أسعار الجمبري والكابوريا اليوم السبت 4-5-2024 في محافظة قنا    عمرو أديب عن الفسيخ: "مخلوق مش موجود غير في مصر.. تاكله وتموت سعيد"    مصدر ل تايمز أوف إسرائيل: صبر واشنطن مع حماس بدأ ينفد    8 مستندات لتحديد تاريخ مخالفة البناء.. اعرفها لتقديم طلب التصالح    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024.. عز 24155 جنيها للطن    توريد أكثر من 16 ألف طن قمح بالإسكندرية    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    أسعار الذهب في بداية تعاملات السبت 4 مايو    حسين هريدي: أمريكا لا تؤيد فكرة وقف إطلاق نار دائم في غزة    دبلوماسي روسي ينتقد الاتهامات الأمريكية بتورط موسكو في الهجمات الإلكترونية على أوروبا    بلينكن يقول إن هجوما إسرائيليا على رفح سيتسبب بأضرار "تتجاوز ما هو مقبول    جيش الاحتلال يعتقل 5 فلسطينيين من بلدة سبسطية شمال غربي نابلس بالضفة الغربية    الزمالك يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة سموحة    موعد مباراة الأهلي والجونة والقنوات الناقلة في الدوري المصري    بداية من اليوم.. ممنوع دخول المقيمين إلى مكة المكرمة إلا في هذه الحالة    تصل ل600 جنيه.. سعر اللوحات المعدنية في قانون المرور الجديد (تفاصيل)    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    مونودراما فريدة يختتم لياليه على مسرح الطليعة في هذا الموعد    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب : بين بطرس والحجار

استمعت إلى أغنية (جوليا بطرس) الرائعة (أنا بتنفس حرية)، وها هي كلماتها:

أنا بتنفس حرية ما تقطع عني الهوا
لا تزيدها كتير علي أحسن ما نوقع سوى
ما بتقدر أبدا تلغيني بدك تسمعني وتحكيني
وإذا فكرك عم بتداويني مش هَيْدا هوي الدوا
يا ريتك مني بتسمع بيكفّي كل اللي صار
القوة هي اللي بتوقع إن وقفت بوجه الأفكار
ها الدنيا بتساع الكل وحدها الحقيقة بتِْضَل
وإذا بدك بنلاقي الحل لولا بنفكر سوا
صوت الحرية بيبقى أعلى من كل الأصوات
مهما تعصف ريح الظلم بيغطي الليل المسافات
ما فيك تلون هالكون عبعضُه بذات اللون
وتبدل نظام الأرض وتغير مجرى الهوا
أنا بتنفس حرية ما تقطع عني الهوا
لا تزيدها كتير علي أحسن ما نوقع سوى

إن طبّقنا كلمات هذه الأغنية على الحالة المصرية، فسنجد أن الموسيقى لغة عالمية فعلا، وسنجد أيضا أن الأغنية تقرر عدة حقائق مهمة: أن الحرية للشعب هي كالهواء الذي يتنفسه، وأن قمع حرية الشعب سيترتب عليه انهيار البلد، وأن حل المشكلة لا يمكن أن يكون بالقوة الغاشمة الظالمة، وأن قوة السلاح مهما بلغت لن تستطيع أن تقف في وجه الفكر، وأن في الوطن متسع للجميع بقوة الحق، وأن الحوار هو الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق الحالي، وأن صوت الحرية هو أعلى صوت مهما استمر الظلم واستمرأه الطغاة، لأنهم لن يستطيعوا تغيير نظام الأرض؛ كما لا يستطيعون تعديل اتجاه الريح.. كلمات نبيل أبو عبدو غنتها جوليا بطرس وتنطبق على الحالة المصرية والسورية والفلسطينية والليبية والتونسية، وبقية الدول العربية التي عانت منذ منتصف القرن الماضي من أنظمة حكم الطغاة.


كما ترى عزيزي كلمات الأغنية تقطر وطنية وواقعية وتعطشا للحرية، لتصف بالضبط ما يمكن أن يقوله الشعب المسحوقة إرادته، المسلوبة حريته، للطاغية الذي يسحق هذه الإرادة، ويسرق هذه الحرية.


بعد أن استمعت إلى جوليا؛ وبدافع حب استطلاع عنوان الأغنية الثانية (إحنا شعب وانتو شعب)، استمعت إلى (علي الحجار) يغنيها، وها هي كلماتها:

إحنا شعب وانتو شعب
واللي هز القلب منا عمر ما هزلكوا قلب
رغم إن الرب واحد
لينا رب وليكو رب
إحنا عشاق الإرادة والحقيقة واليقين
وانتو تجار المنابر النازلين الصاعدين
المصالح والمناصب الآكلين الشاربين
واما أمريكا بتأمر تصرخوا بقولة آمين
إحنا شايفين إن دينّا دعوة للنور والحضارة
وانتو حاصرينه فحكاية توب قصير أو ستارة
إحنا شايفين ابن سينا وابن رشد والحسين
وانتو شايفين ابن لادن والكهوف المظلمين
إحنا مصري بسيط وراضي عسكري جاي من النجوع
يسمع الراديو الصغير والأدان يملاه خشوع...



كلمات الأغنية تقطر سوادا وحقدا وإقصاء وكراهية، للحرية وللمطالبين بها، وهي مترعة بكل افتراء وكذب وتضليل ومقارنات ظالمة، فإن كان مدحت العدل؛ كاتب كلماتها؛ يتهم الإخوان بتقسيم مصر؛ فمن الذي يقسمها الآن ؟ وإن كان يتهمهم بإقصاء الآخرين بالأخونة؛ فمن الذي يقصي الآن بالعسكرة ؟ وقرر نوعية (المصري) الذي يريده في قوله: إحنا مصري بسيط وراضي.. هنا تصل الرسالة التي يريدها توصيلها كلٌ من العدل والحجار، أهم حاجة في المصري الأصيل الشريف إنه يكون راضي، راضي بالقليل، راضي بالحكم المستبد، راضي بإلغاء الإرادة، راضي بسحق الكرامة، راضي بالشتيمة وسب الدين والأم والأحياء والميتين؛ كما أي عسكري (بسيط) في مصر، راضي بكل ما يلقنه له الإعلام في الراديو الصغير، حتى وإن كان فصلا له عن واقعه البسيط المرير، أو تقسيما لنجعه أو قريته إلى نصفين متناحرين، أحدهما إخوان ومؤيدون للشرعية يجب إقصاؤه، والآخر مؤيد للانقلاب على النظام الدستوري، حتى وإن قُتِل الآلاف من النصف الآخر؛ فقتلهم حلال، بل وواجب مع كامل الرضا من عسكري النجوع الذي يمثل الشعب المصري في نظر (العدْل)! ويصل (الشاعر) إلى قمة انفعاله وتصديقه لنفسه في كل ما ذكر في نظمه الركيك عن الشعب (الآخر)، من الجهل والإظلام والانتماء للقاعدة والتجارة بالمنابر، والأكل والشرب ! والصعود والنزول للمصالح والمناصب ! فيأمر الشعب المغضوب عليه بأمر الشعب (الشريف) الأصلي البسيط الراضي، الذي ينتمي إليه حضرته، أمْره الذي ختم به نظمه العنصري:



لمّ غنمك أو جمالك
أو مباخرك أو عيالك
والمشانق من حبالك
والعشيرة والخيام
خد زعيقك خد صريخك
خد فتاويك واللجام
خد حرام حرام حرام
حلال عليك يا مسيلمة
اللى سرقته مننا
وإبعد بعيد عن أرضنا
لأنكوا ولإننا
إحنا شعب وإنتو شعب !

آه قل لي كده بقى ! أنتم يا سيد مدحت؛ وأعني الشعب الذي تحدثت باسمه؛ لا تريدون في حياتكم شيئا حراما، قتل الأبرياء ليس حراما، لذلك لم يهتز لكم جفن حين قتلتم آلاف المصريين، واعتبرتم القتل بطولة، لأن القتلى من الشعب الآخر، الكذب على الناس بالإعلام ليس حراما، لذلك زوّرتم واتهمتم ولفّقتم، واعتقلتم وخنقتم وأحرقتم، لأن المفعول بهم من الشعب الآخر، الاعتقال والتعذيب وإحراق الجثث ليسوا حراما، لأن المعتقلين والمعذَّبين والمحرّقة جثثهم من الشعب الآخر، سحق إرادة الشعب ووضعها تحت بيادة الظلم ليس حراما، العري والدعارة و(الإبداع) الفني الجنسي ليسوا حراما، لأن ربكم الآخر لا ينهاكم عنها، ورب الشعب الآخر لا يستحق أن يُعبَد، ثقافة الشذوذ والحرية الجنسية ليستا حراما، لأن من يروج لهما ليس من الشعب الآخر، وإنما هم من شعبك (الشريف العفيف)


! نقد الله وسب ذاته والسخرية من دينه ومن معتنقيه ليست حراما، لأنك قلت في أول نظمك أنكم لكم رب، أما رب الشعب الآخر فهو رب المتخلفين والمباخر والمجاذيب، الفساد والإفساد والنهب والسرقة ليسوا حراما، لأنك تريد من يحرّمها أن يرحل بعيدا، تسويد حياة الناس وسرطنة طعامهم وتلويث مياه شربهم بالمجاري ليست حراما، لأن شعبك الذي ذكرت لم يعان منها ولم يذق نارها وقذارتها، وتريد من يدعو إلى تحريم كل هذه الجرائم أن يأخذ تحريمها ويخرج من البلد، لقد مسخت كل قيمة في نظمك يا مدحت، وظلمت الشعب المصري بكلماتك يا (عدْل)، واتهمت الشرفاء بالكذب والسرقة زورا، ودلّست على كل القيم الإنسانية بهذه الأغنية، التي أعتبرها أسوأ ما سمعت في حياتي..


بعد أن استمعت إلى أغنية الحجار بعد أغنية بطرس؛ أحسست كأنني قرأت أولا رواية لنجيب محفوظ جالسا في المكتبة الظاهرية بدمشق، ثم أتبعتها – وياللأسف - بقراءة رواية من روايات عبير وأنا في الحمام.. إسلمي يا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.