رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    القوات المسلحة تنظم لقاءً تعريفيًا بمبادرة معهد تكنولوجيا المعلومات لتدريب المجندين    "نرفض التمييز".. رئيس "صحة النواب" ينتقد مشروع قانون المنشآت الطبية الخاصة    الوكالة الدولية تكشف حجم الخسائر التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بتكثيف الجهود لتهدئة الصراع بين إيران وإسرائيل    روسيا تنصح رعاياها بمغادرة إسرائيل عبر مصر    16 لاعبًا في صفوف الأهلي وبالميراس في صدام متجدد بمونديال الأندية    4 قرارات عاجلة من النيابة في انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف    طب قصر العيني تنظم يوما علميا طلابيا "في الوقاية حماية"    «استئناف المنيا» تؤيد عقوبة الإعدام شنقًا ل قاتل عروس بني مزار    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    بحضور وزير الثقافة ورئيس الأعلى للإعلام.. افتتاح استديو نجيب محفوظ بماسبيرو    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    انطلاق برنامج «مصر جميلة» لاكتشاف ودعم الموهوبين بقصر ثقافة أبوسمبل (صور)    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    «الصحة»: «التأمين الصحي» أصدرت 19.9 مليون قرار علاج مميكن خلال العام المالي 2024/2025    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    إطلاق سيارات الأحوال المدنية المتنقلة لخدمة سكان وديان جنوب سيناء    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع 3 جمعيات في القليوبية وكفر الشيخ    حقيقة استبعاد محمود تريزيجيه من مباراة بالميراس البرازيلي    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    وزير الزراعة يفتتح ورشة العمل الأولى لتنفيذ استراتيجية إعلان كمبالا للبحث والتطوير الزراعي في أفريقيا    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: قطع الاحتلال للاتصالات والإنترنت جريمة مدروسة ومقصودة لعزل القطاع    الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجمات إسرائيلية قرب منشآت حساسة    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    طارق شكري في مؤتمر «أخبار اليوم العقاري»: نحتاج جهازًا حكوميًا لتصدير العقار    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    انخفاض الطماطم.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    حالة الطقس اليوم في الكويت    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة عن توقيع عقوبة على تريزيجيه    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طريق بريطانيا الثالث وطريقنا المسدود «3»..
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 05 - 2010

إذن مشهدنا المصري (والعربي كله للأمانة) الذي لا يسر عدواً ولا حبيباً واختزل الرئيس حسني مبارك أسوأ وأخطر ملامحه في خطاب يوم الخميس الماضي، هذا المشهد ربما نكون بسبب اليأس وتراكم طبقات الزمن تعودناه ، لكن جراح الحسرة الراقدة في عمق قلوبنا تستثار وتتهيج بعنف عندما تداهمنا أو تلفت نظرنا مشاهد من أحداث العالم الذي يموج من حولنا بالحركة بينما نحن ثابتون نغوص من ثقل الجمود في قاع المكان عينه الذي تحجرنا فيه.. هذا تماما ما حدث لعبد الله الفقير حين لاحظت مفارقة أن الرئيس مبارك كان يبدي كل هذا العناد والعداء للتغيير الديمقراطي السلمي بعدما أمضي ثلاثة عقود يحكم البلاد علي النحو المأساوي الذي نعرفه، وفي اليوم نفسه ذهب الشعب البريطاني المقيم معنا علي كوكب الأرض إلي صناديق الاقتراع (لم يقتله أحد علي أبواب اللجان) ليغير ويسقط «حزب العمال» من مقاعد سلطة تربع عليها ثلاث دورات انتخابية متتالية لم يتجاوز مجموع سنواتها 13 عاماً!!
هل كان الملل والرغبة أو النزوع الفطري الجماعي لتغيير منظر المسرح السياسي هو ما دفع الناخب البريطاني لإزاحة حزب العمال من السلطة حتي من دون أن يمنح ثقته الكاملة لمنافسه اللدود «حزب المحافظين» علي ما تشير الأغلبية البرلمانية غير الحاسمة (306 من مجموع 650 مقعداً في البرلمان) التي حققها هذا الأخير؟!
في الواقع هناك دراسات علمية جادة لا تستبعد تماماً عامل الملل (ضمن عوامل أخري غير موضوعية) من ممارسة بعض التأثير في سلوك الناخبين في المجتمعات الديمقراطية المستقرة، بل إن نفراً من المفكرين يذهبون إلي أن التعبير السياسي عن «الزهق والملل» حق إنساني مشروع لا يجب أن يثير الاستهجان، ومع ذلك فإن هذا العامل (مع عدم استبعاده كلياً) لم يكن طبعاً صانع نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة التي غزتها مظاهر أمركة نادرة لا تخطئها عين، مثل المناظرات التليفزيونية بين زعماء الأحزاب الرئيسية المتنافسة، والحضور غير المسبوق لزوجات هؤلاء الزعماء واستخدامهن في حملات الدعاية الانتخابية..إلخ.
لقد كان الدافع الأساسي والرئيسي لقيام الشعب البريطاني بمعاقبة حزب العمال حسب الظاهر من المعطيات التي جرت الانتخابات في ظلها هو اكتشاف قطاعات واسعة من الجمهور حجم الزيف والمخاتلة الراقدة في أحشاء فكرة «الطريق الثالث» التي سوقها الزعيم العمالي الشاب توني بلير بمهارة فائقة في انتخابات عام 1997 (لم يكن عمره تجاوز ال43 عاماً آنذاك) واستخدمها كسلاح فعال في إنهاء الحقبة «التاتشرية» ذات الصبغة اليمينية المتشددة والتي ارتبطت باسم الزعيمة الحديدية لحزب المحافظين «مارجريت تاتشر» إذ ينسب لهذه الأخيرة أنها وضعت مع الرئيس الأمريكي المعاصر لها «رونالد ريجان» الأساس القوي لما يسمي «النيوليبرالية» وإنزال قوانين السوق المنفلتة من أي قيد منزلة التقديس وتحويل «الخصخصة» إلي دين وديدن الطور المتوحش المعاصر من الرأسمالية ذلك الذي أصاب البشرية جمعاء بكوارث لم يكن آخرها ولا أسوأها الأزمة المالية العالمية بكل تداعياتها المستمرة حتي الآن (انظر ما يحدث في اليونان).
لكن نظرية «الطريق الثالث» التي روجها بلير حاولت أن تبيع للناس بديلا «لفظيا» للتاتشرية والريجانية يقوم علي ادعاء وجود «شيء آخر» مبهم بين الرأسمالية التي فرضت ملامحها المتوحشة علي العولمة الجديدة وبين الأفكار الاشتراكية التقليدية، هذا الشيء هو نفسه «الطريق الثالث» حيث لا داعي لمعاداة عقيدة السوق بل احترامها مع ترشيدها ما أمكن، غير أن ما حدث في الواقع أن «التاتشرية» استمرت في عصر بلير مع بعض الزواق، وواصل حزب العمال تنفيذ مهمة تحرير الأسواق المالية وغيرها، وخفض الضرائب علي الأغنياء وتطويع سوق العمل ليناسب نهم وطمع أصحاب الأعمال، فضلاً عن خصخصة وتفكيك الخدمات العامة وإنهاء مكاسب «دولة الرفاه»..(لاحظ التشابه مع ما تفعله «سياسات» جمال مبارك عندنا).
باختصار.. لقد اكتشف الناخب البريطاني أن «العمال» نشلوا ثقته بعدما نشلوا برامج وسياسات المحافظين واليمين عموماً ونفذوها هم بحذافيرها، ثم أكملوا الجريمة بالسقوط الأخلاقي المروع عندما ذهبوا إلي أبعد مدي في زيل الرئيس الأمريكي المدحور جورج دبليو بوش وعصابته وخاضوا معه حروبه العبثية في العراق وأفغانستان..لذلك كله جاءت نتيجة الانتخابات الأخيرة في بريطانيا عقابية أكثر من كونها تصنع بديلاً.
وعقبالنا يارب..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.