في روايته 1984وعلي الرغم من دقة ما تصوره جورج أورويل عن نظام القمع الإلكتروني الذي سماه بالأخ الكبير لم يضع افتراض أن يمتلك الشعب التكنولوجيا تماماً كما يمتلكها النظام، أو أن التكنولوجيا ستكشف النظام وتعرّيه وتمنحه بإصراره علي العبط والاستعباط لقب الأخ العبيط بدلاً من الأخ الكبير، ولأن نظام الحكم لدينا عجوز ومتهالك وتربية خمسينيات وستينيات فهو عاجز عن استيعاب ومواكبة التطوّر وصار هو وأمنه المسعور أشبه بديناصورات متخلفة في زمن سفن الفضاء أو أشبه بسلحفاء سياسية عمياء في زمن الفمتوثانية والسماوات المفتوحة.... ولو أن هذا الأسلوب الذي شاهدنا بتاع الحديد يتحدّث ويبرر به أمام العالم المتحضر كله هو أسلوب حزبه وتفكير النظام الذي يحمي احتكاراته، فمن الطبيعي أن يتعطّش الشعب عن بكرة أبيه للتغيير سواء بالبرادعي أو بغيره.. المهم التغيير والمهم أن يغور هذا النظام بقرفه وفساده واحتكاراته والمتحدثين الخايبين باسمه والذين يمثلون أسوأ صورة لديناصوريته..... ونظام الديناصورات هذا يدرك جيداً أن زمنه قد انتهي وولّي ولكنه التجبّر والتكبّر وشهوة السلطة وعمي النفوس والنفوذ..... إنه نظام يصلح للحكم في زمن المماليك وليس في زمن التطوّر وحتي في محاولته السيطرة علي الشعب يمارس هذا بأسلوب البلطجي الأهبل الذي لا يفك الخط... رئيس الوزراء رجل كمبيوتر وعلي الرغم من هذا يصدر أحد ديناصوراته قراراً بمنع موقع شهير للاتصالات الدولية متصوّراً أنه بهذا أنقذ حصيلة الاتصالات غير مدرك لأنه ديناصور أنه هناك أكثر من ألف وخمسمائة موقع آخر، يمكنها القيام بالمهمة نفسها وضربه علي قفاه ليل نهار وهو جالس كالديناصور العبيط خلف مكتبه وديناصوريته تصوّر له أنه مادام يمتلك سلطة المنع فلا راد لقراره في نفس الوقت الذي يبني فيه نفس الموقع برنامجاً جديداً يتجاوز منعه دون حتي أن يدري أو يشعر، وفي نفس الوقت الذي أنشأت فيه الإدارة الأمريكيةالجديدة إدارة خاصة لنشر مئات البرامج عبر شبكة الإنترنت مهمتها كسر وتجاوز نظم وقرارات المنع الديناصورية البلطجية الفاشية المتعفنة... باختصار لسنا في رواية أورويل التي يحكم فيها الأخ الكبير المجتمع.. إننا نشاهد مسرحية الأخ العبيط التي يعجز فيها أصحاب الفكر العبيط عن أن يحكموا بيوتهم نفسها، لأن فكرهم شاخ وتعفّن وفسد وفاحت رائحة فساده حتي زكمت أنف العالم كله، وهم يؤكدون أن فسادهم طيب الرائحة ومستحمي الصبح علي الرغم من أن المذيع الذي يستضيفهم يرتدي كمامة ليخفي ضحكاته الساخرة أو اشمئزازه أوّلاً وليتقي رائحة الفساد العبيط النتنة ثانياً.... ولهذا لزم التغيير.. ولنا بقية.