريض على ارتكاب ما سبق من تهم موجهة إلى أول 11 متهمًا. وتهمة قتل المتظاهرين هي نفس التهمة التي مثل بسببها مبارك في 3 أغسطس 2011 امام المستشار احمد رفعت ، رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة وقد مثل معه في القفص أيضا نجلاه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من مساعدي الوزير، وقد وجهت له المحكمة تهمة قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير ، بالإضافة لقضية تصدير الغاز إلى إسرائيل. هيئة الدفاع
اكتملت هيئة الدفاع التى ستحضر أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول و15 من قيادات جماعة الإخوان.
وضمت القائمة كل من محمد سليم العوا رئيس هيئة الدفاع، إلى جانب منتصر الزيات، ومحمد طوسون، وأسامة الحلو، وعاطف شهاب، ونبيل عبد السلام، وفتحى تميم ، وصالح السنوسى، ومحمد المصرى، ومحمود يوسف، ومحمد الدماطى.
وقال “الدماطى” فى تصريحات صحفية إنهم سيحصلون تصاريح دخول المحاكمة ، مشيرًا إلى أن سليم العوا هو المحامى الذى سيدافع عن مرسى، فيما سيقوم باقى أعضاء هيئة الدفاع بالدفاع عن باقى أعضاء الجماعة وأبرزهم محمد بديع وخيرت الشاطر. وأوضح المتحدث باسم هيئة الدفاع عن “مرسى”, أن حضور المحاكمة لا يحتاج إلى توكيل من المهتمين، لافتًا إلى أن كل فريق الدفاع سيحضر غدًا جلسات المحاكمة، ويطلب الجلوس مع الرئيس المعزول قبل إجراء المحاكمة بساعتين.
ومن جانبه قال إبراهيم منير، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، إن فريق محامين دوليا سيصل إلى مصر خلال ساعات للمشاركة بشكل تطوعي في أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي التي تنطلق الإثنين.
وأوضح «منير» في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول أن الفريق يتكون من 4 محامين بينهم أمريكي وبريطاني، رافضا الكشف عن أسمائهم خشية منعهم من دخول البلاد، مشيرا إلى أن فريق المحامين «سيأتي ليس من أجل الدفاع عن مرسي، فهم لا يعتبرونه متهما من الأساس، وإنما جاءوا تضامنا معه، ومن أجل التأكيد على أن المحاكمة ليست قانونية أو دستورية، فهو رئيس منتخب»، على حد قوله.
أعلن التحالف الوطني لدعم الشرعية، أنه “لن يتولى محامو الدفاع عن محمد مرسي سواء مصريين أو أجانب، لأن الرئيس لا يعترف بالمحاكمة او بأي عمل ناتج عن الانقلاب”.
وأضاف التحالف في بيانه الصادر يوم 28 أكتوبر، أن مجموعة من المحامين سيحضرون المحاكمة مع مرسي ولكن فقط “لمتابعة الإجراءات وليس للدفاع عنه”، ومن المتوقع أن يطلب الرئيس مرسي الدفاع عن نفسه.
فيما ترأس المحامي البارز فريد الديب هيئة الدفاع عن مبارك ، وتولى الحديث إعلاميا باسم مبارك وأسرته فيما بعد. النفير العام واستعد تحالف دعم الشرعية ورفض الإنقلاب لمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي بتصعيد التظاهر قبل المحاكمة بأيام وأثناء المحاكمة، دعا الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين إلى تصعيد تظاهراتهم غدا “الاثنين”وذلك بالتزامن مع محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي كما كثفوا من تظاهراتهم في جامعات القاهرة والأزهر، ومن المنتظر أن تكون هناك تظاهرات كبيرة في كل محافظات الجمهورية وسط استعدادات أمنية مكثفة.
وهدد الطلاب بالامتناع عن حضور المحاضرات، معلنين رفضهم لتواجد قوات من وزارة الداخلية أمام أبواب كليات الجامعة.
ودعت الصفحات المحسوبة على تحالف دعم الشرعية مثل” الفرقة 95، الإرهابي، رابطة الإخوان بالعالم، حزب الحرية والعدالة” إلى النزول غدًا يوم المحاكمة تحت شعار “نازل ولا متنازل” لتأييد الرئيس الشرعي على حد وصفهم. وقالت أسرة الرئيس المعزول محمد مرسي إن الرئيس السابق “صامد وثابت ومناضل لن تركعه اتهامات باطلة أو محاكمات هزيلة”، على حد وصفها.
ولفتت في بيان نشرته وكالة الأناضول، إلى أنها لن تحضر أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول المقررة غدا الإثنين .