في كتابه «الاستشراق والدراسات الإسلامية لدي الغربيين» - الصادر عن المركز القومي للترجمة بترجمة لمحمد نور الدين عبدالمنعم- يحلل المؤلف الإيراني محمد حسن زماني الذي كانت له صولات وجولات في نقد آراء المستشرقين ظاهرة الوجود الواسع والنشط للمستشرقين في بلدان الشرق مستعرضا سلسلة النتائج الإيجابية منها والسلبية التي ترتبت علي وجودهم منذ عهود طويلة، ومؤكدا أن الاستشراق عند الغربيين ودراسة الغرب عند الشرقيين كانا بمثابة مصباح يضيء الطريق لكلتا القوتين. ويعرض المؤلف وجهات نظر المفكرين المسلمين ومواقفهم حول أهداف المستشرقين، فقد أبدي بعض الشرقيين غراما وشغفا زائدا عن الحد بهم جعلهم يقلدونهم في كل الميادين ووجهات النظر والسلوكيات، وفي المقابل اختارت جماعة جانب التشدد فأصبحوا ينفرون من كل ما هو غربي ومستشرق بسبب ما وجدوه من مؤامرات ومظاهر خداع وسلطات مستغلة وإساءات مهينة من الغربيين والمستشرقين، فأصبح الاستشراق في نظرهم أداة للخيانة والخداع وتسلط الغرب علي الشرق، وسلكت جماعة أخري- يميل إليها رأي المؤلف- طريق الاعتدال آخذة في الاعتبار واقعية كلا النوعين من المناهج واختلاف الدوافع. ويؤكد المؤلف أن المستشرقين كانوا ولفترات طويلة، جنود ثقافة الحكومات الغربية ومخططي الغزو العسكري والسياسي والعقائدي والاقتصادي، الذين تواجدوا في الصفوف الأمامية لخوض المعركة الكبري بين الشرق والغرب، مدللا علي ذلك بانتقال آلاف من الكتب والمخطوطات الإسلامية من الشرق إلي المكتبات في دول أوربية، موضحا أن ذلك كان عبر منهج منظم قام به عدد من المستشرقين، ومنهم فرنسي سافر إلي اليمن في القرن التاسع عشر الميلادي علي أنه يهودي فلسطيني حتي لا يكون محل شك وأخذ يتجول في مدن نجران ومأرب وجمع من هناك 686 وثيقة تاريخية وعاد بها إلي بلاده، مؤكدا في الوقت ذاته أنه من الظلم الحكم علي المستشرقين حكمًا واحدًا باترا وأن جميعهم لم يكونوا مثل ذلك الفرنسي الذي سرق المخطوطات، ليكون السؤال.. كم منهم إذن كان مثله؟